إسلمو ولد سيدي أحمد
كاتب وخبير لغوي وباحث في مجال الدراسات المعجمية والمصطلحية
سؤال وجواب:
السؤال:
ما الفرق بين اللغة الحية واللغة الميتة؟
الجواب، والله أعلم:
الفرق بينهما، بصفة عامة: الفرق بين الموت والحياة.
وقد يكون من مظاهر الفُروق بينهما، ما يأتي:
-اللغة الحَيَّة: لغة يتحدثها الناطقون بها في التعبير عن أغراضهم والمحافظة على هُويتهم...، ويعدونها لغتهم الأولى (اللغة الأمّ)، وتختلف درجات هذه الحياة من لغة إلى أخرى بسبب عواملَمتعددةٍ لا يتسع المقام لاستعراضها.
يبلغ عدد اللغات الحية المعروفة في العالم حاليا، أكثر من ستة آلاف (6000) لغة.
2-اللغة الميتة: ضد اللغة الحية...لايستخدمها قوم في التعبير عن أغراضهم، أو لا يستخدمها إلّا الباحثون (مثل: البابلية والمصرية القديمة)، أو التي تستعمل استعمالا دينيا فقط/ استعمالا كَنَسِيًّا (مثل: اللاتينية والقبطية والإغريقية القديمة).
ولعل وصفَ اللغة بأنها ميِّتة، يختلف عن وصفها بأنها لغة بائدة/ أو مُنقرِضة/ أو مندثرة (أي لم يعد لها وجود يذكر)...اللاتينة-مَثَلًا-لغة ميتة، لكنها تستخدم (موجودة) في مجال البحث وفي بعض المجالات الدينية.
حسب منظمة "اليونسكو"، توجد في الوقت الراهن ثلاثة آلف (3000) لغة-من بين لغات العالم-مهدَّدَة بالانقراض في حدود عام 2050م. ثُمَّ إنّ 2400 لغة أخرى، تسير نحو الانقراض...وللخبراء معاييرُ معيَّنة لمعرفة بعض مؤشرات الضعف والانحسار التي توحي باقتراب انقراض اللغة.
من ذلك-على سبيل المثال-أنّ اللغة التي لا يتعلَّم بها ثلث أطفال قوم، معرضة للانقراض...اللغة التي لا يتكلمها الأطفال- ويتكلمها آباؤهم،-معرضة للانقراض...اللغة التي لا يتكلمها إلّا الأجداد (لا يتكلمها الأطفال ولا يتكلمها آباؤهم)، فهذه معرضة للاندثار بدرجة أكبر.
إنّ اللغة تقوى بقوّة أهلها وتضعف بضعفهم، ثم إنها كائن حيّ تعتريه أحوال القوة والضعف والصحة والمرض والموت...وهي كذلك كالعضو الحيّ يقوى وينمو بالاستعمال ويضعف بل يموت إن هو ظل معطَّلًا عن العمل، وهنا تكمن ضرورة إحلال اللغة العربية محل اللغات الأجنبية التي زاحمتها في أوطانها إبّانَ الاحتلال الأجنبيّ الذي خرج بجيوشه العسكرية وترك لغته تهيمن على القطاعات الحيوية في معظم بلداننا العربية حتى يومنا هذا.
إن لغتنا العربية الجميلة لغة حية، ضاربة بجذورها في التاريخ وتفتح صدرها لكل جديد، حملت مشعل الحضارة الإنسانية دون انقطاع، و هي اليوم لغة رسمية في منظمة الأمم المتحدة إلى جانب الإنجليزية و الفرنسية و الإسبانية و الروسية و الصينية، وانتشارها في العالم في تزايُد مستمر.
و لا شك أن ترسيم اللغة العربية في الأمم المتحدة ضمن ست لغات فقط من ستة آلاف لغة في العالم، لهو خير دليل على أنها لغة حية بكل المقاييس.