بقلم/ محمد محمود ولد محمد أحمد
"بلادٌ بها نيطت عليَّ تمائمي... و أولُ أرض مَسَّ جلدي ترابَها"......لا يمكنني إلا تبجيلها و ذكر محاسنها و ستر عيوبها، إن وجدت، فبيت الشاعر "البكري" المتقدم الذكْر فيه ما فيه من العواطف الجياشة الصادقة و الشوق الجامح و التقدير العالي للوطن و أهله، و كل محب للوطن يجب أن يكون على شاكلته.
لكن موريتانيا تستحق منا الثناء، ليست كوطن لنا فحسب،إنما لعلو همة مواطنيها و عظمة نفوسهم العامرة بالإيمان ، الطاهرة من أمراض القلوب في وقت الشدائد والمحن،و إن كان البعض منهم أضحى بشماتته الاستثناء الذي أثبت القاعدة وعزز أواصر التلاحم الاجتماعي.
خلال المصاب الجلل الذي حل بنا هذه الأيام بفقد الوطن للرئيس السابق العقيد اعل ولد محمد فال و انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، ظهر المجتمع الموريتاني كالجسد الواحد – كعادته في وقت الشدائد دائما- فتلاشى الاختلاف في وجهات النظر الدنيوية الفانية و ظهرت معادن الرجال على " أرض الرجال " إيمانا صادقا و أخلاقا حميدة و مودة " .....تدوم بكل هول...وهل كل مودته تدوم؟ّ...
عجيبة هذه القوة الهائلة و الكامنة في المجتمع الموريتاني التي تطل بمتنها العريض عند كل خطْب مُدْلَهمّ، فلا اعتبارات للانتماء القبلي أو الجهوي أو العرقي، الجامع وحده هو الإيمان بالله و الوطن، و ذلك ما ظهر جليا في السنوات الفائتة من تاريخ بلدنا، فظهرعند فقد المرحوم أحمد ولد بسيف و مرافقيه و عند جنازة المرحوم الرئيس السابق المختار ولد داداه و عند فاجعة طائرة تجكجة.....كما ظهر عند عودة الرئيس محمد ولد عبد العزيز من رحلة علاجه بفرنسا ، و آخر ظهور لهذا التضامن الوطني كان في إرسال الدولة الموريتانية بأوامر عليا طائرة لنقل ثمان المرحوم اعل ولد محمد فال و حرص الجميع على حضور الصلاة على جنازته و إعلان الحداد على فقده ثلاثة أيام ، فتوافد المعزون شيبا و شبابا و نساء على منزله من جهات موريتانيا الأربعة، و لازالوا يفعلون لليوم الثالث.
كبيرة أنت يا موريتانيا ببنيك البررة للقيم الإسلامية السامية، و كبيرة بالخصال الحميدة التي لا زال أفراد هذا المجتمع متمسكا بها و عاضّا عليها بالنواجذ في زمن يحاول فيه البعض تفكيك تجانس بنية الوطن الاجتماعية و ضرب استقراره، لكن هيهات، فمادام هذا الإيمان القوي موجودا فإن موريتانيا ستظل بخير و عافية و لا خوف عليها، فللوطن رب يحميه......وحفظ الله موريتانيا.