محمد محمود ولد الصيام
مهندس وكاتب مهتم بقضايا الشباب
يتوفر الشباب على مقدرة عجيبة على إحداث التغيير في مجتمعاته ، يستمدونها أساسا من عامل القوة والصحة اللذان يتميزان بهما دون الفئات العمرية الأخرى ، بالإضافة لقابلية الإستجابة والتفاعل و مسايرة مختلف المتغيرات التي تفرضها طبيعة العصر واكتسابهم للمعارف والمهارات الحديثة ...
من هذا المنطلق كان للشباب البصمة الجلية في عملية بناء ورقي المجتمعات.
في موريتانيا من الوارد ذكر الشباب كثروة حقيقية حين نكون بصدد القيام بجرد للثروات الوطنية كالحديد والسمك ...ذلك أن الشباب في موريتانيا يمثل نسبة تفوق السبعين في المائة.
تؤشر هذه النسبة الهامة على أننا مجتمع شاب وهي ميزة كافية لدفع الجميع إلى التفكير في السبل الأمثل للاستفادة وتوظيف كل هذه الطاقات الشابة في البلد .
بيد أن أيادي الشباب في أي بلد تظل بعيدة وغير مؤثرة دون إتاحة الفرصة و بسط سبل التمكين من المشاركة في العملية التنموية على مختلف الأصعدة .
عملية إشراك الشباب في البناء تستدعي في المقام الأول وجود قرار سياسي، يعكس رغبة وإرادة الحكومة في تمكين الشباب من تحقيق ذاته والقيام بواجباته .
هذه الإرادة السياسية بالإمكان قراءتها عبر المؤسسات الفاعلة التي تعمل على ربط الجسور بين الحكومة من جهة والشباب من جهة أخرى .
تعمل على عرض مشاكلهم وعكس طموحاتهم وطرح آرائهم ...وتسعى بجد بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية على تحقيق السياسات المتعلقة بإشراكهم بفاعلية في مسيرة البناء .
الإرادة السياسية هي كلمة السر للمرور لتذليل الصعوبات التي تحول دون الشباب و القيام بالأدوار المنوطة به .
يحتاج الشباب في موريتانيا للشعور بالحرية و بالأهمية والحصول على الثقة والإعتراف بقدراته ودرجة الوعي التي وصل إليها .
يحتاج لدعم الموهوبين عن طريق الجوائز والتكريمات وتوفير الدعم للمشاريع وخلق فرص العمل والإصغاء والتعاطي الإيجابي مع الأفكار حتى يتأتي له القيام بواجباته التي تظل مرتبطة بسياسات الحكومة الموجهة إليه في هذا الإطار .
يمكن تقديم هذه الأدوار عبر أربع مستويات رئيسية
إجتماعيا يكتسي هذا الجانب أهمية بالغة ، لاتنمية من دون أمن وإستقرار وتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع ، لذلك فإن الشباب في موريتانيا مطالبون بالعمل على تحقيق السلم الإجتماعي ونشر قيم العدالة والمساواة بين الأفراد ونبذ ومحاربة كل الدعاوى والمسلكيات ذات الطابع العنصري والتفريقي .
كما أنهم مطالبون بإشاعة ثقافة العمل التطوعي فيما بينهم لأنه تكوين لهم على العمل بروح الفريق وإستحداث المبادرات ويمس عن قرب الضعفاء والمحتاجين .
إقتصاديا يبرز دور الحكومة من خلال هذا المستوى في المساهمة في دعم ورعاية المشاريع والمقاولات التي يقودها الشباب .
لا شك أن إجراءات كهذه تزيح بعضا من العبء عن الحكومة و توفر للشباب هامشا أوسع لتوفير فرص عمل مستمرة وتحقيق المزيد من الإستثمارات وبالتالي المساهمة في دعم الإقتصاد والتنمية في البلد .
من الملح ايضا إشراك الشباب في وضع الخطط الإقتصادية الرامية للتحسين من الوضعية المعيشية للسكان عبر توليتهم لمناصب قيادية وإستشارية في القطاعات المعنية .
ثقافيا العمل على تحويل القيم النبيلة إلى سلوك عبر الإعلام والفنون والأدب كوسائط والإهتمام بالموروث الثقافي واللغات المحلية ...
سياسيا الحرص على تحقيق المشاركة السياسية والوصول لمراكز صناعة القرار لتحقيق التطلعات والرؤى الشبابية المتعلقة بكل المجالات التنموية .
العمل على تعزيز المسار الديمقراطي كداعم للاستقرار السياسي في البلد .
ختاما تبقى كل هذه الأدوار التي صيغت بعجالة مجرد تطلعات يأمل الشباب في تحقيقها فقط في ظل تعاط حكومي يصل لمستوى تطلعاتهم ويوفر لهم الغطاء والرعاية اللازمة .