بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
المسرح السياسي عندنا ،و أساسا بالنسبة للحملة الرئاسية المنتظرة،سيخضع لتأثير معتبر ،من جهات ثلاث أساسية .أولها الدولة العميقة،"المخزن"،أو بعبارة أخرى النظام السياسي المهيمن على المنافع و القرارات المفصلية.
فكثيرون لا يتحملون الابتعاد عن المنبع ،خوف الحرمان و الحصار أو تضرر المصالح الخاصة،و لذا يربطون مواقفهم السياسية و الانتخابية،بوجه خاص،باتجاه السلطة و اختياراتها .
و مازالت الدولة العميقة عندنا، تلهم الأغلبية ، مواقفها و توجهاتها الانتخابية الحساسة،خصوصا إن تعلق الأمر بالرئاسيات .
و مازال الممسكون بأزمة و مقاليد التأثير فى هذه السلطة، يستغلونها ترغيبا و ترهيبا،خصوصا فى مثل المناسبات المحورية الحاسمة .
و للأسف من غير الائق ،أن تظل الدولة تستغل ،لفرض اتجاه الريح السياسية الغالبة.
فالدولة ليست محايدة و لا تمارس دور الرقيب و الحكم،الذى يقف فى المنطقة الوسطى ،بين مختلف الفرقاء و المتنافسين.
و هو ما يجعل أغلب المغالبات الانتخابية،تبدو محسومة لأول وهلة،و هذا ما يجعل كذلك الديمقراطية المحلية،مجرد ديكور تمريري فحسب،لا يجوز الانغرار به و لا الإشادة الزائدة .
و طبعا من أراد تعريض مصالحه لخطر محقق ،فليقف فى وجه خيارات الدولة العميقة،و من زعم أن الديمقراطية عندنا شكلية ،فلم يفترى على الأرجح ،و إن وجد هامش يستحق الاختبار والمناورة و المنافسة الحذرة بامتياز .
أما المال السياسي،منذو مطلع التسعينات مع انطلاق التعددية،فقد أظهر دورا محوريا فعالا،فى نجاح طرف على آخر،و مع توسع الفقر،نتيجة لسياسات الغبن و التمييز السلبي،و تعمق الطمع و الشره،لدى الكثيرين،أصبح المال السياسي ،عاملا مؤثرا فى الحملات و الانتخابات عموما .
و من هاذ الوجه،يستغل المال العام و الخاص،لشراء الذمم و التأثير الواسع على المقترعين،و لهذا السبب يحسب لولد بوعماتو ،لما يروج عنه من ثروة و مغامرة فى البذل عند المغالبة !.
المال السياسي ركن ركين ،فى المنافسة الانتخابية الرئاسية المرتقبة،و تتعدد و تتوسع ،على نطاق معترب،أوجه الصرف،فى الحملات الانتخابية،خصوصا فى بلدنا،الذى يحسن شعبه التحايل على المرشحين و ركوب موجة الفرصة الانتخابية ،كما يحسن بعض المرشحين الوعود الفارغة أحيانا و استغلال البسطاء ،للوصول لذرى سنام السلط المتنوعة .
و من أجل هاذا يسعون للحصول على المال الكثير ،للنفاذ لمراكز السلطة و النفوذ الواسع،و قد لا تكفى فى حساب أغلب النافذين،جودة و جدوائية البرامج الانتخابية،دون حلاوات المال و دسومة الثروة !.
و فى هذا السياق تظهر انتهازية بعض الجهات الداخلية و الخارجية،لمحاولة التأثير على الدول عن طريق تمكين البعض من المال فترة الحملات الانتخابية .
و يبدو أن الإمارات و قطر على استحياء ،من أبرز الدول التى تحاول تشكيل لوبيات ،للتأثير بمالها السياسي،لكن هذا المسار متكتم و غير معلن إطلاقا.
و لا شك أن الإعلام يحتل المرتبة الثالثة ربما ،فى تحديد مصير أي لعبة انتخابية فى بلدنا،فقد ظهر فى السنوات الأخيرة دور بارز للإعلام فى الترويج و الدعاية الانتخابية،و يستغل المترشحون المنابر الإعلامية المختلفة ،لشرح برامجهم و محاولة استمالة الناخبين .
و قد استطاع الإعلام أن يحفر لنفسه ،موقعا مؤثرا ،فى مسرح الشأن العام الموريتاني،على وجه جلي،حيث أضحت المواقع الألكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك" ،محل إقبال و اهتمام،من طرف الكثير من المتصفحين .
و لقد بات تأثير الإعلام عندنا،واضحا فى تحديد مآل ،أي منازلة انتخابية.
و لعله مع ارتفاع منسوب الوعي،قد يتناقص دور العوامل الأخرى ،و يركز الناخب على جدوائية البرامج و التجارب السياسية الميدانية،بالدرجة الأولى،لكن ذلك قد يتطلب المزيد من الوقت و الحنكة و التمرس .و حينها ،و لو بعد دهر،تصبح خدمة الوطن ،هي المبرر الأساسي،للثقة فى المترشحين .