قال باحثون من الولايات المتحدة إن خطر إصابة المدخن الذي أقلع عن التدخين، بأحد أمراض القلب والدورة الدموية ينخفض إلى نفس نسبة احتمال إصابة غير المدخنين، وذلك بعد 10 إلى 15 سنة من الإقلاع.
وأكد الباحثون في دراستهم التي نشرت في العدد الحالي من مجلة “جاما” المتخصصة، أن هناك تحسنا ملحوظا في فرص عدم تعرض المقلع عن التدخين لأحد هذه الأمراض.
توصل الباحثون تحت إشراف ميريديت دونكان، من المركز الطبي التابع لجامعة فاندربيلت الأمريكية، لهذه النتيجة بعد تحليل بيانات مشاركين في دراسة فرامينجهام للقلب، والتي بدأت عام 1984 ويدرس الباحثون من خلالها مدى احتمال تعرض سكان مدينة فرامينجهام للإصابة بأحد الأمراض التاجية.
حلل الباحثون بيانات للمشاركين الأوائل في الدراسة، إضافة لبيانات أبنائهم، والذين أشركوا في الدراسة بدءا من عام .1971
بلغ عدد الأشخاص الذين توفرت بياناتهم في إطار الدراسة 8770 شخصا، منهم 2370 كانوا قد دخنوا بشراهة، أو لازالوا يدخنون.
عرف الباحثون المدخن الشره بأنه الشخص الذي يدخن بمعدل 20 سيجارة يوميا، على مدى 20 عاما.
جمع الباحثون بيانات المشتركين في الدراسة على مدى 26 عاما، في المتوسط.
في هذه الفترة تعرض أصحاب البيانات لـ 2435 إصابة ذات صلة بالقلب والأوعية الدموية، مثل الأزمة القلبية أو السكتة الدماغية.
أظهر تحليل البيانات أن احتمال تعرض مدخنين سابقين لإحدى هذه المشاكل انخفض بشكل واضح وأصبح أقل بكثير من احتمال إصابة المدخن بأحد هذه الأمراض.
ولكن الأمر احتاج 10 إلى 15 عاما إلى أن تدنى مستوى خطر إصابة المقلع عن التدخين وأصبح في نفس مستوى خطر إصابة غير المدخن أصلا.
قال الباحثون إن هذه الفترة أطول مما افترضها أصحاب دراسات سابقة، “حيث كان الاعتقاد السائد حتى الآن أن خطر الإصابة بأحد هذه الأمراض انخفض لمعدل إصابة غير المدخن، بعد خمس سنوات بالفعل” حسبما أوضح هارم فينبيرجن، من مستشفى لينكس دير فيزر، بولاية بريمن الألمانية.
ورأى فينبيرجن أن امتداد الفترة السابقة لعودة احتمالات إصابة المقلعين للمعدل المعروف لدى غير المدخنين ليس محبطا، “حيث أوضحت الدراسة بشكل جلي أن الإقلاع عن التدخين يظل مجديا، حتى وإن كان الإنسان من المدخنين الشرهين”.
وينسحب ذلك، على الأقل، على خطر الإصابة بأمراض القلب.
لم يأخذ الباحثون بعين الاعتبار العواقب الصحية الأخرى للتدخين، مثل أمراض الرئة أو أمراض السرطان.
يقول فينبيرجن، الخبير في الصحة القلبية، إن المعلومات التي تتضمنها الدراسة عن صحة قلب المقلعين عن التدخين، مهمة للأطباء، لعدة أسباب، من بينها التخطيط العلاجي، “حيث كنا حتى الآن نعالج المقلعين عن التدخين بعد خمس سنوات من إقلاعهم مثلما نعالج غير المدخنين، ولكن الدراسة تؤكد الآن ضرورة تصنيف المقلعين فترة أطول ضمن مجموعة معرضة أكثر للخطر”.
وهذا هو الجانب الذي أكده أيضا معدو الدراسة، حيث حذروا من الاستهانة باحتمال تعرض المقلعين عن التدخين لأمراض القلب والدورة الدموية، خاصة في بلدان مثل الولايات المتحدة، التي يتزايد فيها أعداد المقلعين، “حيث إن الدراسة الحالية لا تدعم فرضية أن المدخنين السابقين يصبحون بعد خمس سنوات من إقلاعهم عن التدخين في نفس درجة خطر إصابة غير المدخنين، بأحد أمراض القلب والدورة الدموية”.
ورأى توماس كول، أحد القائمين على مجلة جاما التي نشرت الدراسة، أن نتائج الدراسة متواضعة، وقال إنه من غير المتوقع أن تنخفض معدلات الإصابة بأمراض القلب والدورة الدموية، أيضا في البلدان التي تتراجع فيها نسبة المدخنين، إلا بعد 10 إلى 15 عاما، من الإقلاع عن التدخين.
وتوقع كول أن تتزايد إصابات القلب والدورة الدموية على المدى البعيد، في دول مثل الصين وإندونيسيا، وذلك بسبب تزايد أعداد المدخنين في هذه الدول.
وكان باحثون من أستراليا قد توصلوا مؤخرا إلى أن احتمال وفاة المدخنين بأحد أمراض القلب والأوعية الدموية يزيد نحو ثلاث مرات عن احتمال وفاة الأشخاص الذين لم يدخنوا في حياتهم أبدا، وأن المدخنين معرضون ضعف غير المدخنين، للإصابة بالسكتة الدماغية أو أزمة قلبية، حسبما أوضح الباحثون في دراستهم التي نشرت في مجلة “بي ام سي ميديسين”.
ولكن الخبر السار هو: “من ينجح في التوقف عن التدخين قبل بلوغ 45 عاما يمكن أن يتغلب على 90% من خطر الإصابة بأحد أمراض القلب والدورة الدموية الناجم عن التدخين.