الصندوق بشر بمعدل نمو 4.2 ٪ في العام الحالي
كشف فريق من خبراء صندوق النقد الدولي في ختام زيارة عمل لموريتانيا أنهاها للتو، عن تحضير السلطات الموريتانية لبرنامج اقتصادي ومالي واعد ومتعدد الآفاق.
وأكد أريك موتو رئيس فريق الخبراء في بيان وزعه عن نتائج زيارة الفريق لموريتانيا، واطلعت «القدس العربي» على فحواه «أن البرنامج الذي تتوقع انطلاقته قريبا، يستند على عدة ركائز بينها تدعيم مكاسب جهود الميزانية عبر تحديث السياسات الضريبية والرفع من كفاءة إدارتي الضرائب والجمارك، وتحديد أولويات الإنفاق والاستثمار العام والتحكم في الدين العام، ومن دعائم هذا البرنامج زيادة النفقات الاجتماعية، تحديدا في مجال التعليم والصحة، وتعزيز محاربة الفقر، إلى جانب اعتماد سياسة نقدية وإدارة أكثر نشاطا للسيولة، وتحسين أداء سوق الصرف وإضفاء مزيد من المرونة».
ومن ركائز البرنامج الذي يجري التحضير له، حسبما كشف عنه فريق خبراء صندوق النقد، «تعزيز الرقابة المصرفية واعتماد إطار تنظيمي لضمان استقرار النظام المالي وزيادة الائتمان للقطاع الخاص، ومواصلة الاصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال والحكامة الاقتصادية، من أجل تحسين التنافسية وتشجيع تنويع الاقتصاد».
وأشار رئيس فريق خبراء صندوق النقد إلى «أن من المهم لموريتانيا، في إطار تنفيذ هذا البرنامج الاقتصادي، الحد من اللجوء إلى قروض خارجية جديدة بشروط غير ميسرة، وذلك من أجل تجنب تراكم الديون الذي يهدد استدامة المديونية الخارجية والمالية العامة» كما أكد الخبير على أهمية «البحث عن دعم من شركاء التنمية على شكل هبات وقروض ميسرة من شأنها أن تسمح بتمويل الاستثمارات الضرورية لتحقيق النمو الشامل مع ضمان استدامة المديونية الخارجية».
وقال «أن مباحثات فريق خبراء صندوق النقد الدولي ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة حيث أكد الطرفان على أهمية التقدم السريع المحقق».
وأضاف أريك موتو «لقد كيفت السلطات الموريتانية بشكل حازم سياستها الاقتصادية مع الظرفية الصعبة التي استمرت أزيد من عامين بعد تراجع حاد في أسعار المواد المعدنية، فواجهت هذه الظروف عن طريق تخفيض حاد في عجز الميزانية العمومية بنسبة تفوق 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016، مع تعبئة القروض والمنح الخارجية، وباستخدام سعر الصرف لاستعادة القدرة التنافسية».
ويضيف «ثم إنها أيضا، بدأت سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية الكبرى مع مواصلة الاستثمار العمومي، خاصة في مجال البنية التحتية، وقد ساهمت هذه الاصلاحات في الحد من اختلال التوازنات الاقتصادية الكلية حيث ظل التضخم منخفضا عند نسبة 1،5٪ في المتوسط، وانخفض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات إلى 16٪ من الناتج المحلي الاجمالي (12٪ باستبعاد واردات النشاط الاستخراجي الممول باستثمارات خارجية)، كما استقرت احتياطيات الصرف عند 5 أشهر ونصف من صادرات القطاعات غير الاستخراجية».
وزاد «ومع ذلك، وعلى غرار البلدان المصدرة للمواد الأولية، ظل النمو منخفضا بمعدل يقدر مؤقتا ما بين 1،5٪ و2،1٪، وزيادة في الدين الخارجي ولو بوتيرة متباطئة، ليمثل 72٪ من الناتج المحلي الاجمالي دون احتساب متأخرات الدين تجاه الكويت.
وأكد رئيس فريق خبراء صندوق النقد «أن آفاق انتعاش الاقتصاد الموريتاني في المدى القصير جيدة، بدعم من ارتفاع أسعار المواد الأولية، على الرغم من أن هذا الانتعاش قد يكون ظرفيا، وكذلك تحت تأثير الاستثمار العام، ومن المتوقع أن يسهم تطور قطاع استخراج الغاز خلال السنوات المقبلة في دعم النمو مستقبلا».
وحذر أريك موتو «من استمرار التحديات متعددة، وبخاصة فيما يتعلق بدعم النمو، وخلق فرص العمل، والحد من الفقر الذي يظل يشكل تحديا كبيرا على الرغم من التقدم المحقق، إضافة للتحدي الخاص بترسيخ التوازن الاقتصادي الكلي مع ضمان استمرارية استدامة الدين الخارجي في المدى المتوسط».
هذا وتوقعت مصالح صندوق النقد الدولي المتابعة لتطورات الاقتصاد الموريتاني في آخر مؤشرات تنشرها، أن يصل النمو الحقيقي للناتج الداخلي الخام في موريتانيا لمعدل 4.2 في المئة خلال السنة الجارية.
ويبشر هذا التوقع بتعافي الاقتصاد الموريتاني مرحليا بعد الهزات الناجمة عن تدهور أسعار المواد الأولية.
وتندرج هذه التوقعات ضمن نتائج الجهود التي بذلتها الحكومة الموريتانية خلال المرحلة الأخيرة في مجال تحسين مناخ الأعمال وتنويع الاقتصاد الوطني عبر وضعها وتنفيذها لاستراتيجية النمو السريع والرفاه المشترك، الخاصة بتحقيق مستوى من النمو الشامل والمدعوم.
غير أن هيئات ابرتون وودس، حذرت السلطات الموريتانية من جوانب سلبية تتهدد الاقتصاد الموريتاني من الداخل، من ضمنها استمرار تأثر الاقتصاد بالصدمات الخارجية وفي مقدمتها انخفاض أسعار المواد الأساسية؛ ومن الجوانب السلبية المحذر منها، استنفاد موريتانيا لهامش المناورة في المديونية الخارجية التي تناهز حاليا 85 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
يذكر أن السلطات الموريتانية طلبت مؤخرا من صندوق النقد الدولي وضع برنامج هيكلي جديد يمكنها من تنسيق أكبر وأكثر جدوى للسياسات الاقتصادية المتبعة، كما يتيح سيطرة أكبر على مسارات الاقتصاد.
ويأتي نشر هذه المؤشرات في نهاية زيارة أنهاها للتو فريق من خبراء صندوق النقد الدولي ناقش خلالها مع السلطات السياسية والنقدية الموريتانية حيثيات اتفاق بين موريتانيا والصندوق حول برنامج يمكن تعزيزه باتفاق في إطار قرض ميسر طويل المدى.
وسيغطي البرنامج الاقتصادي والمالي المقترح الفترة من 2017 إلى 2020 ومن المتوقع تعزيزه باتفاق تحصل موريتانيا بموجبه على قرض ميسر طويل المدى من صندوق النقد الدولي.
عبد الله مولود/نواكشوط ـ «القدس العربي»