هل أنت مواطن موريتاني..؟ وما هو غذاؤك اليومي..؟ وهل تشرب الشاي أو القهوة..؟ وتأكل الطعام وتمشي في الأسواق...!
إذا كنت مواطنا موريتانيا وغذاؤك الكسكس ... أو العيش واللبن وتشرب الشاي.. وتأكل اللحم المشوي .. وتلبس الزي الموريتاني (الدراعة ـ الملحفة) مع العمامة أو الطربوش وكان الجواب بنعم فأنت موريتاني بالطبع ومن المستهدفين بهذا السؤال ، هل كنت تشارك في حملة المشاعل ليلة عيد الاستقلال الوطني 28 نوفمبر ...؟ هل أنت من أولئك الذين يؤدون التحية للعلم الوطني ..؟ ويقفون له وقفة إجلال وإكبار ... ويرفعونه في السماء بحذر وإخلاص ..
هل كتبت عنه شعرا .. أو نثرا ، أو غنيت له بأعلى صوتك ، أو رقصت أو صفقت له ، سواء كنت في المدرسة أو الميدان مهما كان هذا الميدان.. هل شاهدت يوما هذا العلم (الأخضر الذي يحمل النجم والهلال الذهبيين) وأنت في داخل بلدتك أو في غربة خارجه ، ماذا وقع لك؟ .. هل انتابك شعور بالتقصير في اتجاهه أم الحزن عليه؟ أم فرحة عامرة نحوه؟ هل بكيت عليه في يوم من الأيام؟ وإذا كنت فعلا قد بكيت عليه .. فأنا أنصفك .. إنها دموع الوطن .. دموع ليست كالدموع .. دموع المحبة والأخوة .. دموع الأرض الغالية والأهل والأحباب.. دموع الماضي والحاضر والمستقبل .. دموع شعبا ضحى بأكمله بشيوخه ونسائه وشبابه وجميع مكونات شعبه المختلفة .. كل هذا موجود في صورته صورة العلم الوطني (العلم الأخضر رمز للسلام والنور والإسلام ، فهو رمز مجدنا وأصالتنا ، فقد ضحى في سبيله الرجال كما غنت له النساء وخاصة الفنانة الكبيرة والقديرة المرحومة: ديمي بنت آبه رحمها الله في أغنيتها الشهيرة التي تمجد فيها الوطن والعلم (فوك راي خضر والنجم والهلال..الخ) كما غنى له الشعراء وحياه الشعب بأكمله ورفرف داخل التراب الوطني وخارجه معترفا به في جميع دول العالم بأكمله ومشهود له بالسلام وبالعلم والأمن .. وبالدبلوماسية كما يقولون ..! إذا فلماذا نغيره.. وإذا كان لابد لنا من تغييره فلماذا لا نغير أنفسنا أولا ..؟
إذا فعلينا أن نغير أنفسنا .. كما نطور عقلياتنا .. ومفهومنا للوطن والمواطن قبل تعديل الدستور وتشويه العلم الوطني ..! أو حتى النشيد الوطني هو الآخر لا يمكن أن يدس عليه بالنعل مهما كانت النوعية ..! فالمواطن الحقيقي (إذا كان هناك مواطن حقيقي) لا يمكنه أبدا مهما كانت دوافعه أو أغراضه أو تضحيته أن يصوت على تغيير العلم الوطني أو تشويهه على الأصح ، وذلك حسب تصوري أن أي مواطن كان يخدم هذا الوطن مهما كانت طبيعة خدمته تحت هذا العلم لا يمكنه أن يصوت على تغييره بين عشية وضحاها طبقا للمثل القائل: "من شب على شيء شاب عليه".
إن تركيز الدولة والأسرة والهيئات المعنية من الناحية التربوية بما في ذلك إعداد المناهج والبرامج التي تمجد هذا الوطن والتضحية في سبيله طيلة نصف قرن من الزمان لا يمكنها أن تذهب سدى في تشويه العلم .. وإلغاء النشيد الوطني ..! وهذا هو ما وقعنا فيه سابقا عندما كانت البلاد معروفة ببلاد شنقيط .. وأصبحت موريتانيا حينها أصبح البعض يبكي أو يتباكى على ذلك الاسم (الوسيط في تراجم أدباء شنقيط) (شنقيط المنارة والرباط) (تلفزيون شنقيط) (فندق شنقيط) (جامعة شنقيط) ، كما أصبح الآخر يقتصرها باسم (شنقيتل) ..الخ ، وغيرها ، كل هذا من أجل ذلك الاسم اللامع وحتى الحصول على تزكيته وبركته ..! لماذا لأن كلمة موريتانيا ليست معروفة .. وإذا كانت معروفة فهي معروفة بشيء آخر على سبيل المثال لا الحصر (موريتانيا ألوان ـ موريكوم) كما اختار البعض الآخر اسم المرابطون لفريقنا الوطني ، لكنه للأسف لم يحقق شيئا يذكر .. ولكن ربما يبحث عن اسم آخر .. أو حتى علم آخر .. وربما نشيد وطني آخر...! وهذا هو ما وقعت فيه الحكومة أو الأغلبية الحاكمة على الأصح ، فهي لم تأت بمشروع وطني كبير أو حتى تنفيذ برنامجها الانتخابي (تشغيل الشباب ـ تحقيق العدالة ـ تخفيض الأسعار) فلجأت إلى رموز السيادة ، وقالت نفس ما يقوله فريقنا الوطني المرابطون أن المشكلة في نشيدنا الوطني فهو نشيد صوفي لا يتلائم مع العصر وتنقصه روح الوطنية ..الى آخر القائمة المملة ، وهنا أنتهز الفرصة وأقول أن ما ينقص فريقنا الوطني هو التدريب مع الوجبات الصحية الخفيفة والراتب المحترم كما أن الشعب هو الآخر يريد أن تتحقق آماله في مأكله ومشربه وصحته وتنقله قبل (علمه) ونشيده الوطني الذي يردده بصوته المبحوح، وهنا أقول لمن يهمه الأمر إذا كان نشيدنا الوطني قبل التعديل ليست فيه روح الوطنية التي تخدم التضحية فإنه يحتاج إلى الروح الرياضية التي تخدم الكرة الوطنية .. كما يحتاج إلى الروح الوطنية التي تخدم الإدارة العمومية بما في ذلك المالية والصحة والوطنية بما في ذلك البلدية .
إن المشكلة ليست في نشيدنا الوطني، بل في عدم قراءته أصلا .. وحفظه لأنه من جهل شيئا عاداه .. ومن لم ينصر الإله .. وينكر المناكر .. ويكون مع الحق .. ويسلك سبيل المصطفى ويموت عليه سائرا .. فلن يضحي في سبيل الوطن.. لا بنفسه ولا بماله ولا بوقته .. ولا بصوته..! لأننا شعب له خصوصياته.. ويحمل شعار الجمهورية الإسلامية الموريتانية وله دستور مصادق عليه من طرف الشعب ولا يمكن إجراء أي تعديل فيه إلا لسلطة الشعب من أجل الاستفتاء عليه لكن بشرط أن يكون استفتاء نزيها وشفافا .. إذا كان ضروريا ولا بد منه بالنسبة للأغلبية الحاكمة وخاصة الحزب الحاكم (هذا الحزب الذي لم يبلغ سن الرشد بعد وما زال قاصرا .. وقاصرا عن تقديم أي حلول أو معالجات للأزمة الدستورية الراهنة) وهنا أقول لرئيسه الأستاذ: سيد محمد ولد محم ومعاونيه أنه لا داعي "للخطوط الحمراء"، وأنه بإمكانه أن يقترح أن يكون العلم الوطني هو شعار الحزب (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية) ويمكن أن نعبر عنه بقول الشاعر:
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
كما يكون النشيد الوطني هو نشيد (عزيز) المعروف في وسائل إعلامنا الرسمية وغير الرسمية من أجل أن يبقى الحزب (الحزب الحاكم) هو الحاكم (بعد غياب رئيسه) في المأمورية القادمة أو بعضها على الأقل ، كما كان حاكما ومحكوما قبل غيابه .
بقلم: محمد عبد الله ولد أحمد مسكه / كاتب صحفي
مهتم بالقضايا الوطنية