محمد الامين ولد الفاضل
سأحاول ـ في هذا المقال القصير الذي يشكل تكملة لمنشوري السابق ـ أن أتوقف بشكل سريع جدا ومختصر جدا مع سيرة حياة داعية غادر دنيانا الفانية ليلة الجمعة الماضية.
سأحاول في هذا المقال القصير أن أضغط سيرة حياة هذا الداعية، وأن أقدمها للقراء بشكل سريع من خلال ثلاث محطات: أولاها تتعلق بآخر ليلة في حياته، والثانية تتعلق بالأعمال التي كان يفكر بالقيام بها، والثالثة تتعلق بجهده الدعوي فيما مضى من عمره.
اللقطة الأولى: آخر ليلة في حياة هذا الداعية
الزمان : ليلة الجمعة الموافق 16 من رمضان (في نهارها ستحل ذكرى معركة بدر)
المكان : مسجد التوبة في مقاطعة الرياض
الداعية والأمير في جماعة الدعوة والتبليغ عبد الله ولد محمدن يعلق بعد صلاة العشاء والتراويح على صور من حياة الصحابة، وقد حث خلال تعليقه على الدعوة، وعلى تغليب الإنفاق في سبيل الله على شهوات النفس .
في حدود الساعة الواحدة (والمكان دائما هو مسجد التوبة): يرحل هذا الداعية عن دنيانا الفانية وكانت تلكم هي آخر الأعمال التي قدمها في آخر ليلة من عمره.
اللقطة الثانية: الأعمال التي كان يفكر بالقيام بها
كان هذا الداعية يفكر من قبل وفاته في :
ـ عمرة، وقد حجز تذكرة للسفر في يوم الاثنين القادم إلى الأراضي المقدسة
ـ اعتكاف في الأواخر من رمضان
ـ خروج جديد في سبيل الله لمدة أربعين يوما
كانت تلكم هي الأعمال التي كان يخطط لها الداعية الراحل من قبل وفاته.
اللقطة الثالثة: كيف قضى هذا الداعية حياته؟
عاش هذا الداعية 55 عاما
ـ قضى منها 30 عاما في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة حسب شهادة للشيخ أبو بكر ولد أحمد وهو صديق مقرب للداعية ورفيقه في الدعوة.
ـ كان في أول جماعة تخرج إلى الحوضين في العام 1989 ميلادي حسب ما كتبه محمد الصافي بن محنض.
ـ وحسب نفس الشهادة فقد كان من بين ثلاثة أسسوا أول عمل مقامي في جامع بداه ولد البصيري رحمه الله، وكان ذلك بإجازة وتشجيع من الإمام رحمه الله تعالى.
ـ كان مساء كل أربعاء يقف خطيبا في المسجد للتذكير والترغيب في الدعوة وفي الخروج في سبيل الله.
ـ خرج داعية في سبيل الله إلى أماكن عديدة، فزار كل ولايات الوطن، ومعظم العواصم العربية، وعشرات الدول في غرب ووسط وجنوب إفريقيا، وزار الهند وباكستان وبانغلادش وفرنسا واسبانيا..
كانت كل هذه الرحلات الدعوية على حسابه الخاص، وهو بالمناسبة كان يمارس مهنة التعليم (أستاذ لمادة الفيزياء).
ـ من ثمرات هذا الجهد الدعوي الذي استمر لثلاثة عقود أن هدى الله به إلى الدعوة الكثير من عامة الناس، هذا بالإضافة إلى عشرات الأساتذة.
هذه لقطات مضغوطة من حياة هذا الداعية كتبتها لي وللقراء، وأسأل الله أن ينفعني وإياهم بها، وأن يجعلني وإياهم ممن صلح عمله وحسنت خاتمته.
اللهم اجعلنا ممن يقرأ بتدبر قولك ((وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)) وقولك (( لمثل هذا فليعمل العاملون)).
في الختام أجدد التعزية لذوي الفقيد ولكل الأحباب في جماعة الدعوة والتبليغ وأسأل الله تعالى أن يبدل الفقيد داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأن يدخله الجنّة. اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
رمضان كريم..
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل
[email protected]