ا نروم من وراء هذه العجالة تعداد مآثر الدكتور التويجري، لسببين: أولهما أن مثلها إيجازا لا يكفي لبسط مآثر الرجل التي لا تحيط بها مجلدات؛ وثانيهما أن مآثره معروفة والحديث عنها لن يخرج عن إطار تعريف المعرف وتأكيد المؤكد.
ولو تجاهلنا السببين المشار إليهما آنفا فسنواجه أيضا إشكالا آخر؛ هو: من أين نبدأ؟ هل نبدأ من إسهامات الرجل في دراسة أبرز مشاغل وهموم الفكر العربي المعاصر؟ أم جهوده لقراءة التراث؟ أم دوره المتميّز في تشييد أهم صرح معرفي إسلامي هو منظمة "إيسيسكو"؟ أم جهده الشخصي الفريد في خدمة الثقافة العربية الإسلامية ودعم سدنتها من باحثين وغيرهم؟.
إن اسم الدكتور التويجري يرد متقدما إن لم نقل متصدرا حين نتحدث عن المفكرين العرب الذين تصدوا للإشكالات الفكرية المعاصرة وامتشقوا أقلامهم ليس فقط لصياغة موقف عربي إسلامي منها؛ بل لتوطين المفاهيم الحداثية وتأصيلها والسعي الرصين لأسلمة الحداثة نفسها.
لقد كان التويجري كما تبين مؤلفاته بوضوح منذ البدء داعية سلام من أجل حوار الحضارات وتعايشها، بل تحالفها؛ وسعى على الدوام إلى إبراز الوجه المشرق للإسلام الصحيح في مواجهة "الإسلامفوبيا" التي اجتاحت الغرب بتخطيط من أعداء الإسلام مستغلين حماقات جماعات الإرهاب والعنف باسم دين التسامح الذي هو منهم براء.
ولعل بقاء الدكتور التويجري على رأس المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة لفترة طويلة لأكبر دليل على الثقة الكبيرة التي يحظى بها من كل الفاعلين في المشهد الثقافي والفكري على امتداد الخارطة الإسلامية؛ وهي ثقة لم تكن وليدة المصادفة؛ بل لأن الرجل منذ يومه الأول في منصبه نذر نفسه لخدمة أهداف المنظمة التي أرادها الأعضاء والمؤسسون تجسيدا لطموح الشعوب المسلمة إلى نظام تعليم إسلامي أصيل، يعكس التاريخ و الهم المشترك لتلك الشعوب؛ سبيلا إلى تحقيق أهداف كبرى في مقدمتها إبراز المكانة العالية للإسلام عبر تاريخه في تقدم البشرية، وما حمله من آفاق الانفتاح و التسامح و السلام.
وما فتئ دور المنظمة يتعاظم بتعدد القطاعات والإدارات فيها و اتساع مجالات نشاطاتها منذ تحمل الدكتور التويجري عبء إدارتها العامة؛ الأمر الذي جعل الأعضاء يجددون ثقتهم به كل مرة عرفانا بالجميل وحرصا على استمرار مسيرة العطاء التي يمثلها.
بقلم: محمد عبد الرحمن ولد الزوين
منسق الاتحاد العالمي للصحفيين في الدول الاسلامية، المدير الناشر لصحيفة السفير أول يومية عربية في موريتانيا.