وداع الحبيب صعب وشاق، خصوصا إذا كان الحبيب رمضان، رمضان القرآن، رمضان التقوى، رمضان ليلة القدر، وما أدريك ما ليلة القدر، رمضان الجهاد الغزاوي ودروسه وعبره الإيمانية الثرة، رغم الضحايا والجراح الغائرة المؤلمة،
التي تثير في النفوس المؤمنة طوفان الغضب الصادق، الذي يوشك أن يتحول يوما قريبا -بإذن الله- إلى اتسونامي جهادي عارم مبرر، حتى يقول الشجر والحجر، هذا يهودي ورائي، تعال فاقتله.
إن وداع الحبيب، قد تكتنفه الدموع والعبرات، التي تفرض نفسها فرضا، لكن الرجال نادرا ما يقبلون بالاستسلام للدموع.
يا رمضان أغفر لنا، والغفران هنا طبعا مبالغة لغوية جميلة مناسبة، وليست بالمعنى العقدي الحقيقي.
أقول يا رمضان، أغفر لنا شكوانا، من العطش -أحيانا- في أيامك المباركة، ففي قادم وعاجل عاقبتك الطيبة، دنيا وآخرة، سلوى عن كل ما يعاني المرء في أيامك المباركة هذه، وليت السنة كلها رمضان، أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار إن شاء الله.
يا رمضان، قد يشكو الفقراء، من بعض المصاعب المعيشية، التي يشكونها دوما، وهم السواد الأعظم من هذا المجتمع المغبون في ثرواته الباطنية والظاهرة.
أجل يشكون من ضيق العيش في رمضان وفي غير رمضان، لكن هذا بسبب سوء تدبير الأنظمة المتعاقبة، التي أكلت الأخضر واليابس، وما أهمها أمر الرعية، على غير شاكلة الأسلوب العمري العادل العجيب "إني أخاف -يقول الفارق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه،- أن يسألني الله عن بغلة عثرت على شاطئ الفرات، لما لم تسوى لها الطريق يا عمر".
هؤلاء هم السبب، أي حكامنا الجورة، وليس أنت الضيف الغالي العزيز، الذي هدد بالرحيل، أو كاد يرحل فعلا، يا رمضان النور والجهاد والإيمان والخير العميم.
لقد كان هذا الرمضان1435هـ الموافق لسنة 2014، متميزا حلوا جهاديا، مبشرا بنصر وشيك للمسلمين، خصوصا في فلسطين، إن شاء الله، وكان شارعنا -على الصعيد المحلي-، رغم بعض الهنات بإعلان الفطر باستمرار، من غير أدب مع رمضان، أقول كان شارعنا هذا العام رمضانيا، خصوصا في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، التي احتفت بالضيف الرمضاني كثيرا، لولا ما أصاب إعلامنا الرسمي، من تقصير في باب التضامن مع أهل الغزة المصابين بعمق في هذا الشهر العظيم، ولعل ذلك عائد دائما، كالعادة إلى النظام الاستبدادي الاستحواذي القائم، وليس إلى إرادة الزملاء في الإعلام الرسمي، فهم مغلوبون على أمرهم، وما بخلوا على رمضان بوجه خاص.
وإنني أدعوهم إلى الخروج من هذه الربقة الإعلامية الرسمية، إن لم يستطيعوا إحقاق الحق وإزهاق الباطل، فهذا الشخص المتناقض، الذي مهد قبل أسابيع للاعتراف بالكيان الصهيوني من جديد، عبر تشجيع ضمني شبه صريح، بقبوله بالاتحاد الإفريقي، كعضو مراقب، رغم ما يروج عن الإشادة المهمة بقطع الصلة نهائيا، بهذا الكيان الصهيوني اللقيط.
رمضان، كان ضيفا ورحل، أو أوشك على الرحيل، ومنا قلة إن شاء الله فرطوا في حقه، وربما احتجوا بغير حق، بأعذار شتى، لا حقيقة ولا وزن لها موضوعيا، على أرض واقع الصحة الحقيقية، ففاتهم القطار الرمضاني المبارك، ما ركبوه، وهو محدود بزمان وحيز خاص، وأخاف أن يكونوا الآن في أشد الندم، إن كانوا يعقلون، فهل يراجعون أنفسهم ويكفرون عن ما فعلوا، بالكفارات المعروفة، لتكون إن شاء الله، السنة القادمة فرصة لركوب القطار الرمضاني السنوي، إن كان في العمر فسحة وبقية "وما تدري نفس ماذا تكسب غدا"، ليتذوقوا الإيمان والتقوى وأجواء ليلة القدر، فإنها يحس بها قطعا، عند البعض إحساسا، يرجحها، فتكون لنا ولهم إن شاء الله في السنوات القادمة، عاما بعد عام، ولسائر المسلمين والمسلمات، فرصة قادمة متجددة، للغرف من المعين الرمضاني، عسى تعويض ما فات، عن قصد أو غير قصد، وليكون الصوم أتم حالا ومضمونا، بعيدا عن اللغو والنميمة والغيبة وشهادة الزور والشحناء والجدل العقيم، وكل ما يحبط الأجر الرمضاني الواسع إن شاء الله.
إن لقاء هذا الضيف الميمون في زمانه وتوقيته، ومع القيام، أو ربما بالقيام أيضا بعمرة في رمضان، كحجة مع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، إن حصل هذا بالنسبة لبعض المحظوظين.
ترى كيف سنحسب لكل هذا الفيض من الحسنات والبركات، في الآخرة والمعاد وفي الحياة والمحطة الدنيوية الراهنة، إنه طبيب شاف لما في الصدور، وأعني ضيفنا رمضان، فقال فيه صلى الله عليه وسلم" "صوموا تصحوا"، أكل هذا الخير؟، يفوت ببساطة عاقلا يحسب.
تعال فلنفكر ولنتدبر، ولنعلم أن: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ"، كما قال صلى الله عليه وسلم، فلنراجع أنفسنا حتى نزيد فيما بقي من وقت رمضاني يسير، وفي مستقبل الرمضانات القادمة، إن شاء الله، نحاول بجد واجتهاد أن لا نغلب عن هذا الخير إن شاء الله، فنشارك ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، في كل أسواقه وعروضه، ابتداء بالصيام النموذجي، والقيام الخالص لوجه الله، وكل الأعمال الصالحة لوجه الله، إن شاء الله، ولنعمل حتى نزيد من الإنفاق خصوصا على العيال المستحق، ولا يكون أمر الإنفاق مغشوشا متناقضا، ليس لوجهه والعياذ بالله، أو يهمل صاحبه الرحم، فأصحاب الحق الثابت و أولوا الأرحام أولى في كتاب الله.
ولا تنسى الادخار لعمرة في رمضان، ولو مرة في العمر، وهي كما سبق "كحجة معي" كما ورد في حديثه النبوي الصحيح، صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة وأزكى التسليم. كيف بك وأنت تعتمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تطوف بيت الله، ثم تصلي عند مقام براهيم ركعتين، الأولى إن شاء الله بسورة "الكافرون" والثانية بالإخلاص، بإذن الله، ثم تسعى معه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة، استذكارا في بحث هاجر عن الماء لولدها النبي الرسول اسماعيل ابن ابراهيم عليهما السلام جده عليه الصلاة والسلام وجدنا معشر الشرفاء، ثم تحلق أو تقصر، وكل ذلك متاح، وإن كان الأفضل الحلق، أتم في الأجر وطلب رضوان الله سبحانه وتعالى.
الحمد لله، الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، أعان الله زملاءنا من الإعلاميين على الصيام والقيام ومتاعب العيد، وتقبل الله منهم جهدهم الإعلامي الرمضاني، فقد أجادوا وأفادوا، وأرشدهم إلى طريق إعلام حر جريئ موضوعي، يخدم الإسلام والمسلمين في كل زمان ومكان والإنسانية جمعاء، وتقبل الله من سائر المسلمين والمسلمات الصيام والقيام وألهمهم جميعا إلى خيري الدنيا والآخرة.
يا ضيفنا، أترحل عنا وتتركنا، إلى وضعنا الرتيب وشاينا الصباحي، وجو نواكشوط الصيفي المتجه للخريف الصعب المبارك، وتتركنا فحسب مع حكم الاستبداد والزيف، والصهاينة يعبثون في الأرض فسادا وقتلا وترويعا مستمرا للآمنين واستهانة بكل مقدس، وحلفائهم، من السيسيين، من أمثال السيسي المصري، يقولون هذا مجرد اقتتال بلسان حالهم ومقالهم كما فعل السيسي، وكأن الأمر لا يهمهم والعياذ بالله!.
عافاكم الله وهداكم، سترون عاقبة خيانتكم للقضية، هل هو اقتتال؟ أم جهاد حقيقي غزاوي رمضاني.
أبعدكم الله، بسبب ظلمكم في رابعة وغيرها، ومباركة بعضكم الآخر، لهذا القتل الذي وقع عام أول 2013، بعد رمضان1434، مباشرة بعد العيد في قاهرة المعز لدين الله، وغيرها من أرض مصر المباركة، كنانة الله في أرضه، فما مر عام، بالتمام حتى ظهر تميز مرسي الاخواني الصادق، عن السيسي "المتصهين" الفاسق القاتل السفاح الانقلابي، واختلاف موقف الإسلاميين والقوميين الصادقين والليبراليين الأحرار، عن من سواهم من أدعياء الدين والعلمانية، وقد فرطوا في موقف حق باللسان على الأقل، فجاءت أحداث غزة الراهنة، لتكشف كل...كل الأوراق تقريبا.
إنا نودعك بصعوبة، يكتنف صاحبها العبرة والعبرة والدرس الرمضاني الغزاوي الجهادي المعبر، ونقول اللهم أمتنا شهداء صادقين صالحين، بعد عمر في طاعتك، وارزقنا رمضان مرة بعد مرة، وارزقنا الرجوع والتوبة عن ذنوبنا وأعمالنا السيئة، والتمسك بالأعمال الصالحة إن وجدت والاستمساك بعروة الإسلام والجهاد ونصرة أهل الحق الوثقى، وما ذلك عليك بعزيز، وأرزقنا رضوانك والجنة، نحن وسائر المسلمين والمسلمين، وكل رمضان قادم إن شاء الله، وأنتم معشر المسلمين بأتم خير إن شاء الله.
أما العيد، فعيد سعيد، إن شاء الله، من غير غلو فيما لا تستطيعون من الصرف، ولتتقوا الله في أنفسكم، فلا تسرفوا ولا تستدينوا من أجل العيد، إلا لزكاة فطر يسير، وأعلموا أن العيد إذا تجاوزتم محطته المباركة السارة بالدين أو السرقة أو الاحتيال أو إظهار وجه غير واقعي لزوجة أو ولد أو خطيبة، ثم ذهب العيد وظهرت المستويات على حقيقتها المتواضعة، فذلك ادعى لضياع الثقة وانهيار البيوت أو الصلات، ليتحول ما بعد العيد، إلى سجن أو ورطة، لا يكاد يخرج من مأزقها السفهاء الحمقاء بسهولة.
وقال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما"
وادعوا أن ترزقوا عيدا سعيدا ميسورا، فلقد كنتم في عبادة عظيمة (الصيام والقيام) وغيره من البر الرمضاني، هو أرجى لاستجابة للدعاء، وتسببوا مع الدعاء، بالحلال فذلك أفضل للخروج من ورطة العيد الحقيقية للأسف البالغ.
فأهل موريتانيا وأعيادهم الثلاث أو الأربعة، يسجنون أنفسهم بأنفسهم في "سجين" الأعياد، ولعل ذلك بسبب التماهي مع خواطر العيال إلى حد الغلو، ولا تهملوهم والأصدقاء والأقارب والجيران، وكان بين ذلك قواما إن شاء الله.
أكررها وداعا يا رمضان، وعيد سعيد، ولكن لا تنسوا أن كل هذا لوجه الله فلا تبخلوا ولا تتجاوزوا عتبة الممكن، فتقعدوا مذمومين مدحورين خائيبين نادمين، كما قال ربكم" وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا".
ولنتأمل واقع إخواننا الغزاويين، فلا ننساهم من العون ما استطعنا، فهم أحق بالعون، ما بين شهيد وجريح وطريد، خصوصا أن مأساة الأطفال والنساء والذراري، كانت أشد في هذه الهجمات الصهيونية الوحشية كالمعتاد.
فـ"إنا لله وإنا إليه راجعون"، ولنعد العدة لإطلاق موكب قوافل الأقصى إلى غزة وبيت المقدس وأكناف بيت المقدس، إن شاء الله عسى أن لا نكون ممن يقولوا ما لا يفعلون.
اللهم ألهمنا صدق عزيمة الجهاد، ووفقنا لنصرة الغزاويين وأهل الحق في كل مكان وزمان، فمن أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم.