بقلم: محمد عالي العبادى
قد لا يتفاجأ أي كان إذا سمع أن بعض الغوغاء خرجوا لاقتحام سفارة ما في بلد ما، غير أن المفاجئ حقا أن يتم اقتحام سفارة بلد إسلامي مركزي له موقعه ووزنه في العالم الإسلامي دون مقاومة من البلد المضيف ودون أي تحرك للتحقيق في الجريمة.
ذلك ماحدث في الهجوم الإيراني على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد 02 يناير 2016، بدعوى أنهم إيرانيون غاضبون.. لكن الوقائع تثبت في كل المرة زيف تلك الدعاوى وبأن ما أعلنه المسؤولون الإيرانيون ليس إلا نوعا من التسويف.. فقد صدق شاعرنا أحمد شوقى في قوله: مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا.
فرغم مرور أزيد من سنة ونصف على هذه الحادثة البشعة، مازال الايرانيون يماطلون ويكشرون في كل مرة عن وجه مغاير للوجه الذي ظهروا به في الأمس..
ألم يكن هؤلاء هم من بادروا عن طريق سفارتهم في نيويورك بتقديم طلب للوفد السعودي بنفس المدينة في 09 فبراير 2016، يريدون إذنا لدخول السفارة والقنصلية للتحقيق في الحادث، وهو ما قبله الوفد السعودي علي أن يكون حاضرا للزيارة، وقد قبل الايرانيون الطلب، على أن تتم الزيارة في الفترة ما بين 25-29 في ديسمبر 2016، وعندما اقترب الأمر قام الوفد بطلب التآشر من السفارة الايرانية في دبي..
وبعد التهيؤ لسفر الوفد السعودي اقترح الايرانيون تأجيل السفر إلى تاريخ 03 يوليو 2017 وقد قبل السعوديون الموعد، وعندما اقترب قام الوفد بالقيام بإجراءات أخذ التآشر وتقديم معلومات عن الطائرة من أجل الحصول على إذن الهبوط، وهو ما رفضه الايرانيون أيضا.
متذرعين بأن الأمر لن يتم دون تحقيق شرطين :
-زيارة السفارة الايرانية في السعودية.
- فريق لرعاية شؤون الحجاج الايرانيين.
أية شروط هذه ولماذا تأخر طرحها كل هذا الوقت؟!
ذلك ما يذكرني بقصة جحا والحمار، إذ يقال إن جحا جاءه رجل يريد حماره، فقال إنه غير موجود، فنهق الحما ر فقال الرجل أليس هذا صوت الحمار، فقال له جحا كيف تكذبني وتصدق الحمار.
تلك هي قصة إيران في الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية،فهي جحا وحماره، تعلن أنها تعمل على التحقيق في الحادث، فهي تريدنا أن نكذب الحقائق ونصدقها هي ، فعندما تكتمل الشروط تقوم باختلاق ذرائع واهية، تظهر أن الشعب الايراني لم يكن وراء الحادث، وإنما تم تحريضه من سلطات بلده ، التي لن ترضخ لما يدينها، فأبسط إجراء مستقل كاف لإدانتها.
سجل حافل في انتهاك الحرمات الديبلوماسية
فرفض الجانب الايراني وجود فريق سعودي عند دخول السلطات الايرانية لمقر الممثليات يؤكد أن الجانب الايراني، ليس جادا في التحقيقات وليس جادا في ملاحقة المتسببين بالحادثة ، وهذا غير مستغرب فإيران لديها سجل حافل لانتهاك حرمة الهيئات الدبلوماسية منذ اقتحام السفارة الامريكية في العام 1977 م ، واحتجاز منسوبيها لمدة 444 يوما، تلاها الاعتداء على السفارة السعودية 1987م ، الاعتداء على السفارة الروسية 1988م، الاعتداء على ديبلوماسي كويتي عام 2007، الاعتداء على السفارة الباكستانية عام 2009م، الاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011، وآخرها الاعتداء الذي نتحدث عنه الآن.
كلها وقائع تبين أن إيران لم تكن يوما تسعى إلى تسوية الأزمات، ومعاقبة المجرمين الذين يقومون بهذا العمل الإجرامي، من أجل نزع فتيل الخلاف ، بقدرما أقدمت على هذا الفعل ضمن خطة محكمة للتصعيد .
وبالتالي فهي ستظل تماطل ما ساعدها الوقت في ذلك، غير أن الحقيقة قد أصبحت بادية لكل من ألقى السمع وهو بصير، كما أنه بدا واضحا للرأي العام الدولي أننا أمام دولة لا تؤمن إلا بقانون الغاب ولا احترام لديها للقانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول ويحمي البعثات الديبلوماسية.