تطالعنا وسائل الإعلام المحلية بصراع مرير بين نقابتي "الكونفدرالية العامة للعمال الموريتانيين" ((CGTM و"الكونفدرالية الوطنية للعمال الموريتانيين" (CNTM)، وظاهر الصراع يتعلق بالأحقية في تمثيل العمال الذين سرحتهم مؤخرا شركة "شنكر" التابعة للشركة الفرنسية الأم .... ,الحقيقة هي أن الصراع أعمق مما يعتقد ، فهو يتعلق أولا بتنافس محتدم بين النقابتين حول التمثيل النقابي الموريتاني في المحافل الإقليمية (العربية والإفريقية) والدولية (في جنيف )، بعد أن تأكد أنه ليس بمقدور "اتحاد العمال الموريتانيين" ( (UTMالاحتفاظ باحتكار التمثيل النقابي الموريتاني، والذي هو نتاج الأحادية النقابية الفعلية التي استمرت من استقلال البلاد سنة 1960 وحتى بداية الانفتاح الديمقراطي الحالي. فبدلا من أن تتأسس نقابات عمالية جامعة ومستقلة عن التيارات السياسية ، أصرت كل جهة سياسية على إنشاء ورعاية "نقابتها"، فرعى "الكادحون" "الكونفدرالية العامة" و"الإخوان" "الكونفدرالية الوطنية".
فالصراع الدائر بين الكونفدراليتين يخبئ دون ما شك صراعا سياسيا محتدما بين شريكين رئيسيين في "المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" ( (FNDU، فالتوجهات اليسارية (لكي لا نقول الشيوعية الجديدة !) التي يتبناها "الكادحون" تتناقض في كل شيء مع التوجهات "الإسلاموية" التي يركز عليها "الإخوان"، صراع أزلي لم ولن تستطيع البراغماتية السياسية اختزاله ، خاصة بعد الفشل الذريع الذي منيت به "الإخوانية" العالمية ، إثر الإخفاق المدوي ل-"لربيع العربي" وتآكل الطرح الشيوعي بعد سقوط جدار برلين. ولعل حمى الصراع الجديد بين الطرفين تؤشر إلى أن كليهما يريد أن يكون أول من يتقرب سياسيا (ولو من خلال النافذة...النقابية) من الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بعد فوزه بمأمورية ثانية وبعد الانتكاسة التي مني بها "المنتدى" عندما هدد و وعد بالتشويش على حفل تنصيب الرئيس، إلا أن الأمور سارت وكأن "المنتدى" مجرد ظاهرة صوتية وإعلامية جوفاء...
بقلم / سيدي ولد احمد