اختتمت أعمال القمة الإسلامية الطارئة في مدينة إسطنبول في تركيا، بمشاركة أكثر من 40 من الدول الأعضاء بالمنظمة، لبحث المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وتطورات الأوضاع في فلسطين.
وطالب المشاركون في القمة بإجراءات فورية لدعم الفلسطينيين، وقضيتهم ومواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والتصدي للإجراءات الأمريكية "المنحازة لإسرائيل"، لا سيما نقل سفارتها للقدس المحلتة.
ومن بين المطالب كان الدعوة لمحاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين، وفتح تحقيق مستقل بالمجازر التي تمت ضد الفلسطينيين السلميين في قطاع غزة، إلى جانب التصدي لأمريكا من خلال إعادة النظر بالعلاقات الاقتصادية معها.
وشارك في القمة من قادة الدول العربية والإسلامية كل من أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الأفغاني أشرف غني.
وتأتي هذه القمة استجابة لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باعتباره رئيس الدورة الـ13 لمنظمة التعاون الإسلامي.
انطلقت في اسطنبول التركية أعمال القمة الخاصة لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة التطورات الأخيرة في فلسطين بما في ذلك افتتاح السفارة الأمريكية في القدس وجرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين.
وفي كلمة ألقاها خلال مستهل القمة، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إنه سيطرح أحداث غزة، على الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار إلى التوتر الآخر ناجم بدرجة كبيرة عن قرار واشنطن نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس، قائلا: "حذرنا الولايات المتحدة من أن نقل سفارتها إلى القدس سيشعل المنطقة وسيسفر عن التصعيد الحاد".
وقال إن مدينة القدس تمثل إرثا لجميع المسلمين ومكانا مقدسا لكل الديانات السماوية.
وتابع متعهدا: "إننا لن نتراجع عن مطالبنا بإقامة دولة فلسطين عاصمتها القدس".
واعتبر أن "أي هجمة على القدس هي هجمة على المقدسات المسيحية والإسلامية كافة"، مضيفا أن
"قضية القدس قضية كل المسلمين ولا يمكن ترك مصيرها لدولة إرهابية مثل إسرائيل".
وأكد أن "ما تقوم به إسرائيل من وحشية تشبه ما يقوم به قطاع الطرق، وانتهاكاتها تشبه أفعال النازيين".
وقال إن "يوم الاثنين الماضي سجلت نكبة أخرى في تاريخ فلسطين"، إذ قامت إسرائيل بمجزرة جديدة ضد الفلسطينيين، وقامت أمريكا بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، معتبرا أردوغان أن "يدي الولايات المتحدة الأمريكية تلطخت بدماء الشعب الفلسطيني".
واتهم إسرائيل بارتكاب مجازر حقيقية بحق الفلسطينيين، موضحا: "أقولها بوضوح، ما تقوم به إسرائيل هو قطع للطرق، ووحشية، وإرهاب دولة".
واعتبر أردوغان أنه "لا فرق بين ما تعرض له اليهود في أوروبا خلال فترة النازية وما يتعرض له الفلسطينيون الآن"، مشددا على أنه يفرق بين الصهاينة واليهود، ومؤكدا أن " الصراع الحقيقي هو مع الصهاينة الذين لا يمكن التسامح مع عدائهم للمسلمين".
ودعا إلى ضرورة محاسبة إسرائيل على جرائمها، فيما تعهد بأن تركيا ستسعى لذلك عبر منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبينا أن جميع الجهود المبذولة في مجلس الأمن تعرقلها الولايات المتحدة.
العاهل الأردني يدعو لإجراءات فورية
بدوره، دعا العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الجمعة، الدول العربية إلى اتخاذ "إجراءات فورية لدعم صمود الفلسطينيين".
ووصف مدينة القدس المحتلة بأنها "توأم عمان" و"مفتاح السلام والوئام".
وأضاف الملك عبد الله، في كلمة له بقمة التعاون الإسلامي الاستثنائية في إسطنبول، أن "السلام سبيله الوحيد هو إنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق حل الدولتين".
وشدد على أن "منطقتنا لن تنعم بالسلام الشامل إلا بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. لا بد أن تقوم الدول العربية بإجراءات فورية لدعم صمود الفلسطينيين".
وتابع بأن "موقفنا الثابت هو أن القدس الشرقية أرض محتلة ومن قضايا الوضع النهائي يتحدد مصيرها من خلال التفاوض على أساس الشرعية الدولية".
واعتبر ملك الأردن، أن "نقل السفارة الأمريكية (من تل أبيب) إلى القدس (الإثنين الماضي)، يعمق اليأس الذي يؤدي إلى العنف".
ونوّه إلى أنه "قبل حوالي خمسة أشهر من اليوم، التقينا (في قمة استثنائية بإسطنبول) لمواجهة التبعات الخطيرة للقرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".
وتابع: "وها نحن اليوم نلمس النتائج التي حذرنا منها، وهي إضعاف ركائز السلام والاستقرار، وتكريس الأحادية، وتعميق اليأس الذي يؤدي إلى العنف".
وشدد على أن "العنف والاعتداءات والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، وغيره من الأراضي الفلسطينية، يجب أن يتوقف".
ومضى قائلا: "على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته أمام التاريخ، وعلى سائر شعوب العالم وأصحاب الضمائر الحية أن يتحملوا مسؤولياتهم في حماية الشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه وإنهاء الاحتلال والظلم والإحباط".
وأضاف الملك عبد الله، أن "الوصاية الهاشمية (الأردنية) على المقدسات (في مدينة القدس) مسؤولية تاريخية".
وشدد على "مواصلة حملها والتصدي لأي محاولة لفرض واقع جديد".
الحمد الله: لا سلام دون حرية القدس
قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، إنه "لا سلام ولا استقرار دون حرية القدس وأهلها".
وخلال كلمته، في الجلسة الافتتاحية لقمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة، المنعقدة في إسطنبول، الجمعة، اعتبر الحمد الله، نقل السفارة الأمريكية للقدس، "عملا عدوانيا ضد الأمة الإسلامية، وضد المسلمين والمسيحيين".
وأضاف: "أمريكا عبرت بوضوح عن عدم احترامها للفلسطينين بل ولكل مشاعر المسلمين حول العالم".
وتابع بأن "نتطلع إلى أن تقوم منظمة المؤتمر الإسلامي بممارسة ضغوط، لضمان عمل تحقيق شامل في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينين، منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس".
وثمن الحمد الله، دور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الدعوة لعقد القمة الطارئة.
وشدد على حق الفلسطينيين في "اللجوء لكل السبل القانونية والدبلوماسية لمواجهة الأعمال العدوانية من جانب الولايات المتحدة، واعتبار أي دولة تقوم بأعمال مماثلة، متواطئة في تقويض القانون الدولي".
ودعا القمة لاتخاذ خطوات تجاه الدول التي حذت حذو الولايات المتحدة، وقطع العلاقات معها.
وطالب المجتمعين باتخاذ خطوات عملية لمواجهة الاستيطان الإسرائيلي ومقاطعة بضائع المستوطنات، وبالمقابل، دعم صمود المقدسيين وتعزيز ثباتهم.
وأشار الحمد الله، إلى مسؤولية المجتمع الدولي في "ضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم الإسرائيليين من العقاب".
وأكد أهمية دعم خطة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للسلام، والعمل على إنشاء آلية دولية متعددة لتحقيقه.
إعادة النظر بالعلاقات الاقتصادية مع أمريكا
من جهته، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الدول الإسلامية إلى إعادة النظر في علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، ردا على قيامها بنقل سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة.
وقال روحاني في كلمة ألقاها أمام قمة طارئة للدول الإسلامية في إسطنبول وأذاعها التلفزيون الإيراني على الهواء مباشرة: "أدعو الدول إلى قطع علاقاتها تماما مع الكيان الصهيوني (إسرائيل) وأيضا إعادة النظر في علاقاتها التجارية والاقتصادية مع أمريكا".
الدعوة للتحقيق بمجزرة غزة
وطالب أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، الجمعة، بتشيكل "لجنة خبراء مستقلة "للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة على حدود غزة.
جاء ذلك في كلمة له أثناء وقائع الجلسة الافتتاحية لقمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة، في مدينة إسطنبول التركية.
وقال العثيمين: "تؤكد المنظمة على أهمية العمل على تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم إسرائيل بغزة لإدانة المسؤولين الإسرائيلين".
وأضاف: "التحقيق الدولي في الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في 14 مايو (الجاري) هو مطلب ملح وعادل، إذ أن نتائجه ستؤدي إلى مساءلة المعتدي".
وتابع: "ظهرت ازدواجية المعاير الدولية في الوقت الذي كانت إسرائيل تحتفل فيه بافتتاح السفارة الأمريكية بالقدس، كانت الدماء في غزة تسيل".
وجدد العثيمين رفض منظمة التعاون قرار أمريكا اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقلها سفارة بلادها إليها الإثنين الماضي، واعتبر الخطوة انتهاكا للقانون الدولي.
وأكد على المسؤولية التاريخية والسياسية والأخلاقية التي يتحملها المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وخاصة قضية اللاجئين وحقهم في العودة.
ودعا كافة الأطراف الفاعلة إلى "الانخراط في رعاية عملية سياسية متعددة الأطراف في إطار زمني محدد وعلى مبدأ إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأوضح العثيمين أن القضية الفلسطينية تحتل صدارة أولويات المنظمة.
وفي وقت سابق اليوم، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قرارا بشأن "إرسال فريق دولي متخصص في جرائم الحرب إلى غزة"، وفق إعلام دولي.
واستقبل وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، باسم تركيا، زعماء الدول والحكومات والوفود المشاركة في القمة، التي تُقام في مركز إسطنبول للمؤتمرات.
والتقط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صورا تذكارية مع المسؤولين المشاركين، بينهم رؤساء 9 دول ونواب رؤساء ورؤساء وزراء ورؤساء برلمانات 8 دولة.
ويشارك في القمة وزراء خارجية 15 دولة، من المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين، بينما تشارك الإمارات العربية المتحدة بمستوى وزير دولة.
ومن المتوقع أن يصدر بيان ختامي، وأن يعقد الرئيس أردوغان، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، يوسف بن أحمد العثيمين، ورئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله، مؤتمرًا صحفيًا في نهاية القمة.
والثلاثاء الماضي، دعا أردوغان، إلى عقد قمة استثنائية للمنظمة، ردًا على استشهاد عشرات الفلسطينيين في مجزرة إسرائيلية دامية بقطاع غزة.
وارتكب الجيش الإسرائيلي، الاثنين والثلاثاء، مجزرة بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة، استشهد فيها 62 فلسطينيا وجرح 3188 آخرين، بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وكان المتظاهرون يحتجون على نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، الذي تم الاثنين، ويحيون الذكرى الـ70 لـ"النكبة".