الجالية في أنغولا.. والسفارة والدولة؟!

رسالة الخطأ

Deprecated function: preg_match(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in rename_admin_paths_url_outbound_alter() (line 82 of /home/amicinf1/public_html/sites/all/modules/rename_admin_paths/rename_admin_paths.module).
أحد, 2018-11-04 17:53

يحي الأمين خلاط - [email protected] - luanda 04/11/1

لا يختلف اثنان على أن هذه البلاد أصبحت في العقود الأخيرة من أكثر وجهات السفر إقبالا من قبل الشباب الموريتاني الباحث عن فرص العمل والحياة الكريمة بسبب عوامل عدة يضيق المقام عن ذكرها، حيث تكونت هناك جالية معتبرة أغلبها شباب ينتمي لكافة ولايات وأقاليم الوطن رغم أن الرعيل الأول كان ينتمي أغلبه لولاية لعصابة.

 

تتوزع الجالية وتغطي كافة تراب البلد المضيف تمارس أنشطة اقتصادية مهمة كتجزئة مواد البناء والإطارات والمواد الغذائية، وبعض الصناعات الخفيفة كالمخابز.

 

ليس هناك رقم رسمي موثق لعدد أفراد الجالية لكنها تقدر بعدة آلاف. يتمتع الكثير هنا من أرباب العمل بوضعيات قانونية حيث تمكنوا من دفع الغالي والنفيس من أجل الحصول على الوثائق وبقي عدد لا بأس به من الطبقة العاملة والوافدين الجدد يحمل وضعيات تتأرجح بين القانون واللا قانون حيث يتم طرق عدة أبواب كاللجوء وغيره إلخ..

 

يتمتع البلد المضيف بالكثير من المرونة والتسامح مع الأفارقة عموما وتتمتع جاليتنا بالكثير من الاحترام من قبل الدوائر الأمنية حيث يخلوا سجلها من الجرائم الأخلاقية وتمتاز بالمسالمة مقارنة ببعض الجاليات الإفريقية الأخرى.

 

رغم بعض المكتسبات الاقتصادية التي تمكن البعض منها ما زالت عقلية أهل لخيام البدائية هي التي تدير أغلب أنشطة جاليتنا حيث لم نتمكن من مسايرة ديناميكية اقتصاد البلد المضيف ولم نستفد من مزايا نظامه المصرفي عالي الأداء ولم نستغل ما توفره تكنولوجيا المعلومات من مزايا في أنظمة التسيير والمحاسبة حيث تشكلت لدينا ثغرات إدارية بين متطلبات السلطات وواقع الأنشطة خصوصا إدارات الضرائب التي لا تعترف إلا بما هو موثق بشكل دقيق.

 

في الآونة الأخيرة أثيرت ضجة حول حملات أعلنتها الحكومة من أجل الحد من الفوضى وتطبيق القانون بدأت في المناطق الشرقية وتم على إثرها فقدان بعض الإخوة والزملاء لأعمالهم للأسف وتم ترحيلهم بشكل لائق يعود الفضل فيه لبعض الخيرين كالأستاذ شريف حيث إن لكل إقليم هنا "شريفه" الخاص من الجالية يلعب دور القنصل، ويخوض المعارك من أجل حل كل عويصة يتعرض لها أحد الرعايا.

 

ما زال الحديث يدور حول الحملة المزمع القيام بها في الأيام القادمة حيث أثير الكثير من اللغط والمبالغات في حين يرتفع الصوت وتتعالي الأسئلة عن دور السفارة في هذا البلد المنزوي عنا جغرافيا وثقافيا وتاريخيا ووجدنا فيه أنفسنا من حيث أردنا أو لم نريد.

 

ظل التمثيل الدبلوماسي لبلدنا في هذا البلد محصورا في قنصل شرف يسكن في شقة معلقة في إحدى عمارات حي صاوباولو العتيق وسط لواندا، ينحصر دوره في إعطاء أذون السفر للعائدين بدون أوراق إلى أرض الوطن ويتقاضي 50$ مقابل كل إذن، وأدى دوره مشكورا.

 

قبل حوالي سنتين على ما أعتقد فتحت هنا سفارة لبلدنا وعلق كثيرون عليها آمالا جساما لم تمكث حينا من الدهر حتى بدأت في التلاشي تحت وطأة الإهمال وسياسة غض الطرف عن هموم ومشاكل الرعايا التي ليس أقلها مكوث 15 فردا من الجالية 6 أشهر في سجن 30 سيئ الصيت دون جرم ارتكبوه سوى أنهم وقعوا فريسة لصراع بعض السماسرة.

 

إن وجود سفارة ما في بلد ما يفترض أن يكون استثمارا في علاقة تعود بالنفع على المواطنين لتمد جسور التعاون، وتوسع إطار الشراكة، تحفظ كرامة المواطن وتدافع عنه في إطار القوانين و الأعراف الدبلوماسية.

 

إن غياب السفارة عن هموم رعاياها أنتج حالة من الاستهتار غير المبرر والذي يتعرض له كافة حاملي جوازاتنا عند سلطات الهجرة حيث بات جوازنا مصنفا وصاحبه عرضة للابتزاز عند طرق كل باب مهما كانت وضعيته القانونية، وهذا من غير المقبول، حيث إنه من المفترض أن يكون للسفارة دور في محو هذه الصورة السلبية التي طبعت وثائقنا الرسمية بسبب تراكمات عدة.!

 

كما أن افتقاد مكتب خاص بالوثائق يعد ثغرة وتقصيرا في حق الكثير من المواطنين هنا حيث حرم الكثيرون من فرص التآشر بسبب فقدان الجوازات.

 

صحيح أن عنصر التوازن في المصالح بين بلدنا والبلد المضيف لا يميل لصالحنا لكن العمل الجاد والعالي الأداء يكفي من أجل الدفع بالبعثة الدبلوماسية في طريق خدمة المواطنين والتدخل في كافة مشاكلهم حسب المتاح كما نطلب من "خارجيتنا" مراعاة الكفاءة في اختيار البعثات إذ من المفترض أن يكون السفير والقنصل على دراية بلغة البلد وثقافته حتى يتمكنوا من أداء مهامهم بشكل أشمل.

 

كما أن لرأس الهرم السياسي في وطننا أدوار إن لعبها يمكنه التأثير بشكل إيجابي على جاليتنا هنا.

 

وفي الختام يبقي العبء الأكبر علينا كجالية في تنظيم أنفسنا وتقنين وضعياتنا وأنشطتنا إذ لم يعد الإهمال ولا الصراخ مجديان ولا بد من مواكبة المتطلبات وعصرنة الإدارة كما أن البلد ليس بذلك السوء إذ إن قليل منا من لا يملك رصيد خبرة أو علاقة أو ود زرعه هنا أو هناك يمكنه من التغلب على العوائق والمضي قدما بآماله وطموحاته، كما أن سفارة لا تقدم سوى خدمة الـsauf conduit حري بها الإغلاق.

 

حفظ الله الجميع.