واصلت قيادات وزارة الداخلية المصرية، إبان ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين والولايات المتحدة الأمريكية، واتهامهم بتدبير مؤامرة خارجية على مصر، تحت زعم “الربيع العربي”، لإسقاط الدولة المصرية، في إشارة إلى الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك.
وخلال جلسة إعادة محاكمتهم في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس الأسبق، حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، والتي قررت المحكمة تأجيلها الغد، نفى حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق وعدلي فايد مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام الأسبق كل الاتهامات الموجهة إليهما.
واتهم عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق (كان تابعا لوزارة الداخلية قبل حله ويقوم بوظيفته حاليا جهاز الأمن القومي الذي تشكل بعد ثورة 25 يناير/ كانون ثان)، رمزين من رموز “ثورة 25 يناير” وهما الناشط السياسي وائل غنيم ومحمد البرادعي نائب رئيس جمهورية السابق الرئيس الاسبق للهيئة الدولية للطاقة الذرية بـ “العمالة لأمريكا”، والتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين من أجل “هدم الدولة المصرية”، وقال إن جماعة الإخوان “نشأت في أحضان المستعمر البريطاني” وأن القيادي الإخواني سيد قطب “أحد عملاء الإنجليز″.
وفي تعقيبه على اتهامات النيابة قال حسن عبد الرحمن، إنه لن يكشف كثير من الأسرار حفاظا على الأمن القومي، ووصف أحداث ثورة يناير/ كانون ثان 2011 بـ”المؤامرة الكبرى”، وأنها حدثت نتيجة “تضافر جهود قوي الشر الداخلية والخارجية لإسقاط الدولة وهدم دعائمها”.
وأشار إلى أنه تقدم إلى الجهات السياسية بمذكرة في 18 يناير/ كانون الثاني 2011، حول تطورات الأحداث في دولة تونس (التي شهدت ثورة أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في يناير/ كان ثان 2011) ومعطيات الموقف الداخلي للبلاد واحتمالات حدوث ذلك في مصر، وخطورة الموقف الداخلي.
وأضاف: “المذكرة كشفت أن الأوضاع الداخلية يسعى لاستغلالها محمد البرادعي وجماعه الإخوان، لتنظيم مسيرة حاشدة للتعبير عن الرأي واتخاذ قوى دولية كأمريكا وإعلان التحدي والسعي إلى تحقيق حشد يسمح للعناصر الإجرامية التعدي على المنشآت والممتلكات”.
وأشار إلى أن المذكرة تضمنت “تخوفات” من مشاركه عناصر من حماس الفلسطينية وحزب الله الإسرائيلي وتسللهم للبلاد من الانفاق الحدودية وتهريب السجناء، خاصة في ظل تورط كتائب عز الدين القسام (الجناح المسلح لحركة حماس) وبعض البدو من تسلل عبر السودان لتفجير خطوط الغاز في شمال سيناء (شمال شرق).
وتابع مضيفا : “وزارة الداخلية على مدار تاريخها حذر من مسالك جماعة الإخوان التي دربت شبابها تدريبات عسكرية وجمعت الأسلحة وتخزنها، وتجاوز نشاطها الأغراض المشروعة إلى أغراض يجرمها القانون بالقوة والإرهاب”.
وحول سبب اتهامه أمريكا بدعم الإخوان في هذه الأحداث و”التآمر” على مصر، قال عبد الرحمن إنه بعد “انهيار برج التجارة العالمي في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أشرفت المخابرات الأمريكية على انشاء وتمويل العديد من الهيئات بدعوى الديمقراطية، وهو ما طالبت به في 2005، مجموعة (حل) الأزمات الدولية ببروكسل الحكومة المصرية لإضفاء الشرعية علي جماعه الإخوان”.
وتعرض رئيس جهاز أمن الدولة السابق، في تعقيبه أمام محكمة جنايات القاهرة، إلى الناشط السياسي وائل غنيم أحد أبرز الوجوه في ثورة يناير/ كانون ثان عام 2011.
وقال عبد الرحمن إن “وائل غنيم انخرط أثناء دراسته الجامعية في نشاط جماعة الإخوان المسلمين، وكان مرصودا لدى أجهزة الأمن، وبعد تخرجه سافر إلى أمريكا للعمل وهناك تعرف على أمريكية وتزوج منها، واستمر نشاطه مع الجماعة، وأنشأ لها موقع “إخوان أون لاين” وهو الموقع الذي يتحدث باسم الجماعة حتى الآن”.
وأضاف: ثم انشأ موقع “كلنا خالد سعيد”، وبعد ظهور البرادعي على الساحة السياسية أنشا له صفحة، وكان له دور في تحريك الشباب في 25 يناير”.
واستطرد: وأثناء الثورة أقام وائل غنيم في أحد فنادق مصر الجديدة، ورصدنا اتصالا له بأحد العناصر الأجنبية، وتم ضبطه في أعقاب لقاء تم بينه وبين أحد العناصر الأمريكية، وهو عميل للمخابرات الأمريكية، وتركز حوارهما في هذا اللقاء عن قوة جماعة الإخوان وقدرتهم على السيطرة على الأحداث السياسية”.
واتهم حسن عبد الرحمن، محمد البرادعي، نائب الرئيس السابق هو الآخر بـ”التورط” في أحداث الثورة عبر “مخطط يشارك في تنفيذه وهو مخطط تقسيم الشرق الأوسط وتحويلها إلى كانتونات صغيرة حول الكانتون الإسرائيلي”.
كما اتهم رئيس جهاز أمن الدولة في عهد مبارك البرادعي بـ”التحالف مع أمريكا ومجموعة من المصريين منهم عدد من الإخوان لهدم الدولة المصرية”.
وتطرق عبد الرحمن إلى اتهامه بفرم (إتلاف) مستندات أمن الدولة، وقال: “تم اتهامي بهذا الاتهام والاستبعاد من الجهاز لكشفي مؤامرة الإخوان، قائلًا: “هذه الجماعة تحيط بها الشكوك، حيث تأسست عام 1928 في مدينة الإسماعيلية (شمال شرق) في أحضان المستعمر الإنجليزي على يد مؤسسها حسن البنا، وسرعان ما امتدت دعوتها في أرجاء البلاد، وفي سنوات معدودة”.
وأردف قائلًا: “سيد قطب (أحد قيادات الجماعة)، الذي احتضنته الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية أربعينيات القرن الماضي، تم تجنيده من قبل الإنجليز وذلك حسب ما قال أحد الكتاب الإنجليز في كتابه بروج مشيدة”.
وبدوره، نفى عدلي فايد، خلال دفاعه عن نفسه، تلقي قيادات جهاز الشرطة أوامر بقتل المتظاهرين، وقال : لو كنا اتفقنا على قتل بعض المتظاهرين لترويع الباقي، لقتلنا محمد البلتاجي القيادي بجماعة الإخوان، والمرشد (مرشد جماعة الإخوان) محمد بديع قبل أن يصلوا لميدان التحرير”.
وذكر المراسل، الذي حضر الجلسة، أن محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في مقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس (شرقي القاهرة)، قررت اليوم الأحد، التأجيل إلى جلسة الغد، للاستماع للتعقيب النهائي اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية الاسبق لقطاع الامن المركزي، واللواء إسماعيل الشاعر مساعد وزير الداخلية مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي واللواء عمر الفرماوي مساعدا وزير الداخلية الأسبق.
وأفاد مراسل الأناضول بأن جلسة اليوم التي بثتها وسائل إعلام على الهواء مباشرة شهدت استماع هيئة المحكمة، برئاسة القاضي محمود كامل الرشيدي، لمرافعة اللواء عدلي فايد واللواء حسن عبد الرحمن خارج قفص الاتهام، حيث أمرت المحكمة بذلك لتتمكن من سماعهما بوضوح.
وفي تعقيبه، على اتهامات النيابة قال عدلي، إنني “لا أقف أمام حضراتكم للدفاع عن نفسى، ولكن لأشرح ملابسات الأحداث منذ بدايتها، وخاصة يوم 28 يناير ( كانون ثان)، فاندلعت المظاهرات فى محافظات مصر، وتحول الأمر بعد ذلك من مظاهرة سلمية إلى استفزاز، وتعدى المتظاهرون على قوات الأمن المركزي بطريقة واحدة ليتم تدمير 4 آلاف سيارة شرطة ومدرعة، قبل أن يتم الهجوم على المنشآت الشرطية من أقسام الشرطة والمديريات والنجدة والسجل المدني، وسرقة ما بها من أسلحة ومضبوطات وحرقها”.
وأضاف عدلي أن “رجال الشرطة فروا من مواقعهم بعد تلك الأحداث، خوفا على حياتهم، وليس لإحداث انفلات أمنى بالبلاد”، مضيفا بلهجة منتقدة: “في حال وجودنا قالوا نقتل المتظاهرين، وفي حال هروبنا قالوا عرضنا حياة المتظاهرين للخطر بالانفلات الأمني”.
ونفي فايد إصدار حبيب العادلي وزير الداخلية في عهد مبارك، وأحد المتهمين بالقضية، أي أوامر بقتل المتظاهرين، وقال إنه “لا يوجد ضابط في مصر يستطيع أن يقول أننا اصدرنا أوامر له بقتل المتظاهرين”، وأضاف أن أحكام البراءات التي حصل عليها مديرو الأمن والضباط بالمحافظات، تكشف حقيقة عدم إصدارنا أي أوامر بقتل المتظاهرين”.
وأضاف: “لو اتفقنا علي قتل بعض المتظاهرين لترويع الاخرين، لكنا قتلنا محمد بديع (المرشد العام للإخوان) ومحمد البلتاجي (القيادي بالجماعة)، قبل أن (يصلا) إلى ميدان التحرير”.
وانهمر فايد في نهاية حديثه الذي استمر قرابة 4 ساعات، في البكاء، مطالبا المحكمة بأن تظهر براءته أمام الجميع.
ولم يحضر مبارك جلسة اليوم، نظرا لإصابته في الجلسة الماضية، حيث سمح له القاضي بعدها بالمغادرة إلى مستشفى المعادي العسكري (جنوبي القاهرة) المحبوس بها، تنفيذًا لحكم بحبسه في قضية “فساد مالي”.
وصدر بحق مبارك حكم بالحبس ثلاث سنوات، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”قصور الرئاسة”، والمدان فيها مع نجليه علاء وجمال بتسهيل الاستيلاء على ملايين الجنيهات من ميزانية رئاسة الجمهورية.
ويحاكم مبارك ونجلاه علاء وجمال، ووزير داخليته و6 من كبار مساعدي الأخير في قضية قتل المتظاهرين، بتهم “التحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 2011، وإشاعة الفوضى في البلاد، وإحداث فراغ أمني فيها”.
كما يحاكم مبارك ونجلاه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم في قضية أخرى بتهم تتعلق بـ”الفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعه عالميا”.
القدس العربي