يواجه رئيس إندونيسيا الجديد جوكو ويدودو تحديا هائلا لإصلاح الإقتصاد في ثالث أكبر ديمقراطية في العالم، والتي تتسم ببيروقراطية ثقيلة وفساد ينخر اوصالها، وهي مهمة تبدو صعبة برأي عدد من الخبراء.
فحاكم جاكرتا، المتحدر من وسط متواضع والمدعو لتسلم مهامه الرئاسية بعد اعلان فوزه غدا الثلاثاء، سيضطر لمواجهة الكثير من المقاومة وإقناع المشككين بقدرته على معاودة إطلاق الإقتصاد الاول في جنوب شرق آسيا.
وقال المحلل يوهانس سليمان «اقول بلا مواربة ان ذلك سيكون مهمة صعبة جدا». واضاف يوهانس سليمان، من الجامعة الإندونيسية للدفاع، انه «سيضطر لتقليص دعم الوقود والبيروقراطية التي يجني منها كثيرون من الناس فوائد مالية منذ زمن طويل»، مشيرا إلى الإصلاحات الأكثر إلحاحا الواجب إجراؤها.
ووعد جوكو ويدودو الملقب «جوكوي» بتخفيض الدعم المكلف للوقود الذي يمتص اكثر من 20٪ من ميزانية الدولة، وهو إجراء لا يحظى بشعبية، وقد يلقى الكثير من المقاومة من جانب أحزاب المعارضة وخاصة من الشعب في بلد يعيش نحو 40٪ من سكانه بأقل من دولارين في اليوم.
ويحظى إئتلاف برابوو سوبيانتو، المرشح الذي لم يحالفه الحظ في الانتخابات التشريعية التي جرت في التاسع من تموز/يوليو، بمقاعد في البرلمان أكثر من تلك التي يملكها جوكوي وحلفاؤه، ما من شأنه ان يعقد مهمة الرئيس حتى مع إحتمال تغيير موقف بعض الاحزاب الموالية لبرابويو وإنتقالها إلى الفريق الاخر.
ولفت يوهانس إلى ان المجلس النيابي الإندونيسي، احدى المؤسسات العامة الاكثر فسادا في الأرخبيل، يمكن ان يبدي «معارضة شديدة». ورأى ان البرلمان يمكن «ان يعوق بسهولة جوكوي» في مشاريعه.
وقد تأتي المقاومة ايضا من صفوف تشكيل جوكوي بالذات، الحزب الديمقراطي الإندونيسي للنضال، المعروف بإنقساماته وصراعاته الداخلية.
وإذا كان الإقتصاد بدأ ينتعش بعد عام صعب في 2013 — مع عجز قياسي وتضخم كبير وتدهور الروبية (العملة الوطنية)– فهو لا يزال يعاني من نقاط ضعف أساسية، لذلك هناك فإن هناك حاجة مُلِحّة لاجراء إصلاحات.
واوضح كيني سوجاتمان، المسؤول عن المحفظة الإندونيسية في الشركة الاستثمارية «مانولايف أسيت مانجمنت» لإدارة الإستثمار «انه تحد هائل لسببين».
وتابع «أولا لأننا نعتمد كثيرا على صادرات المنتجات الأساسية، فعلينا زيادة الصادرات الاُخرى. ثانيا لأننا نواجه منافسة بلدان ناشئة اُخرى، كما نواجه إقتصادا عالميا في تراجع سريع وضغوطا متعلقة بالاُجور. فنحن بحاجة لتحسين رأسمالنا البشري وبنانا التحتية وقدرتنا التنافسية».
ولإتخاذ بعض التدابير الإقتصادية سيضطر جوكوي لإشراك النقابات بشكل أكبر كما قالت المحللة ميشيل فورد من جامعة سيدني.
وقد إستفاد برابويو اثناء الحملة الإنتخابية من دعم غالبية النقابات التي تمكنت من حشد ملايين المتظاهرين وحصلت العام الماضي على زيادات كبيرة في الاُجور ما أثر على القدرة التنافسية لإندونيسيا في مجال الصناعة الحرفية.
واعتبرت فورد «ان تمكن جوكوي من تحريك النقابات فسيكون لديه مزيدا من الفرص لتنفيذ الإصلاحات المقررة». واضافت انه سيضطر لفرض القبول بخفض دعم الوقود إلى تقديم تعويضات للنقابات بغية تفادي حصول تظاهرات حاشدة.
ووعد جوكوي ايضا بتنفيذ تدابير على الصعيد الوطني، مثل تلك التي اتخذها في جاكرتا بصفته حاكما للعاصمة، كإصدار بطاقة للحصول على العناية الصحية والتعليم للفئات الأكثر فقرا، وهي مبادرة تحظى بتأييد شعبي كبير.
لكن التحدي الاول لهذا البائع السابق للأثاث، الذي صعد نجمه بشكل ملفت في عالم السياسة، سيتمثل على الأرجح بتطلعات ملايين الناخبين الذين راهنوا عليه كرجل قريب من الشعب، قادر على إجراء تغييرات عميقة على غرار تلك التي قام بها في مدينة سولو التي تعد نصف مليون نسمة وكان رئيس بلديتها.
ورأت فورد «ان الاستجابة لهذه التطلعات خلال الاشهر الاولى من ولايته ستكون أولوية ان اراد ان تصطف البلاد خلفه».