يستعد الشعب الموريتاني لتنصيب رئيسه المنتخب محمد ولد عبد العزيز يوم السبت الـ2 أغسطس القادم في أجواء احتفالية نادرة وبحضور دولي غير مسبوق.
الشعب الذي انتخب رئيس الجمهورية بشفافية ونزاهة شهدت بها المنظمات والهيئات الوطنية والدولية، هو من سينصب هذا الرئيس أيها السائلون عن "من ينصب من"؟
لم تكن الانتخابات الرئاسية الماضية عادية بكل المقاييس لا من حيث الظروف ولا الآليات ولا الأطر القانونية المنظمة، فلأول مرة في موريتانيا تجري الانتخابات بعيدا وصاية وزارة الداخلية وتحت إشراف هيئة وطنية مستقلة مشكلة بتوافق وطني عز نظيره بين المعارضة والأغلبية.
ويكفي لدحض أقاويل المرجفين أن جميع المشاركين في الانتخابات أقروا بنزاهتها وشفافيتها وتبادلوا التهانئ فيما بينهم، وفوق ذلك هنأت الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي موريتانيا بهذا الانجاز التاريخي غير المسبوق.
أما الذين يتباكون كالنساء على أمجاد لم يصونها كالرجال فمصيرهم على هامش الحياة، مفعول بهم غير فاعلين في مشهد وطني لم يعد يقبل بأنصاف الساسة ولا بالمنتفعين بها.
لقد شاهدت عن قرب بأم عيني في أرياف مدينة لعيون – حيث تقاسمنا معهم كبعثة مشاق الحملة- آلاف الموريتانيين يتحدون حرارة الصيف وشمسه الحارقة، ودعوات المقاطعة ومطالب الرحيل وهم يقفون في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم في هذا العرس الانتخابي، يحدوهم حب الوطن والغيرة على أبنائه..
كان المشهد يعكس بجلاء تشبث الموريتانيين برئيسهم الذي لم يخلف لهم الوعد يوم أعلن أنه نصير للفقراء والمحرومين، فأقام البنى التحتية، وأسس لثقافة جديدة في القاموس السياسي الموريتاني، وانتصر للثقافة والهوية التي كانت ضائعة، فأطلق قناة المحظرة بعد إذاعة القرءان الكريم، وطبع المصحف وأمر ببناء أكبر مسجد في موريتانيا على الإطلاق.
إن موريتانيا التي يقودها الرئيس محمد ولد عبد العزيز تختلف كثيرا عن تلك التي عهدناها في العقود الماضية، وذلك ما لم تستوعبه بعد العقلية المتحجرة لبعض المفلسين سياسيا وأخلاقيا، وربما لن تستوعبه لا في القريب العاجل ولا البعيد الآجل.