بقلم: محفوظ ولد أعزيزى
لم تكن "عرفات" هي التجربة الأولى لهذا النوع من الأشواط خارج السياق المتعارف عليه في لعبة صناديق الإقتراع، فقد كان الشوط الثالث في مقاطعة أطار خلال انتخابات2013 والذي بموجبه تم إنقاذ اللائحة التي يرأسها رئيس حزب الإتحاد من اجل الجمهورية، الحالي الأستاذ سيدي محمد ولد محم من السقوط و الهزيمة التي منيت بها لائحته في الشوطين الأول و الثاني، إلا أن الشيء المختلف هذه المرة في مقاطعة عرفات ه أن منازلة الشوط الثالث لهذه المرة و في هذه المقاطعة هو مع قوة إيديولوجية منظمة تمتلك قاعدة مؤطرة عقائديا بشكل جيد و لديها قدرة مالية كبيرة تجود بها عند الحاجة ، خصوصا في هذا النوع من ممارسة سياسة كسر العظم، هذا في حين كانت منازلة الشوط الثالث في مقاطعة أطار سنة 2013 مع قوة تقليدية تمثل الموقف التقليدي لساكنة المدينة، الشيء الذي سهّل مهمة ترويضها و ثنيها عن إرادتها و خيارها في الشوطين الأول و الثاني.
إن الفرق بين التجربتين يجب أن يقرأ كما و نوعا، فمن ناحية الكم برهنت ساكنة عرفات أنها عكس ما روجت له لجان تنصيب حزب الإتحاد من أجل الجمهورية ليست مع خيارات الحزب الحاكم، و أما الدلالات فهي أن تنظيم الإخوان المتمثل في حزب تواصل ـ فرع التنظيم الدولي للإخوان في موريتانيا ـ أصبح على درجة عالية من الجاهزية للتصدي للنظام و أجهزته المختلفة و كسر إرادتهما في أية منازلة قادمة هذا ما عبّرت عنه معركة عرفات التي زج فيها الإتحاد من اجل الجمهورية بكل منتسبيه بمن فيهم اجهزة الدولة المختلفة و كل ما لديها من تأثيرات مادية و معنوية جاعلا من هذه المقاطعة خلال الأسبوع المنصرم خلية نحل، حيث لم تفتقد هذه المقاطعة أيا من مسؤولي الحزب و الدولة السامون و موظفوها، الكل كان في قلب المعركة و الكل خرج من هذه المعركة بفارق تجاوز ستة أضعاف الفارق الأول بالشوط الثاني، لصالح حزب تواصل.
و قد تقاسم جميع الإتحاديين و أن بنسب متفاوتة هذه الهزيمة و ابتلعوا علقم مرارتها، و من الطبيعي أن يتقاسموا ما يترتب عليها من انعكاسات سلبية.
و من المؤكد أن هذه الهزيمة ستفتح الباب واسعا لتقييم أداء هذه النخبة التي على رأس مساوئها ، أنها نخبة غير متجانسة في خلفياتها و ماضيها السياسي الحركي الذي هو خير شاهد على ذلك.. و ربما عدم التجانس هذا هو ما جعل من السهل على المتتبع لماضي قادتها أن لا يجد كبير عناء في اكتشاف و رصد ملاذات قوية لخصومها "الإخوان" داخل أنساقها القيادية المختلفة.
إن قدرة هذه العناصر على التخفي و التسلق و التكيف و التمثيل و إظهار الولاء الزائف و التبعية المفرطة هي التي أدت بنا دوما إلى هذه المنعرجات الخطيرة.
إن بلادنا اليوم تمر بإحدى أخطر هذه المنعرجات، و علينا أن نقرأ ملامح تحولات مشهدنا السياسي قراءة متأنية و نخبر بتمعن خفاياه قبل أن تقع بلادنا في ما لا تحمد عقباه.. و أن لا نقبل أن ينطبق علينا المثل (من يهن يسهل الهوان عليه *** ما لجرح بميت إيلام).