نقيق الضفادع .. عنوان مقال لميخائيل نعيمة، كتبه انتصارا لصديقه جبران في قضية ( تحمم) المشهورة .. وهي كلمة وردت في بيت من قصيدة ( المواكب) لجبران خليل جبران :
هل تحممت بعطر == وتنشفت بنور
وشربت الفجر خمرا == في كؤوس من أثير
ويومها ثارت ثائرة نقاد الكلاسيكية ورفضوا هذه الكلمة، قائلين إن الصحيح هو ( استحم) وليس ( تحمم) وأن البيت لن يتأثر عروضيا لو استبدلت الكلمة الاولى بالثانية ..
ودبجت مقالات كثيرة في القضية، وكان من أروعها رد جبران نفسه في مقاله ( لكم لغتكم ولي لغتي) :
" لكم من اللغة العربيّة ما شئتم ، ولي منها ما يُوافق أفكاري وعواطفي .
لكم منها الألفاط وترتيبها ، ولي منها ما تُومئ إليه الألفاظ ، ولا تلمسه ، ويصبو إليه الترتيب ، ولا يبلغه
لكم منها ما قاله سيبويه ، والأسود ، وابن عقيل ، ومن جاء قبلهم وبعدهم من المُضجرين المُملِّين ، ولي منها ما تقوله الأمّ لطفلها ، والمحبُّ لرفيقته ، والمتعبدِّ لسكينة ليله .
لكم منها الفصيح دون الرَّكيك والبليغ دون المبتذَل ، ولي منها ما يُتمِتمه المستوحش ، وكلّه فصيح ، وما يغَصّ به المتوجِّع ، وكلّه بليغ ، وما يَلثَغَ به المأخوذ ، وكلّه فصيح وبليغ" .
والمقال طويل ...
وبعد رحيل جبران سنة 19322 تجدد النقاش حول ( تحمم) فكتب نعيمة مقاله ( نقيق الضفادع) :
" أسألكم بالله يا سادتي باسم العدل والفهم والقاموس، لماذا جاز لبدوي لا أعرفه ولا تعرفونه أن يدخل على لغتكم كلمة ( استحم ) ولا يجوز لشاعر أعرفه وتعرفونه أن يجعلها ( تحمم) وأنتم تعرفون قصده، بل وتفهمون (تحمم) قبل أن تفهموا (استحم) وماهي الشريعة السرمدية التي تربط ألسنتكم بلسان شاعر عاش قبلكم بألوف السنين ولا تربطها بلسان شاعر معاصر لكم؟".
وهكذا أصر جبران على لفظته.. وخلدتها فيروز في رائعتها ( اعطني الناي وغني)، وتوفي نعيمة في الثمانينات وهو يستمتع بنقيق الضفادع ...
الزميلة جميلة محمد ولد الهادي أرادت أن تنتشل الضفادع من المستنقع، لكن النقيق كان طاغيا..