ابتداء من يوم الخميس هذا (27 ـ 09 ـ 2018) فإنه لم تعد تفصلنا إلا ثمانية أشهر و22 يوما عن الانتخابات الرئاسية التي يُفترض تنظيمها حسب الآجال الدستورية في يوم 15 يونيو 2019. هذه فترة قصيرة جدا، وقد لا تكون كافية للتحضير الجيد للانتخابات الرئاسية، لمن بدأ من اليوم، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بمعارضة لم تُعرف في السابق بالانسجام التام، ولا بالجاهزية، ولا بالقدرة على اتخاذ القرارات في التوقيت المناسب.
هناك قرارات تصبح عديمة الجدوى، بل إنها قد تتحول إلى قرارات خاطئة، إذا تم اتخاذها في الوقت بدل الضائع، وفي تأخير بعض أحزاب المعارضة لقرار مشاركتها في انتخابات 1 و15 سبتمبر خير دليل على ذلك.
صحيح أننا اليوم نعيش وضعية مربكة ومفتوحة على كل الاحتمالات، ولكن ذلك يجب أن لا يقف ضد التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية، وعلى المعارضة أن تشتغل من الآن على جبهتين اثنتين، ولا يجوز لها بأي حال من الأحوال أن تتفرغ لجبهة دون الأخرى.
على المعارضة أن تقف بقوة ضد هذه الحملة الظالمة التي أطلقها النظام ضد الإسلاميين، والتي بدأت بإغلاق مؤسسات علمية تابعة للشيخ محمد الحسن الددو. لابد من وقوف المعارضة مجتمعة ضد هذه الحملة، ولابد من ردود أفعال مدروسة وفعالة لوقف هذا المسار التأزيمي الذي قرر النظام أن يُدخل فيه البلاد.
هذه الحملة التي أطلقها النظام قد تكون مستمرة، وقد يكون الهدف منها هو تأزيم الأوضاع لبقاء الرئيس ولد عبد العزيز في الحكم، بهذا الشكل أو ذاك، وذلك هو غالب الظن. ولكن هذه الحملة يمكن أن تكون أيضا مجرد حملة مؤقتة الهدف منها هو إشغال المعارضة، وخاصة تواصل الذي كان حضوره قويا في الانتخابات الأخيرة، إشغالها عن التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية القادمة، وذلك في وقت يكون فيه النظام يحضر وبشكل جيد، ومن وراء ستار، لتلك الانتخابات، وبذلك سيضمن فوزا سهلا على المعارضة.
لن يكون بإمكان المعارضة أن تكون منافسا قويا في انتخابات لم تحضر لها بشكل جيد، ولو أن النظام قرر أن ينظم الانتخابات الرئاسية غدا أو بعد غد لوجدت المعارضة نفسها في موقف حرج لا تحسد عليه. إن الجبهة الثانية أو الملف الثاني الذي على المعارضة أن تشتغل به، إضافة إلى الوقوف ضد الحملة التي أطلقها النظام ضد الإسلاميين، هو ملف الانتخابات الرئاسية، ولن تحقق المعارضة أي انجاز على مستوى هذا الملف، إذا لم تبدأ من الآن في التحضير الجيد لذلك الملف.
على المعارضة أن تشتغل، وفي وقت متزامن، على جبهتين اثنتين، وأن لا تفرط في أي واحدة منهما. فعلى المعارضة أن تحضر ـ ومن الآن ـ للملف الرئاسي على أساس أن الرئيس ولد عبد العزيز سيترك السلطة غدا، وعليها في الوقت نفسه أن تتحرك من الآن ضد الحملة التي أطلقها النظام ضد الإسلاميين، وعليها أن تتحرك في هذه الحالة، على أساس أن الرئيس ولد عبد العزيز لا يفكر في أن يترك السلطة أبدا.
إن ذلك يحتاج من المعارضة الجادة، أن تشكل جبهة قوية قادرة على الوقوف ضد مشاريع التمديد إذا ما قرر الرئيس أن يمدد لنفسه، وقادرة ـ في الوقت نفسه ـ على كسب الانتخابات الرئاسية، إذا ما قرر الرئيس أن ينظمها في موعدها، أو أن ينظمها من قبل موعدها.
ويبقى السؤال : متى سيتم تشكيل تحالف معارض قادر أن يعمل وبشكل متزامن على جبهتين أساسيتين لا يمكن التفريط في أي واحدة منهما؟
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل