/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
بعد تغيير النشيد و تعديل العلم و إلغاء الغرفة الاولى فى البرلمان الموريتاني، ها هي المؤشرات تتجه نحو التلاعب من جديد بتلك الوثيقة الدستورية الهشة،لصالح إلغاء القفل الدستوري ،لمنح المتغلب فرصة الترشح لمأمورية ثالثة ،باتت قاب قوسين للأسف البالغ . فبعدما أهلك هذا النظام الضيق الأفق ،على رأي البعض ،الأخضر و اليابس، منذو يوم الأربعاء ٣ أغسطس ٢٠٠٥.
ها هو يتجه للتمديد لنفسه، عبر مأمورية ثالثة غير أخلاقية و غير دستورية .و باختصار إن كان فى هذا النظام خير و نفع للبلد و الشعب المورياتني فقد أتيحت له الفرصة ما يكفى من الوقت و أكثر ،و إن كان غير ذلك، فلتتح الفرصة، سلمية طبيعية، لتجريب غيره !.
و لكن الرسالة أكثر من جلية صريحة فى اتجاه التمديد المتعسف .
أولا :إقالة ول غزوانى من قيادة أركان الجيوش ،ليحل محله على الأرجح ، م ولد م .
أحد الجنرالات الأقرب من الرئيس الحالي ،لتصل الرسالة الأولى و الكبيرة ،للرأي العام المحلي و الدولي:"من روجتم أننى سأرشحه ليخلفنى فى كرسي الحكم و كررتم ذلك كثيرا ، منذو سنوات ،ها أنذا وقت تقاعده، و مع اقتراب رئاسيات يونيو ٢٠١٩ ،أخرجه من قيادة الجيش إلى كراج الضباط الكبار"!.إذا صرصر الباز فلا ديك صارخ !.
الرسالة الثانية : تكليف ولد محم الطيع الخدوم ، على رأس وزارة النطق الرسمي باسم الحكومة ،ليرد على كل مشكك فى جدوائية بقائى و ذريتى ربما من بعدى، فى كرسي حكم هذا البلد الحقير الذميم ، الذى لا يستطيع أن يرد الذباب عن وجهه مادمت حيا أو أحدا من عقبى .
فلأن ول محم لا يستحى من مختلف صنوف الموالاة و التأمين"من آمين" المطلق على كل شاردة أو واردة من طرف ولد عبد العزيز .أصبح دون شك هو الأنسب لمحاججة الخارجين على الطوق ،و حتى لو اضطررنا لإصابة التعددية فى مقتل ،من خلال حل حزب تواصل مثلا ، أو أي إجراءات أخرى، استثنائية أو تصعيدية بامتياز .فإن ول محم ،هو الأقدر ،بسبب جرأته و أسلوبه التبريري المكشوف الامحدود و الامشروط ،على التكيف مع تلك الأجواء المشحونة الصعبة على ول الشيخ المنصرف للتو ،عافاه الله .
أما الرسالة الثالثة ، فكانت إختيار وزير أول جديد،فني مقتدر بشهادة بعض العارفين به ،لكنه "امحينك آدرس ما اميل و لا إعادل". يسارع فقط للتنفيذ الحرفي لأوامر سيده ،دون بطء أو تأخير ، و كذلك من عيال أخوال" البطرونه" !.
مزايا مهمة ربما فى نظر البلاط . فالمرحلة الراهنة ، مرحلة" السمعه بس" لا غير .
أما الصحافة فممنوعون من الدعم و الإعلانات على مستوى القطاع العمومي ، و "المجانين" منهم ، قد تكفى بعضهم ،دلالات ما حصل ضد الشهيد جمال الخاشقجى رحمه الله . و فى المقابل قد يكون مصير الأنظمة الافريقية و العربية الضحلة ، التى تحاصر الصحافة و تحتقر شعوبها أكثر من سيئ ،و ربما كارثي، على وجه راجح ،إن لم يكن ذلك أكيدا يقينيا .
إذن موريتانيا بين خيارات صعبة حرجة .فإما التمييع عبر المزيد من التلاعب بالدستور و حكم الفرد المتغلب،استبدادا و استحواذا ، أو دخول المعارضة الراديكالية فى معركة غير محسوبة ، عبر شارع عام ،غير مأمون البتة !.
و الحل قطعا ليس فى المواجهة و إنما ربما فى حوار استعجالي يفرض نفسه ، و لا بديل عنه . و ليس وراء ذلك إلا التفلت أو التشرذم أو خيارات أخرى ،أقل و أقرب أسماءها الفتنة ،و لو سماه البعض فى محيط آخر الربيع العربي !.
و الجميع عندما تجمعه طاولة حوار ما ،إما أن يتجاوز الأزمة السياسية الدستورية المرتقبة ،على وجه راجح أو محتمل على الأقل ، و إما أن يخفف من مخاطرها غير المستبعدة المخيفة المربكة بحق !.
إننا نكره أن يستمر التلاعب بدستورنا بحجج واهية غير مقنعة إطلاقا ،ضمن سياق مكشوف من استنزاف القضايا المصيرية ،و لكن ليكن فى علمنا أن رهان الدول المنتهكة الفاشلة،كليا أو جزئيا، على البقاء متماسكة بالدرجة الأولى ،و ليس ربما على طابع مميز من التنمية و الديمقراطية و حقوق المواطن .فللأسف بلدنا مازال فى قبضة المؤسسة العسكرية ، و إن بصيغة غير مباشرة ،بلبوس ديمقراطي رقيق هزيل .فلا داعي للاستسلام و الخنوع إطلاقا ،و فى المقابل لا داعي أيضا للمبالغة و استعجال التغيير، قبل استكمال شروطه الدنيا على الأقل !.
بقي فقط أن ننبه الحكومة الجديدة القديمة أن عاصمتنا فى أغلب مقاطعاتها ،تعيش تحت حصار الأوساخ و المواطنون أكثريتهم فى أكثر من بقعة يشكون الفاقة و أمراض مزمنة متعددة ،أكثرها انتشارا ، السكرى و الضغط و ما يشاع أنه حمى الضنك ، ولعل هذا أساسا ، من أهم مسبباته على رأي البعض ، إغلاق مركز تكوين العلماء و طول بقاء ول عبد العزيز فى كرسي الحكم و استمرار و تكرار توزير ول إجاي و منت مكناس و ول أهل داوود و مخاوف انعكاسات المأمورية الثالثة ، المثيرة بحق !!!.