أمام سعي المغرب للانضمام للمجموعة وبسبب جمود إتحاد المغرب العربي
بدأت موريتانيا تعيد جسور الشراكة والتعاون مع المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا «أكواس» التي كانت قد انسحبت منها عام 2000 مع أنها من أعضائها المؤسسين.
ويعود هذا التوجه الجديد لخيبة أمل الحكومة الموريتانية في اتحاد المغرب العربي الذي يعاني جمودا مستمرا منذ تأسيسه، والذي كان الموريتانيون قد انتقلوا إليه بديلا عن مجموعة «اكواس» أملا في وجود فضاء عربي واسع للشراكة والتنمية.
كما يعود هذا التوجه لطلب المملكة المغربية الانضمام لهذه المجموعة وهو ما يجعل موريتانيا في حالة إقراره، مركونة بشكل منعزل داخل فضاء متحرك.
وسينظر البرلمان الموريتاني في دورته التي بدأت أمس في إقرار اتفاق الشراكة بين موريتانيا والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا الذي وقع في نواكشوط قبل أسبوع والذي يهدف إلى تسريع عودة موريتانيا للفضاء الغرب إفريقي.
كما ستجيز القمة المقبلة للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا اتفاق الشراكة مع موريتانيا قبل البدء في تنفيذه.
وإذا احترم الطرفان أي حكومة موريتانيا ومجموعة غرب إفريقيا، الجدول الذي حدده اتفاق الشراكة، فإن البضائع القادمة من موريتانيا يمكن أن تتداول دون أية جمركة داخل بلدان المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا الست عشرة.
وينص اتفاق الشراكة على وضع تعرفة جمركية موحدة بين موريتانيا والمجموعة وكذا على وضع سياسة تجارية مشتركة.
وبخصوص تأشيرات الدخول فإن الحكومة الموريتانية وقعت مع خمس من دول المجموعة هي: السنغال ومالي وساحل العاج والنيجر وغينيا اتفاقيات ثنائية لإلغاء التأشيرات، وستواصل مفاوضاتها مع بقية أعضاء المجموعة للتوصل لاتفاق جهوي حول حرية تنقل الشخاص.
فهل يعني هذا أن موريتانيا سائرة بسرعة نحو العودة إلى عضوية المجموعة؟
يرى مدير التجارة الخارجية في وزارة التجارة الموريتانية «أن التبادل التجاري بين موريتانيا ودول «الأكواس» لم يتوقف قط حتى بعد خروج موريتانيا من المجموعة عام 2000، لكن من اللازم الاتفاق على إطار قانوني وتنظيمي يؤسس للاندماج التدريجي».
وستشمل المفاوضات المستمرة بين موريتانيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مستقبلا توسيع الشراكة لتشمل مجالات أخرى مثل مكافحة التهريب ومحاربة الإرهاب.
ووقعت الناها بنت حمدي ولد مكناس وزيرة التجارة والصناعة والسياحة الموريتانية و مارسل ألأن سوزا رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (إكواس) مؤخرا في نواكشوط، على اتفاق الشراكة بين موريتانيا والمجموعة بعد شهور من المفاوضات.
وأوضحت وزيرة التجارة الموريتانية «أن اتفاق الشراكة من شأنه أن يساهم في تقريب شعوب منطقة غرب إفريقيا بعضها من البعض، كما سيعزز العلاقات التجارية والاقتصادية بين موريتانيا والبلدان الاعضاء في مجموعة «إكواس» في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك إنشاء منطقة تجارة حرة وتطبيق تعريفة خارجية مشتركة وتسهيل زيادة المبادلات التجارية داخل المنظمة لإنشاء سوق مشتركة في غرب افريقيا».
وجددت موريتانيا ومجموعة «إكواس»، التزامهما بمواصلة جهود إكمال اتفاق الشراكة بين غرب إفريقيا والاتحاد الأوروبي وتنفيذه من أجل تنمية الاقتصاد الإقليمي.
من جانبه، أكد مارسل ألأن سوزا رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا على «أهمية اتفاق الشراكة الذي سيتيح تبادل المصالح والمنافع، بما في ذلك ضمان حرية تنقل البضائع والأشخاص وتسجيع الاستثمار.
وأضاف «أن الاتفاق سيضمن دعم التعاون بين موريتانيا ودول المجموعة في كافة المجالات التنموية والاقتصادية»، مؤكدا على «ضرورة تضافر جهود الجميع لدفع عملية التنمية». وكانت المملكة المغربية قد قدمت أواخر فبراير/شباط الماضي، طلبا بالانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، على هامش جولة للملك محمد السادس داخل عدد من دول هذه المنطقة الإفريقية، ليكون بذلك، إن قٌبل طلبه، البلد الوحيد المنتمي لجامعة الدول العربية الذي يوجد بهذه المنظمة الأفريقية.
وتضم هذه المجموعة الاقتصادية 15 دولة هي بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وساحل العاج وغامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال والسيراليون والتوغو.
وأكد بيان للخارجية المغربية أن «طلب المغرب الانضمام إلى مجموعة «إكواس» يتوج «الروابط القوية على المستوى السياسي والانساني والتاريخي والديني والاقتصادي مع البلدان الأعضاء بهذه المجموعة»، خاصة بعد الزيارات الملكية التي شملت 11 بلدا من هذه المنطقة الإفريقية، وهي الزيارات التي أعطت «دفعة للتعاون الثنائي مع البلدان الـ 15 الأعضاء في المنظمة».
وتأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا يوم 25 مايو 1975، وتعرّف هذه المجموعة نفسها بكونها التجمع الإقليمي الاقتصادي الوحيد الذي يعمل من أجل الاندماج الاقتصادي.
ويعدّ المغرب أول دولة، خارج الدول التي أسست المجموعة، تطلب الانضمام إلى هذا التجمع الاقتصادي الإقليمي، ويأتي الطلب المغربي في إطار توجه رسمي جديد من المملكة بالاتجاه أكثر نحو بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وبخاصة إثر عودتها للاتحاد الإفريقي بعد غياب عنه دام تقريبا 33 عاما.