بقلم: محمد الشيخ ولد سيد محمد/ أستاذ وكاتب صحفي
كثير من الراغبين في الاستثمار في أرض المنارة والرباط، والعديد من رؤساء الدول الأوروبية والصديقة المعجبين بتجربة استقرار موريتانيا، يعترفون بأن الفضل يعود إلى حكمة الرئيس عزيز في تحقيق مقاربة موريتانية نأت بالبلاد عن استنساخ تجارب الربيع العربي المدمرة من جهة .
و أتاحت لكل الأطراف السياسية غير المسلحة أو المجاهرة بتكفير الأنظمة والمجتمعات، فضاء من الحريات العامة والخاصة. ونازلت بقدراتنا العسكرية واللوجستية الذاتية المجاميع الإرهابية وأخرجتهم أذلة من ديار الملثمين من جهة ثانية.
وفي المجال الفكري كان لنا حواراتنا الفكرية مع المغرر بهم من شبابنا وفلذة أكبادنا .
وبأدواتنا ومرجعياتنا العلمية المختلفة ،قدم علماءنا بمختلف مشاربهم الفكرية لهؤلاء، مساهمات ومراجعات جمعت ومكنت من إعادة الكثيرين إلى سواء السبيل، بدون طلقة، ودون تنفير وتعسير.
وهو نهج يبدو جليا أنه أغاظ أهل الرأي المجرد من أدلة النصوص، ورماهم في أحضان خطابات الكراهية والاستهزاء والإلحاد .
وسعوا بكل أغيلمتهم وأحلافهم الى القضاء على هذه التجربة الشنقيطية الفريدة : حوارات ، وإعلاما إسلاميا راشدا، ونهج تعاضد بين علماء الخشية والرؤية الثاقبة لفخامة الرئيس .
وعملوا في العدوتين معارضة وموالاة ، على إشعال حرب بين تيارات علمية صرفة تعاضدت دفعا للغلو، وتمكينا لأسس العافية والسلم والحوار.، ورفضا لشعار الرحيل وحبطه الآفل.
ولا ضير فقد أصبحت موريتانيا ، بسبب هذا المناخ الايجابي المقنن، في الرؤية والتطبيق، نموذجا فريدا ، يأرز إليه رؤساء أجهزة البحث، ومراكز الدراسات، ويدرس في مؤتمرات البحث في شؤون مكافحة التطرف، و مقاربات إعادة الاعمار والسلام إلى المنطقة التي اجتاحتها حروب الدمار ، منذ احتل الغزاة العراق، ودخل الغلاة سوريا، وأثخن إعلام الحروب مدمرا حضارة اليمن ،وحارقا لآبار النفط وأكبر صندوق سيادي في ليبيا عمر المختار.
اليوم يلغ بعضهم عربا وموريتانيين للأسف -عاطفة أومكر السوء- في مسار غير مسارنا هذا، ويحثون الخطى فى وجهة غير وجهة قيادتنا الحكيمة وشعبنا المسالم، وهم يسعون ، حثا وخبثا ، إلى إلحاق بلدنا ببلدان تمزقت، واحتلت ، وذهبت هباء منثورا...
ترى الملحدين المجاهرين بعلمانية الدولة، والمستهزئين بالدين بالكلية، والخائضين في أهواء الفتن من كل حدب وصوب، يتمارون معا ، و يشحذون الآن أقلامهم المنكسرة ، ويطلون برؤوسهم الخاوية، وحناجرهم المبحوحة ، يدقون طبول الحرب في الأشهر الحرم ، ويسعون إلى ضرب أخماس بأسداس، بحثا عن شهرة أو منفعة دنيوية، لم ينالوهما خلال عشرية عاصفة .
عشرية كانوا فيها ألوانا وشيعا ، يحملون شعارات مناهضة هذا النظام ورئيسه، وهذا النهج المطبوع بالرزانة و بالأنفة والحلم
نهج رفض أن يصطف ببلدنا في حروب عبثية خاسرة .
كان و لايزال الأخسرون فيها هم ثالوث الطغاة، والغلاة ، والغزاة.
يستوي في ذلك كل من شارك فيها منهم بإعلامه ، وأفكاره ، وأمواله ، وشخصيات مأجورة .
ادرسوا جيدا مآلات صراعاتهم المستوردة ، في المرحلة الممتدة من غزو العراق الشهم، إلى فتنة رابعة في مصر عمرو بن العاص .
وشاهدوا بتأمل الآن دخان الحروب الأهلية بسوريا أرض العز بن عبد السلام ، وليبيا ابن منظور، وديار أهل اليمن أرق الناس أفئدة، وأصدقهم في ترجمة أركان الإيمان ومدارك الحكمة
ألا تتذكرون قول رسول الله عليه وسلم لصحابته الأجلاء:
" جاءكم أهل اليمن، هم أرق الناس أفئدة، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، ورأس الكفر بالمشرق".
موريتانيا الراشدة ، بلد لا يستورد الأزمات، وشعب لا يستنسخ تجارب بلدان أفلت أقمارها، وشموسها، ونضبت أفكارها، وخربت أحزابها، وأصبحت طاردة لشعوبها إلى قوارب بحار الموت، أو ملاجئ ضياع الهوية والدين.
موريتانيا الجديدة ليست بحاجة إلى مفاتيح للشر المتربصين، و إلى مغاليق الخير المترصدين.
موريتانيا بحاجة إلى العض على رؤية جنبتها المكاره.، و أوردتها المورد العذب للاستقرار والأمن .
في سنغافورة جعلوا العلم أولا، فذهبت الشحناء، واختفى الفقر.
في اليابان قدموا عقول السلم والجامعات ، على تجار الحروب و التحزبات، فكانت أغنى الدول ، وأقواها في وجه الزلازل.
في أندنوسيا، تقدمت العلوم الاجتماعية والإنسانية ، بمقاربة السلم والتنمية، في أكبر البلدان الإسلامية فقرا وتخلفا ، وكثافة وتعددية في القوميات واللغات، فكانت المعجزة الأندنوسية بقيادة مهاتير1 ومهاتير2 .
لم يقدم دعاة الاختلاف والتنابز، و وكلاء الصراعات لأقوى الدول إلا الدماء والأشلاء، والأحقاد والأضداد.
و كان نحسهم مبيرا في كل البلدان، هم كرياح ثمود ثمارهم أعجاز نخل منقر،لا يتركون شيئا مروا عليه إلا جعلته نحساتهم كالرميم.
وحدهم دعاة الحوار والصلح والسلم، الواقفون في أعلى السفينة وأسفلها، ينجون بلدانهم وشعوبهم، من كل من يسعى لخرق السفينة، وينأون بهم عن خراب الكراهية والسب.
لا يزال الصخب قويا ، وتيار المتسكعين في واد الغضب يزداد يوما بعد يوم.
لكننا وأكررها مجددا، نحن الموريتانيون جميعا ، نثق في حكمة وشجاعة وحلم الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وقدرته على ضبط إيقاع الأحداث ، واستمرار مقاربته الفكرية والأمنية والتنموية، ولذلك نقف مع هذه المقاربة ونهجها دون تردد.
ونلمس حكمة في اعتذار وإيضاحات الشيخ الددو الأخيرة ردا على الناطق الرسمي، ونرجو حفاظا على البلد والمشروع الوسطي لتدينه، أن يسمع الجميع نصح من جرب مثل الداعية محفوظ ولد الوالد الذي أشاد موفقا بحكمة الرئيس عزيز وحكامته.
وننصح التواصليين وعقلاء حزبهم أن يتعاملوا مع هذا النظام وأركانه باحترام تام ، خصوصا الرئيس الذي قدم لهم الكثير من السنح والمنح .
ومن نصحنا لهم أن يتجنبوا ظلم الناطق الرسمي للحكومة د. محمد الآمين الشيخ ، الذي أعرف من خلال التجربة -والشهادة هنا لله، وليست له ولا لحساب غيره- نشهد أنه ليس من دعاة الصراع، بل كان ولا يزال في المعمعان ينصح بالمحافظة على نهج الرئيس في أخذ الدعوة بالتي هي أحسن.، وحظ ادفع بالتي هي أحسن.، وأحسب أنه لا يسر بذلك ، بل يجهر به، حتى وان بخستموه.
قلنا ما علمنا، والله يعلم السرائر، يوم تبلى السرائر.
ونحن نعلم أن في زوايا المخزن من لا يحب المقرب الناصح المسدد، وأحسب أن الأمر جلي في صفوف المحرضين في المعارضة.
لا ترموا مفاتيح الخير، ولا تصطفوا مع مفاتيح الشر ، واقرأوا التجارب من حولكم وتمعنوا دروسها جيدا، معارضة راشدة، وأغلبية ناصحة، وأصدروا الأوامر الى ناعقي الافك بالتوقف عن السباب والشقاق.
ثم أنتم تعلمون جميعا، صدقا وتجربة، أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز، لا يخاف الشرق ولا الغرب، وقد قدم لكم عبر عشر سنوات في السلم والحوار أحسن المثل ، من بين كل قادة العرب والأفارقة ، وكان أفضل نصير لحرية الدعوة، ولفقه الاعتدال ،ولنهج الحوار ولقيم السلم.
روى الإمام ابن ماجه، وابن أبي عاصم وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ
قال صاحب مؤلف حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح:"فينبغي على العبد أن يعتني أشدَّ الاعتناء بمعرفة مفاتيح الخير وما جعلت المفاتيح له، ويدعو إليها، ويرشد النَّاس ويفتح عليهم وجوه الخير وأعمال البرِّ، ويجتهد في أن يكون مغلاقًا للشُّرور والآفات، ويعلم ما كان منها مفتاحًا للشَّرِّ مغلاقًا للخير، ويحذر كلَّ الحذر ويحذِّر غيره من تلك المفاتيح حتَّى ينال رضى الله فطوبى لمن كان كذلك، وويل لمن كان ضدَّ ذلك ،وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم، وهو معرفة مفاتيح الخير والشَّرِّ، لا يُوفَّق لمعرفته ومراعاته إلاَّ من عظُم حظُّه وتوفيقه"