بقلم: محمد الامين ولد الفاضل
(1)
في السابع من مايو من العام الماضي نظم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة مسيرة حاشدة بعد خطاب ألقاه الرئيس ـ الذي جاع الناس في عهده وخافوا ـ في مدينة النعمة في يوم الثالث مايو من العام 2016. بعد تلك المسيرة الحاشدة أطل علينا رئيس الحزب الحاكم في مؤتمر صحفي رد فيه على سؤاللأحد الصحفيين بعبارة كان الصديق رضي الله عنه قد رد بها على كفار قريش لما جاؤوه صبيحة ليلة الإسراء، وأخبروه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد زعم بأنه قد أسري به من مكة إلى بيت المقدس ثم عاد في نفس الليلة. ولقد ظن كفار قريش بأن أبا بكر رضي الله عنه سيكذب القصة أو يشكك في نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن إجابة الصديق رضي الله عنه جاءت على غير ما توقعوه، فرد عليهم بعبارته الشهيرة: "إن كان قال فقد صدق".
هذه العبارة، أو على الأصح عبارة مشابهة لها، هي التي رد بها رئيس الحزب الحاكم على سؤال تقدم به أحد الصحفيين في ذلك المؤتمر الصحفي.
(2)
في الخامس عشر من يوليو من العام 2017 نظمت المعارضة الموريتانية مسيرة حاشدة لرفض الاستفتاء المنتظر في الخامس من أغسطس، بعد هذه المسيرة الحاشدة أطل علينا رئيس الحزب الحاكم من مدينة أبي تلميت ليقول لنا هذه المرة بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز "هو اللِّي أطمع من جوع وآمن من خوف"، وقد كرر العبارة فقال بأن الرئيس "أطعم من جوع إلينْ كانت الناس كاملَة عاجزة واتكولكم ذَ أنها ما عندها لو أدوَ أو ماعندها لُ ماهُ يعطي الله أتجي أسحاب".
نظرا لهذا المنحى التصاعدي الخطير في ردود رئيس الحزب الحاكم على مسيرات المعارضة، فإني أدعو المعارضة الموريتانية إلى التوقف الفوري عن تنظيم المسيرات الحاشدة مخافة أن يقول رئيس الحزب الحاكم للموريتانيين بأن عليهم أن يفعلوا ما يجب فعله في حق من أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، فهو لم يبق له إلا أن يقول ذلك.
(3)
المقلق في الأمر هو أن رئيس الحزب الحاكم قد قال هذا الكلام في مهرجان شعبي بمدينة موريتانية عريقة، ومثل هذه المهرجانات يحضرها في العادة الفقهاء والوجهاء والشيوخ، ومع ذلك فلم نسمع بأن أحد الحاضرين قد استنكر أو ندد أو غضب أو تمعر وجهه من منكر القول الذي جاء به رئيس الحزب الحاكم، وقد لا نسمع من يستنكر ذلك من الفقهاء والعلماء على عموم التراب الوطني.
المقلق أكثر بأنه عندما يتقدم أحد رجال الدعوة والتبليغ إلى منبر مسجد ليقول للناس بأن الرزاق هو الله، وبأن من يطعم ومن يسقي ومن يشفي هو الله، فإذا بمن ينتفض ويقول مستنكرا بأن الجميع يعلم بأن الله هو الرزاق، وانه هو المطعم وهو الشافي، وأنه لا أحد بحاجة لأن يقال له ذلك، إن جماعة المسجد بحاجة فقط لمن يعلمها أحكام دينها، فعلموها تلك الأحكام أو اتركوا منابر المساجد لغيركم.
إن ما يقوم به رجال الدعوة والتبليغ هو ما نحتاجه فعلا، فنحن بحاجة إلى من يذكرنا دائما بأن الرزاق هو الله، وليس هو الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فلو أننا علمنا بذلك وعملنا بمقتضاه لما بالغنا في التصفيق والتطبيل للرئيس ولا لكبار المسؤولين.
(4)
لقد بالغ البعض في منح مختلف الألقاب للرئيس محمد ولد عبد العزيز، والذي هو في النهاية مجرد إنسان ضعيف، ولكم أن تتذكروا رصاصات أطوبلة، وظل البعض يتنافس في منح الألقاب للرجل إلى أن وصلنا إلى أن أصبح يقال عن هذا المخلوق الضعيف بأنه يطعم من جوع ويؤمن من خوف. وللتذكير فإليكم بعض الألقاب التي منحت للرجل من قبل أن يقال عنه بأنه يطعم من جوع ويؤمن من خوف.
ـ "رئيس الرؤساء" : الملكية الفكرية لنائب أركيز
ـ "الرئيس المؤسس" و "الأب الحنون" : الملكية الفكرية لرئيس الحزب الحاكم
ـ "رئيس العمل الإسلامي" : أعتقد أن أول من أطلقها هو إمام المسجد الجامع
ـ "رئيس الفقراء" : لا أعرف لمن تعود الملكية الفكرية لهذا اللقب، والذي يعد هو اللقب الأكثر تداولا وشيوعا من بين كل ألقاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
ـ "رئيس الإسلام" : أظن أن هذا اللقب تم إطلاقه من وزارة التوجيه الإسلامي
ـ "رئيس الأفارقة ورئيس العرب" : لقبان تم منحهما للرئيس ولد عبد العزيز بمناسبة ترؤس موريتانيا للقمتين العربية والإفريقية.
ـ "رئيس الأجيال القادمة" : هذا اللقب لم يطلق بهذا الشكل ولكنه يمكن أن يصاغ من مداخلة للنائب الخليل ولد الطيب.
ـ "سادس الخلفاء الراشدين" : لا أدري لمن تعود له الملكية الفكرية لهذا اللقب.
ـ "الرئيس الإنسان"، ويبدو أن "الرئيس الإنسان" قد أصبح يوصف اليوم بأنه يطعم من جوع ويؤمن من خوف.
(5)
من المهم جدا أن أذكر أيضا ـ وبشكل سريع ـ ببعض الأحداث التي تم تسجيلها في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي قال عنه رئيس الحزب الحاكم بأنه يطعم من جوع ويؤمن من خوف.
في يوم الأربعاء الموافق 1 يونيو من العام 2016، ولأول مرة في تاريخ موريتانيا توفيت تسع نساء فقيرات ممن كن يمارسن التسول في حادث تدافع، ولقد تم وصفهن ب "شهيدات الجوع".
هناك تقرير مشترك لبرنامج الأغذية العالمي ولمفوضية الأمن الغذائي صادر في العام 2015 جاء فيه بأن "أكثر من 800 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد ويواجهون خطر المجاعة".
هذا عن الجوع أما عن الخوف فيكفي أن أذكر بأن بلادنا قد عرفت في هذا العهد انفلاتا أمنيا غير مسبوق، فسمعنا عن جرائم ما كنا نسمع بها من قبل: عمليات دهس؛ اغتصاب وحرق الأطفال؛ اغتيال الأساتذة الجامعيين؛ سطو على البنوك؛ اختطاف الحرس من داخل السجن المركزي، والدخول في مفاوضات مع السلطة من أجل إطلاق سراحهم..
ختاما: على رئيس الحزب الحاكم أن يعلم بأن من يطعمنا هو الله، وبأنه قد أهلكنا الجوع وتملكنا الخوف في عهد "الرئيس المؤسس"، "الرئيس الحنون".
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل