بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
في وقت سابق، لتعيين محمد فال ولد بلال على رأس اللجنة المستقلة للانتخابات، نجح الإعلام المستقل في كشف النمط السلبي، الذي غلب على تشكيل اللجنة الحالية للانتخابات، وساد الاعتقاد والتصورأنها لجنة محاصصة قرابية بين رموز الحكم، مما ولد انطباعا وحكما سلبيا مسبقا على الانتخابات المرتقبة وقتها، إلا أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز باحتياله وذكائه المعهود، استطاع أن ينقذ مصداقية اللجنة المستقلة للانتخابات، إعلاميا وسياسيا، ولو جزئيا.
فعين على رأسها الوزير السابق، والسفير والكاتب والسياسي المتمرس، محمد فال ولد بلال.
فمن جهة، لن يقبل التزكية الفجة لممارسات النظام والإدارة، ومن وجه آخر، بحكم سيرته وتجربته، كأحد رجالات الدولة الموريتانية الحديثة، ويميز بسهولة وبراعة، بين الخط الأخضر والخط الأحمر.
وفي هذا السياق، حسب تصوري، سارت الأمور في الاستحقاق الأول الخماسي.
وللمختصين والمعنيين، الحق في العودة إلى التجربة المتنوعة "إيجابا وسلبا" لنقدها وفحصها والوقوف على جوانبها الصائبة والخاطئة، على السواء.
ولم لا؟، فعلى الجهات المعنية، الموالية والمعارضة على السواء، أن ترتفع أصواتها ،لتجاوز النقص، المعنوي والفني والمادي، لتحسين منظومتنا ولجنتنا الانتخابية، وخصوصا في انتظار الرئاسيات المرتقبة يوم 16 يونيو 2019، رغم ما يثيره ذلك الموعد من أسئلة واستفسارات مشروعة، في خانة السياسة عموما، والتناوب المنشود واحترام الدستور بوجه خاص.
وإن كانت غاية الاستقرار والضرورة القصوى للحفاظ عليه، والحفاظ على حوزتنا الترابية متماسكة وأمننا محصنا، تفرض إجراء حوار استعجالي جاد حاسم، ولو فرض ذلك، تقديم بعض التنازلات المؤلمة، من أجل تماسك السفينة الوطنية المهددة، أكثر من أي وقت مضى.
تحت ضغط طغيان الحكم الفردي والغبن وانسداد أوجه التلاقي والتحاور، بين مختلف مكونات المسرح السياسي المحلي.
فمن المفترض أخلاقا وتحضرا وتسيسا راقيا، أن الاختلاف لا يفسد للود قضية.
وفي موضوع اللجنة المستقلة للانتخابات، لفت انتباهي، تسريح عشرات العمال العقدويين غير الدائمين في توقيت واحد، بسبب العجز المالي، الذي تعانيه اللجنة المستقلة للانتخابات.
فوجدت نفسها ،على رأي الموالين لها، مضطرة لتسريح جماعي لهؤلاء العمال المؤقتين، إلى حين يناير 2019، وقت تجديد ميزانيتها، لتتمكن من اكتتاب جديد، وفي ضوء الاستعداد للانتخابات الرئاسية المرتقبة حينها، في غضون أشهر قليلة.
ترى، لماذا هذه السنة ،إبان هذه الانتخابات المنصرمة، والتي شارك فيها جميع الطيف السياسي تقريبا، لم يقدم الاتحاد الأوروبي أي دعم للعملية الانتخابية، التي جرت في أيار 2018، والتي أشرفتْ على تنظيمها، اللجنة المستقلة للانتخابات، والتي لم تتلق أي عون مالي من الاتحاد الأوروبي ولا غيره في هذا الصدد.
ويبدو في المقابل، أن الميزانية التي حظيت بها اللجنة المستقلة للانتخابات، من قبل الدولة الموريتانية، لم تكن كافية بالتمام والكمال.
فيقال إن بعض مؤجري السيارات لم تسدد بعد فواتيرهم، بسبب العجز المالي،وإن كان هؤلاء قلة محدودة، والعمال الدائمون وهم كثيرون، سُرحوا بحقوقهم، على دعوى مصدرنا المطلع، وحتى الآن لم نسمع عن احتجاجات وارتدادات أخرى، ولها مُصغون وبها مهتمون، وذالك بعض دواعي الأمانة الإعلامية الجوهرية الثقيلة، وليس من مكملاتها ولا مجملاتها الإضافية.
الغرب يستنزف مواردنا، قبل نشأة دولتنا وبعدها، ولا يستحي من تجاهل حاجاتنا المالية في أحرج لحظاتنا المصيرية، مثل هذه الانتخابات السابقة والرئاسية المنتظرة، ومن وجه آخر على الصعيد المحلي، عجزت الدولة عن توفير اللوازم المالية الكافية للجنة المذكورة، فاضطرت لتسريح أغلب عمالها، للأسف.
في انتظار تجدد المنبع المالي مع مطلع سنة 2019.