إسلمو ولد سيدي أحمد
كاتب وخبير لغوي وباحث في مجال الدراسات المعجمية والمصطلحية
في الأول من شهر يوليو 2019م، أعلن المجلس الدستوري الموريتاني عن نجاح السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية الموريتانية التي أجريت في الثاني والعشرين من شهر يونيو 2019م.
وكان تعليق السيد رئيس المجلس الدستوري منطقيا ومقنعًا، فيما يتعلق بمضمون الطعون التي تقدم بها السادة الذين نافسوا الرئيس المنتخب في هذه الاستحقاقات، مبينا أن المجلس لم يجد أدلة دامغة تُخِلّ بمصداقية النتائج الموقتة التي صدرت عن اللجنة المستقلة للانتخابات.
تميزت هذه الاستحقاقات الرئاسية بمشاركة مختلِف الطيف السياسي فيها، ممّا يعني أن المعارضة قد اقتنعت بعدم جدوى المقاطعة- وهي محقة في ذلك-وهذا أمر في غاية الأهمية، سيكون له ما بعده.
كما برهنت الحملات الانتخابية التي مهدت للانتخابات الرئاسية على نضج التجربة الديمقراطية الموريتانية، سواء أتعلق الأمر بخطابات المترشحين المتنافسين أم بتعاطي المواطنين الموريتانيين مع العملية برُمتها.
أنبه الإخوة الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على الأصوات التي كانوا ينتظرونها، أنهم نجحوا في جعل الديمقراطية الموريتانية تقطع خطواتٍ في الاتجاه الصحيح، من خلال تكريس عملية التناوب السلمي على السلطة، وهو أمر مهم في حد ذاته.
أذكّرهم أيضًا بأن الشعب قد انتخب السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني، ليكون رئيسًا للموريتانيين كافةً، لا فرقَ بين مَن منحه صوتَه وبين مَن منح صوتَه لأحد منافسيه (كلهم أبناء هذا الوطن)، وهذا هو لبّ اللعبة الديمقراطية.
علينا أن نتذكر أيضًا، أنّ الرئيس المنتخب قد أعلن في برنامجه الانتخابي استعداده-في حالة فوزه- للحوار مع كل الفرقاء السياسيين، وانفتاحه على جميع الآراء، وتصميمه على سد الثغرات الموجودة، آخذًا بعين الاعتبار الإنجازات التي تحققت منذ حصول بلادنا على الاستقلال سنة 1960م، للحفاظ عليها وتحسينها.
وليس فقط ما تحقق بِأَخَرَةٍ، على أهميته (ما أصبح يعبَّر عنه بإنجازات العشرية الأخيرة).
يضاف إلى ما سبق، أنّ الرئيس المنتخب لم يكن مرشَّح حزب معيَّن وليس مرشَّح النظام الرسمي، بقدر ما هو مترشِّح مستقل قدم برنامَجًا للشعب الموريتاني وطلب منه الالتفاف حوله من أجل وضع لبنات جديدة-استكمالًا لما تحقق من قبلُ-في بناء دولة عصرية حديثة آمنة ومزدهرة.
بمعنى أنّ حصوله على دعم سلَفه، ودعم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (على أهمية كل ذلك)، لا يعني أنه مرشَّح هذا الحزب وحده، بل إنه دليل على مكانة الرجل لدى المواطنين الموريتانيين (موالاةً ومستقلِّين ولفيفًا مهمًّا من المعارضة الديمقراطية)، ممّا جعله يَحْظَى بالاحترام العام.
وقد تجسّد ذلك في هذا الالتفاف الواسع حول برنامجه الانتخابي.
وقد أشار الرجل إلى هذا الأمر-لمن يقرأ ما بين السطور-في خطابه الذي أعلن فيه ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية في أول مارس 2019م، بل إنه كان واضحًا في ذلك.
يشار هنا-بعد إعلان قرار المجلس الدستوري- إلى أنّ خلق مُناخ ملائم للحوار والتشاوُر والتعاون البنّاء مستقبَلًا، يقتضي الاعتراف بالنتائج الانتخابية التي اعتمدتها المؤسسات الوطنية الدستورية.
لا فائدة من العودة إلى التجاذبات السياسية الحادة التي أضرت بالعمل السياسي في فترات سابقة.
ينبغي لنا جميعًا أن نتجاوز هذه المرحلة بروح رياضية، وأن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل.
يجب أن نعمل جميعًا-كل من موقعه-على تحقيق ما يصبو إليه شعبنا الكريم من تقدم وازدهار، في ظل الأمن والاستقرار، رافعين شعار: "المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار".
والله وليّ التوفيق.