في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2007، أي منذ عشر سنوات، لم يكن أحد يتخيل عندما فاز النجم البرازيلي المعتزل ريكاردو كاكا بجائزة اللاعب الأفضل في العالم، التي يمنحها الفيفا، بأن عصرا جديدا في كرة القدم العالمية على وشك البزوغ.
وفاز النجم البرازيلي الذي كان يبلغ في ذلك اليوم 25 عاما، وأحرز في ذلك العام دوري أبطال أوروبا، بجائزة أفضل لاعب في العالم بعدما تفوق في التصويت على النجمين الصاعدين آنذاك، كريستيانو رونالدو (22 عاما) وليونيل ميسي (20 عاما). يذكر أن تلك المرة كانت الأخيرة التي تمنح فيها جائزة الفيفا للاعب آخر غير البرتغالي والأرجنتيني حتى يومنا هذا. وقبل أن تبدأ سيطرة نجمي برشلونة وريال مدريد على الكرة العالمية، كان كاكا آخر النجوم العالميين الذين فازوا بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. ولذلك، يعتبر إعلان اعتزاله يوم الأحد الماضي بمثابة نهاية لحقبة مميزة في تاريخ الكرة العالمية قبل بدء عصر رونالدو وميسي.
ريكاردو ازيسيون دوس سانتوس ليتي، هذا هو الاسم الحقيقي لكاكا المولود في 22 نيسان/أبريل 1982 في غاما بولاية برازيليا لعائلة من الطبقة الراقية. وهاجر كاكا مع عائلته صغيرا إلى مدينة ساو باولو لينضم إلى فريق الشباب للنادي الذي يحمل اسم المدينة في العام 1994. وفي العام 2000، تعرض كاكا لحادث مروع أثناء لعبه في أحد أحواض السباحة إثر إصابته بكسر في إحدى فقرات العمود الفقري، وهي الإصابة التي كادت أن تتركه قعيدا. وبعد عدة أشهر من العلاج، نما خلالها حسه الديني بشكل كبير، وعاد لناديه في شباط/فبراير من العام التالي (2001) وخاض مع الفريق الأول أولى مبارياته الرسمية، وكانت أمام بوتافاغو. وفي السابع من أذار/مارس 2001 خاض ساو باولو مباراة أخرى أمام بوتافاغو وكان متأخرا بهدف قبل أن يشارك كاكا كبديل ويسجل هدفين ليمنح فريقه الأفضلية، لتبدأ منذ تلك اللحظة علاقة وطيدة بين جماهير ساو باولو وأيقونتها الجديدة، اللاعب الصاعد الذي لم يكن يبلغ بعد 20 عاما. وبفضل سرعته العالية وقدراته الفنية وتحكمه الكبير بالكرة، بالإضافة إلى تسديداته بعيدة المدى، أصبح كاكا مع مرور الوقت أحد أهم اللاعبين في ساو باولو، وبدأ صيته يذيع بين الأندية الأوروبية التي أخذت تلهث وراءه للحصول على خدماته. لكن قبل أن يعبر إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي، بدأ كاكا مشواره مع المنتخب البرازيلي، حيث شارك دوليا للمرة الأولى في 2002 في مباراة ودية أمام بوليفيا، ليتم اختياره من لويس فيليبي سكولاري، مدرب البرازيل، للمشاركة في كأس العالم بكوريا واليابان. وتوجت البرازيل بمونديال ذلك العام ليفوز كاكا (20 عاما) بالمونديال الأول والأخير له، رغم أنه كان بديلا للنجم رونالدينيو ولم يشارك سوى لـ25 دقيقة طوال البطولة، وكان ذلك أمام كوستاريكا في دور المجموعات. وفي 2003، انتقل إلى ميلان الإيطالي مقابل ثمانية ملايين ونصف المليون يورو. ورغم جلوسه على مقاعد البدلاء في بداية الأمر، بدأ كاكا في التأقلم سريعا مع الكرة الإيطالية ليأخذ مكانه في التشكيلة الأساسية بعد عدد قليل من المباريات متفوقا على نجوم من العيار الثقيل مثل مواطنه ريفالدو والبرتغالي روي كوستا. وقضى كاكا بين جدران النادي الإيطالي أفضل أعوام مسيرته ليصبح اللاعب الأفضل في العالم. ووصل كاكا مع ميلان إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في 2005 ولكنه خسر أمام ليفربول في مباراة تاريخية رغم تفوقه في الشوط الأول بثلاثية نظيفة. وفي العام التالي (2006)، خرج ميلان من الدور قبل النهائي على يد برشلونة بقيادة رونالدينيو. وشهد ذلك العام خيبة جديدة للنجم البرازيلي بعدما خرجت البرازيل، التي كانت تلقب بفريق الأحلام، من دور الثمانية لكأس العالم 2006 أمام فرنسا. لكن في العام 2007 تمكن كاكا من الثأر لنفسه ولفريقه وتوج بلقب دوري أبطال أوروبا على حساب ليفربول في النهائي بعدما حصد لقب هداف البطولة. يذكر أن كاكا سجل ثلاثية (هاتريك) في شباك مانشستر يونايتد في الدور قبل النهائي في ذلك العام. ودفع تألق كاكا الكبير مع النادي الإيطالي ريال مدريد إلى التعاقد معه في 2009 مقابل 65 مليون يورو. وبعد يومين من إبرام هذه الصفقة قام النادي الملكي بشراء البرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد مقابل 100 مليون يورو. ومع حلول نيسان/أبريل منذ ذلك العام بدأ الانحدار التدريجي لمسيرة النجم البرازيلي، ففي الوقت الذي راح رونالدو يثبت فيه أنه يستحق الأموال التي دفعت للحصول على خدماته، لم ينجح كاكا في تثبيت قدميه في النادي المدريدي بعدما وقع فريسة للإصابات المتتالية لينتهي به الأمر على مقاعد البدلاء. ويرى الكثير من جماهير الريال أن شراء كاكا كان نوعا من الاستثمار السيئ. ورحل كاكا عن النادي الملكي في 2013 ولم يفز معه سوى بلقب الدوري الإسباني لموسم 2012/2011، ليعود مجددا لميلان ثم إلى ساو باولو ولكنه لم يقدم مرة أخرى الأداء الذي ظهر به في سنواته الأولى. ووصل النجم البرازيلي إلى آخر محطاته عندما حط رحاله بنادي أورلاندو سيتي الأمريكي، الذي لعب معه في 15 تشرين الثاني/أكتوبر الماضي آخر مبارياته والتي كانت أمام كولومبوس كرو. وودع كاكا كرة القدم الاحد الماضي، وأعلن عن قراره خلال مقابلة تليفزيونية داخل ملعب مورومبي، معقل ساو باولو. وعقب انتهاء المقابلة، بقي كاكا وحيدا يصوب ناحية مرمى الملعب الذي شهد أول تصفيق حار يتلقاه في مسيرته.