صبحي ولد ودادي الرئيس الأسبق للمنظمة الشبابية ل"تواصل"
من المعلوم أن قدرات الشباب الذهنية والبدنية وحماسه المتقد كلها معطيات لا يمكن إغفالها في الحديث عن دور الشباب في الشأن العام عموما، والعمل السياسي خصوصا، هذا الدور الذي يحاول كثيرون أن يختصروه في جوانب شكلية وديكورية وموسمية، وهو ما حاولت المنظمة الشبابية لحزب التجمع الوطني للإصلاح و التنمية "تواصل" بإسناد وتشجيع من الحزب أن تقدم نموذجا ؛ يتيح للشباب إطارا حقيقيا للتنظيم والعمل المستقل من خلال همومه ومعرفته بخصوصيته.
ومن شأن ذلك أن يسهم في لعب أدوار نوعية في حمل الخطاب السياسي ونشره، في التكوين والتأهيل الذي نحتاجه كشباب لفهم الواقع السياسي والاجتماعي وبناء تصورات لمواجهة تحدياته وإشكالاته؛ وهي تحديات ماثلة اليوم على الشباب رفعها وتخطيها دون تأثر سلبي بالواقع الذي قد تكون بعض مفرداته غير مشجعة.
ومن المعلوم أن بناء الوعي السياسي لا يتم إلا من خلال عملية تراكمية، كما أنه يتم من خلال عمل نضالي بالأساس، هذا العمل النضالي لا تتشكل خبرته إلا بمنح الثقة المؤسسية التي تتيح لشبيبة الأحزاب أن تمارس ذاتيا وتتعاطى مباشرة مع التحدي السياسي اليومي، بل أن تأخذ القرار أحيانا، وتناقش داخليا جوانب من الأوضاع السياسية..ولذلك شكلت الأزمات السياسية التي مر بها البلد منذ تأسيس المنظمة الشبابية للحزب فرصة كبيرة للانغماس المباشر في الممارسة السياسية، وشكل الإطار الشبابي الجبهوي الذي تشكل موازاة مع الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية إبان انقلاب أغشت 2008 إحدى تجليات الممارسة النضالية المستقلة، حيث أتاحت تلك التجربة ومثيلاتها التالية:(منسقية شباب المعارضة "مشعل" ،الجبهة الشبابية للتغيير الحالية) فرصة نادرة لتجريب العمل السياسي؛ مقاربة وخطابا ومواجهة، وهو ما شكل فرصة غير مسبوقة لبناء التجربة السياسية التي لا تتشكل مهاراتها من خلال تكوين نظري فقط، بل تتخلق في ساحات النضال وفي ورشات التقدير اليومي للتحديات والمشكلات، فضلا عن الأخذ والعطاء تفاعلا مع الشركاء والحلفاء..
ولأن معيار الأداء السياسي الناجح والمشاركة الشبابية الفاعلة، في القدرة على الانتشار والتوسع والجماهيرية، فقد شكلت فروع المنظمة الشبابية الإطار الذي نقل التجربة الشبابية لحزب تواصل من النخبوية المركزية إلى التفاعل الأفقي مع الجماهير والمساهمة في نشر مفردات الرؤية السياسية والخطاب السياسي، ورغم أن أدوار الكوادر الحزبية مقدرة في هذا الجانب فقد شكل تناغم وتعاون الهيئات الحزبية ومكاتب فروع المنظمة القناة التي تشكل من خلالها الوعي السياسي للمناضلين.
وإذ يعتبر النضال السياسي والمشاغبة على الظلم من أجل المساهمة في تحقيق التغيير أحد أعمدة تشكيل الوعي السياسي فإن التأهيل والتعبئة السياسية والتكوين الفكري/ السياسي أحد المهمات الضرورية للهيئات الشبابية الحزبية، ولذلك شكل التكوين من خلال الحوارات السياسية والفكرية والندوات والتظاهرات إحدى المساهمات البارزة للمنظمة، إذ التأسيس النظري للمواقف السياسية والفهم العميق للرؤى والبرامج الحزبية هو الضامن لتشكل إطار شبابي قادر على حمل رسالته الوطنية ومشروعه التغييري، وهو الذي يحول الممارسة السياسية من هواية ومهارة فقط إلى رسالة وقضية أيضا، ومن شكل إلى محتوى، وخصوصا حين يتعلق الأمر بحزب سياسي يحمل مشروعا مجتمعيا في طيات برنامجه السياسي.
إن الإطار التنظيمي الشبابي الذي يكون اسما على مسمى، يتيح من خلال استحقاقاته المؤسسية ومحطات مؤتمراته وتظاهراته الكبرى فرصة أخرى لممارسة سياسية من نوع آخر، فالتساند والتكامل للهيئات الإدارية (رقابية وتنفيذية) والاستحقاقات الدورية للمؤتمرات الشبابية تشكل فرصة نادرة لممارسة الديمقراطية الداخلية وللحوار الذاتي، فالانتخاب الدوري لمناديب المؤتمرات التي تمارس حقها الديمقراطي كل ثلاث سنوات في تقييم أداء منتخبيها وفي انتخاب من يخلفهم هو إحدى تجليات تجربة شبابية سياسية تصب في النهاية من خلال هذا التكوين السياسي الميداني في تعميق التجربة الديمقراطية الحزبية وفي تعميق الولاء الحزبي للمناضلين، وهذه الصورة بلا مبالغة إحدى التجارب المؤسسية التي مارستها المنظمة الشبابية للإصلاح والتنمية منذ تأسيسها في يونيو 2008.
إن الوعي السياسي مسار يبدأ من التربية السياسية التي تضمنها التعبئة والتأهيل وتصوغها الممارسة النضالية اليومية التي تتشكل من خلالها المهارة السياسية وينتهي بالعطاء القيادي للأطر الشبابية التي تساهم في تجذير الوعي السياسي لدى المناضل الحزبي وفي نشر الخطاب السياسي وتعبئة الجمهور لمشروعها الوطني.