يتوقع ان يترك وباء إيبولا الذي يضرب غرب أفريقيا آثارا طويلة الأمد على الاقتصادات الضعيفة أصلا للدول التي ينتشر فيها، بعد ان تسبب في جعل أسواقها مقفرة ووقف النشاط الزراعي واضطراب العمل في المناجم وإلغاء الرحلات الجوية.
وقال الحاج باموغو بائع الملابس في سوق ريد لايت في مونروفيا «انها كارثة، نخسر الكثير من المال». وأضاف ان «كل الذين يأتون للتسوق يشترون إما الطعام او مواد للتطهير من إيبولا».
اما صالون التجميل الذي يملكه بليدي ويسي في العاصمة الليبيرية فكان يشهد ازدهارا كبيرا خصوصا في عطلة نهاية الاُسبوع. وقال ويسي «كنت اعود إلى بيتي في الحادية عشرة ليلا في بعض الايام. لكن منذ إيبولا اصبحت اُغادر المحل في السادسة، واحيانا في الخامسة بعد الظهر».
وأعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة حصيلة جديدة تعود إلى 20 آب/اغسطس وتتحدث عن 1427 وفاة بالحمى النزفية التي يسببها الفيروس، بينها 624 في ليبيريا و406 في غينيا و392 في سيراليون وخمس في نيجيريا، من اصل 2615 اصابة (مؤكدة ومرجحة ومشبوهة) في المجموع.
وقال رئيس البنك الأفريقي للتنمية، دونالد كابيروكا، الذي أعلن هذا الاُسبوع عن إنشاء صندوق بقيمة ستين مليون دولار (45 مليون يورو) للدول المعنية ان «وباء إيبولا ليس أزمة صحة عامة فقط بل أزمة اقتصادية ايضا (…) تطال قطاعات عدة».
وحذر خبراء من ان العوامل النفسية تؤثر على الاقتصاد، وخصوصا مع مع ازدياد شدة الوباء. واكد فيليب اُوغون، مدير البحث المكلف أفريقيا في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، ان «مبدأ الوقاية (من المرض) سيكون نتيجته خفضا في الإنتاج لان اقتصادات غرب أفريقيا تعتمد كثيرا على الشركات الكبرى لتصدير منتجاتها».
وأضاف ان «كل شىء مرتبط ببقاء الوضع على حاله او استمرار انتشار المرض»، مشيرا إلى ان «الشركات الأجنبية الكبرى الموجودة في المنطقة تشعر بقلق كبير».
فقد أعلنت الشركة العالمية العملاقة لصناعة الصلب «أرسيلور-ميتال» في الثامن من آب/اُغسطس تعليق توسيع منجم للحديد في يكيبا ومرفأ بوكانان في ليبيريا، لأن الشركات المتعاقدة معها قامت بإجلاء موظفيها تحت بند «القوةالقاهرة».
وقال اُوغون ان الوباء يمكن ان «يعزز فكرة ان غينيا وسيراليون وليبيريا دول العيش فيها خطير — بسبب أمراض مثل الإيدز وإيبولا — وكذلك الاستثمار»، مشددا على ان الغاء الرحلات الجوية أدى إلى تباطؤ المبادلات. ولم تعد سوى ثلاث شركات طيران دولية تؤمن رحلات إلى سيراليون وخمس إلى غينيا.
وكانت وكالة «موديز» للتصنيف الإئتماني حذرت من ان وباء إيبولا قد تنجم عنه عواقب اقتصادية ومالية واسعة على بلدان المنطقة التي تعول كثيرا على المواد الأولية وتعاني اوضاعها المالية من التبعية والهشاشة.
وذكرت الوكالة في دراسة ان «تفشي الوباء قد ينجم عنه تأثير مالي مباشر على ميزانيات الحكومات عبر زيادة النفقات الصحية».
وفي غينيا، التي بدأ فيها المرض، اثار التأخر في اعلان حالة الطوارئ الصحية الاُسبوع الماضي انتقادات.
وقال المسؤول النقابي امادو سوماه ان «غينيا ستنشر قواتها على الحدود مما سيؤدي إلى نفقات أضافية»، متهما الرئيس الفا كوندي بالإعلان في نيسان/ابريل الماضي بانه «تمت السيطرة» على الوباء لتجنب «هروب المستثمرين».
وتوجه حوالي مئة طبيب ومتطوع الاُسبوع الماضي من كوناكري إلى الحدود مع ليبيريا وسيراليون.
وفي قطاع الزراعة قال الاُستاذ الجامعي والخبير في اقتصاد غرب أفريقيا فيليب دو فريير انه يشك في ان يؤثر عدد الضحايا على «عرض اليد العاملة».
لكنه يتوقع سلوكا مضرا بالاقتصاد. وقال ان «الناس سيخففون من تحركاتهم. مثلا من لديه عادة بيع خضار في سوق محلية سيبقى في منزله وبذلك الناس لن يتمكن الناس من التمون باحتياجاتهم، وهكذا دواليك».
وفي المناطق الخاضعة للعزل الصحي في سيراليون وليبيريا، اُخليت مزارع الكاكاو والبن إذ يخشى المزارعون البقاء بعيدا عن منازلهم. وفي الوقت نفسه، شهد السوق نقصا في المواد الغذائية الأساسية، وخصوصا الأرُز، اذ توقف التجار عن التزود به بسبب مشاكل التنقل.
وفي نيجيريا، الدولة الاُولى المنتجة للنفط في القارة، لم تتأثر كثيرا نشاطات استخراج النفط في دلتا النيجر على بعد حوالي ألف كيلومتر عن لاغوس حيث سجلت 15 اصابة.
وهذه الدولة التي تعد اول قوة اقتصادية في أفريقيا هي البلد الاقل تضررا بالمرض وشهد وفاة خمسة اشخاص.
لكن بيسمارك ريوان رئيس مجموعة «فايننشال ديريفاتيف كومباني» ومقرها لاغوس، قال ان «حجوزات الفنادق تراجعت حوالي ثلاثين في المئة هذا الشهر مثل طلبيات الطعام والشرب للمناسبات الكبيرة مثل الاعراس والجنازات».