عود لملء هذا الفراغ بعد أسبوعين كنت خلالهما في عزلة تامة عن الأحداث... لم أعد من عزلتي بأخبار تذكر و لا أتخيل أن الصفحة الأخيرة قد بللتها دموع القراء حزنا علي هذا العمود الغائب...
تصفحت الجرائد التي صدرت في غيابي فإذا بالعناوين لم تتغير: )لص يسرق هنا و مجرم يقتل هناك... حزب جديد يولد علي أنقاض حزب قديم ... تلاسن حاد بين زعيميْن سياسيَّيْن ... ترخيص لشركة غربية للتنقيب عن معدن نفيس في منطقة جرداء... مطالبة بطرد سفير الكيان الصهيوني و برفع الحصار عن غزة... عائدون من الغربة غير راضين عن ظروف استقبالهم... معلمون و أساتذة يهددون بالإضراب... أرباب أسر يشكون من ارتفاع الأسعار... دكاترة عاطلون عن العمل يعتصمون أمام مبني إحدي الوزارات... مسؤول كبير يثمن التجربة الديمقراطية و يعدد ما تنعم به البلاد من ثراء و استقرار و ارتفاع لنسبة النمو...)
لا جديد و الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه.
لم يلفت انتباهي إلا عنصر إخباري تابعته خلال الأسبوع الماضي علي شاشتنا الصغيرة... يقول الخبر الغريب إن كل البيوت الموريتانية ستكون مجهزة بهواتف خاصة يتصل من خلالها الأطفال بالشرطة لحمايتهم من عنف الآباء و الأمهات... سمعت مرة أن هذه الأرقام موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية و في بعض الدول التي أفرغت من تسوية مشاكل الكبار...و لكني لم أتصور في يوم من الأيام أن مجرد التفكير في هذا الأمر سيحدث في بلادي قبل الألفية الرابعة...
و لم أفهم في الوهلة الأولي قبل أن يشرح لي أحد "الناشطين" أن الأمر لا يعدو كونه مغالطة لهيئات التمويل المهتمة بحقوق الطفل... فتذكرت المواطن الذي أعلن اعتناقه للمسيحية ليحصل علي تأشيرة دخول لأوربا "و قلبه مطمئن بالإيمان"... و تذكرت مقولة "كبولاني" الشهيرة: "سأحتل ما وراء الضفة اليمني من النهر بالمال لا بالسلاح"... فما هي قصتنا مع المال؟ و أين قيمنا الفاضلة و منظومتنا الأخلاقية و ما تقوله عنا كتب التاريخ؟ و هل ارتفاع سعر البرميل كفيل بتخلينا عن "بقية أخلاق و شيء من التقوى؟"