إعداد الباحثين:
اسلم ولد الطالب أعبيدي
محمد المختار ولد الحسن
تمهيد :
تعرف الساحة الوطنية في هذه الآونة تجاذبات سياسية كثيرة، حول الموقف من الانتخابات المقررة في الواحد والعشرين من الشهر الجاري .
حيث يرى النظام وأحزاب الأغلبية أن تأجيل الانتخابات سيدخل البلاد في فراغ دستوري، ويحمل المعارضة مسؤولية فشل الحوار الذي أعرب فيه النظام عن استعداده لكل ما من شأنه أن يضمن نجاح العملية الانتخابية وإجرائها بشكل توافقي.
بينما تقف أحزاب وشخصيات سياسية معارضة موقفا مناهضا لذلك مطالبة بمقاطعة الانتخابات التي ترى أنها أحادية الجانب ولا تتوفر على الضمانات الكفيلة لنزاهة الانتخابات.
ونحن في هذه الأسطر سوف نضرب صفحا عن هذا الموقف أو ذاك تأييدا أو نقدا لنقدم رؤية تتوخى الموضوعية .رؤية تبحث في خيار المقاطعة الذي تبنته بعض أحزاب المعارضة.
فعلى الرغم من تبني المعارضة لخيار المقاطعة إلا أن الأسس والقواعد التي يتطلبها نجاح هذا الخيار لا زالت غامضة وغير واضحة لكثير من الموريتانيين – نخبة وقاعدة – بل ويتم تمويهها أحيانا من خلال ربطها بمفاهيم أخرى كربط المشاركة ،بضرورة المحاصصة .. وهذا الأمر يجعل العملية السياسية تسير في اتجاهات متعددة قد تشوه حقيقة العملية الانتخابية وتشجع على تكريس أسس تطعن مبادئ العملية الديمقراطية في الصميم.
ومن اجل تثبيت النقاش حول الموضوع لابد من التنبيه إلى أن الإسقاط والتعميم في التطبيقات الديمقراطية دون مراعاة للخصوصيات الاجتماعية التي تفرز الممارسة السياسية وتفرز تفاعلات المشهد السياسي بكل تشكلاته وكل الأبعاد المكونة له ، ودون مراعات لطبيعة المجال السياسي الخاص والنقاش الدائر فيه ، يمنع من التوصل لحلول عميقة للمشاكل الإجتماعية والسياسية القائمة في كل مشهد وعليه تتعطل قدرة الديمقراطية عن الاحتفاظ بمكانتها كأهم نموذج من نماذج الحكم والتمثيل الشعبي التي توصل لها العقل البشري لحد الآن ، يعني هذا أن نقاشنا لهذا الموضوع سيظل معنيا في الصميم بنقاش الموضوع في إطار خصوصية المشهد السياسي الموريتاني وخصوصية اللحظة الوطنية .
ومن أجل نظرة اكثر تأني للموضوع الذي نحن بصدد نقاشه لابد من التمييز أولا في ظل ضبابية المشهد السياسي بين مفهوم المقاطعة الإنتخابية الحزبية بما هي عمل حزبي تقوم به الأحزاب السياسية تعبيرا عن اعتراضها على التعامل مع نظام معين أو رفضها لأجندة معينة انطلاقا من سعي الاحزاب لفرض خياراتها ومشاريعها السياسية ، وثانيا بين مفهوم المقاطعة الفردية بما هي سلوك سياسي فردي يدخل في إطار العزوف الانتخابي أو يحاول من خلاله المواطن التأثير على العملية السياسية عبر امتناعه عن المشاركة في الانتخاب .
المشاركة والمقاطعة الحزبية والنخبوية
إن الوضع العربي والإقليمي بشكل عام والوضع الوطني بشكل خاص يعرف حراكا غير مسبوق وفرزا حقيقيا في النخب السياسية قاد لتراجع بعض النخب السياسية التقليدية وتراجع خطابها بعد هيمنتها الطويلة في المشهد السياسي وعجزها الطويل عن بلورة خطاب قادر على التغيير وعلى خلق بدائل فعلية للأنظمة التي تكرست طوال العقود الماضية.
هذه النخب استطاعت عبر زمن طويل تقديم نفسها كممثل للجماهير ومعبر عن طموح الجماهير العربية في بناء التغيير وفي بلورة خطاب سياسي مخالف لم تنتجه الأنظمة، إلى أن تحركت الجماهير وانتفضت تحت شعار "الشعب يريد..." دون تأطير ودون قيادة من هذه النخب أو دون كبير جهد منها ففقدت القدرة على المبادرة وفقدت القدرة على القيادة وفقد خطابها القدرة على التأثير فبرز في المشهد السياسي العربي مستويين من الخطاب السياسي خطاب النخب التقليدية وخطاب الشارع أو الجماهير العربية والتي قررت التعبير بصوتها دون وسيط ودون مترجم بينها وبين مطالبها الحقيقية وأهدافها الكبرى في الحرية والكرامة والعدل .
هذا الواقع او هذه الحالة عرفتها تجربتنا الوطنية الفتية في العمل السياسي المؤطر من طرف النخب الحزبية والنخب السياسية التي تتقدم الشأن العام ، إذ ظلت الأحزاب السياسية تسيطر على المشهد السياسي وتتكلم باسم الجماهير وتعبر عن خياراتها مابين موالاة موغلة في القبول والخنوع للنظام ، ومابين معارضة موغلة في الرفض، كل ذلك دون وجود مسافة تمنح للفرد القدرة على التفكير في المتاح من الخيارات خارج هذه الثنائية الثابتة عبر التاريخ الوطني .
وإذا كانت الأحزاب السياسية جزء لا يتجزأ من الظاهرة السياسية وأمر لا غنى عنه للحياة السياسية داخل المجتمعات المعاصرة فإن فعاليتها تقاس بقدرتها على حمل خطاب وطني وقدرتها على التعبير من خلاله عن الهم والمطالب الجماهيرية فهل كانت اطرنا الحزبية متمتعة بهذه الاهلية مؤهلة لحمل هذا الهم ومعززة بخطاب وطني ام لا ؟
إن الأحزاب السياسية لا تبرز بالصدفة ولا تتأسس لحل مشاكل شخصية فردية بل تتشكل لتعبر عن واقع اجتماعي معين وتتبنى خيارات سياسية لمواجهته ، وهنا تصبح قاعدة جماهيرية تنضوي فيها جماهير معينة تسعى من خلالها لفرض خياراتها ورؤاها وتصوراتها في الفعل السياسي وفي القرار السياسي الوطني ، وهذا ربما ما ضيق هامش وجود الأحزاب السياسية في بعض بلدان العالم العريقة في الديمقراطية إلى وجود حزبين كبيرين يتداولان على السلطة فيما بينهما ، وأخرى يسود فيها حزب واحد يحتكر السلطة وأخرى تكثر فيها الأحزاب وتتعدد لدرجة قد تشكل خطر على استقرار الكيان السياسي ككل ، وتمنع من وجود خطاب جماهيري او مطلب سياسي عام خلف الحزب ، مما يجعله في النهاية بوابة للمصالح الخاصة للنخب المسيطرة عليه.
صحيح أن كل نظام سياسي يفرز تجربته الخاصة لكن وجود اكثر من 100 حزب سياسي في بلد لا يتعدى مواطنوه ثلاثة ملايين ونصف ولا يصل الشعب السياسي فيه لنصف هذا العدد يضع أكثر من استفهام حول قدرة الأحزاب السياسية الوطنية على حمل خطاب جماهيري عام وحول قدرتها على التعبئة من أجل رؤية سياسية والاهم حول مساحتها من التمثيل الجماهيري وهل هذه المساحة تمكنها من اتخاذ قرارات كبرى بإسم الناس .
إستحضار هذه الحالة مهم وأساسي في ظل الاستحقاقات القادمة وفي ظل الحشد من طرف الأحزاب الموالية للمشاركة والأحزاب المعارضة للمقاطعة ، وينقل التساؤل من قدرة الجانبين على الحشد كل إلى خياره ، إلى تساؤل آخر حول عمق المطلب الذي ينادي به الفريقين ، وإلى أين يقود كل مطلب وهل يعبر عن مصلحة وطنية ام لا ، وهل تحدده حاجة عامة أم هو موقف شخصي ؟
إن الأدبيات السياسية المعاصرة تكرس فهما بسيطا للموالاة وهو أنها تعبير عن النظام وعن حاجات النظام وعن أزمات النظام ولا يفترض منها أن تكون غير ذلك فهي في النهاية جزء من النظام لذلك لن نكترث هنا لنقاش دعواتها للمشاركة واشتغالها على توسيع دائرة المشاركة لأن هذا هو هدف النظام وهو مطلبه في الوقت الحالي ، وهو أمر نظلم النظام إذا توقعنا منه غيره.
لذا فإن ما يجب أن يوضع على طاولة البحث والنقاش هو موقف النخب والأحزاب المعارضة "المقاطعة" فأي معارضة في الدنيا يفترض ان تكون تعبيرا عن همس الشارع، عن أزمات المجتمع، عن جراحه العميقة وآلامه الجسام، وتكون في تمفصلاتها تعبير عن انتفاضاته الكبرى وعن إنحيازاته التاريخية للخيارات والمواقف الوطنية.
هذا ما يفترض في المعارضة لا ان تكون تعبيرا بسيطا عن حاجات المعارضة وعن رغبات المعارضة وان تتحول من وسيلة إلى غاية في حد ذاتها ، ونعني هنا ان تفقد قدرتها عن ان تكون خيار واداة سياسية لحمل هم ومشروع وطني إلى مركز ثابت تدور حول نفسها وتعبر عن مشاكلها الخاصة وعن أزماتها الخاصة في انفصال عن الهموم الوطنية وعن الازمات المجتمعية الكبرى .
إن هذا الانفصال تشكل بفعل طول أمد الصراع بين النخب التقليدية المعارضة وما يمكن أن تجمعه حولها مرحليا من مساندة بعض الأحزاب ــ الباحثة عن فرصة ــ وبين النخب التقليدية الحاكمة والموالية وما يدور في فلكها من أحزب وجماعات ، وعلى أساسه تعرضت المعارضة لأكثر من شرخ في علاقاتها مع قواعدها الجماهيرية وفي علاقتها مع خطابها الوطني الخاص بها ، مما يجعل مواقفها السياسية محل تساؤل بل ومحل تشكيك لدى الجماهير في قدرتها عن التعبير عن مصالح وطنية كبرى.
إن دراسة أو تحليل أي موقف سياسي لا تهتم للموقف في حد ذاته بقدر ماتهتم وتحلل لحظة اتخاذه أي لحظة الفعل السياسي ، وهنا يكون التساؤل حول موضوع المقاطعة واللحظة التي تبنت فيها المعارضة خيار المقاطعة.
هل كنا أمام خيار جماهيري وطني؟ وهل هو القرار المناسب وهل عبرت المعارضة هنا عن موقف يمكن ان يجمع عليه الموريتانيون ، أم كان موقفا خاصا يعبر فقط عن رؤية لدى قادة هذه المعارضة من المسار السياسي في صراعهم مع النظام؟
إن المطلوب من المعارضة ليس فقط الصراع مع النظام وليس فقط السعي للوصول للحكم إنما المطلوب في تحركها أن تحدده المصلحة العامة وأن تكون بوصلته إستمرار الكيان السياسي لأنه هو مدار الفعل وهو مدار انتظام الناس وحياتهم ، وتلام أكثر من النظام إن كانت ميالة للعزوف وميالة للإقصاء وميالة لرفض الحياة السياسية وميالة لرفض الحوار ورفض اللقاء مع الفرقاء في أقرب النقاط توصيلا للخروج بالمجتمع من عنق الزجاجة ، إن أي نظام ديدنه الدفاع عن بقائه والدفاع عن مصالحه ، والمطلوب من المعارضة أن تكون دفاعا عن الناس وعن خيارات وطنية كبرى ، فهل خيار المقاطعة الإنتخابية هنا خيار وطني وهل سينتج إنفراجا في الأزمة الوطنية أم سيكرس ويعمق الأزمة السياسية والاجتماعية في البلد ، وهل تعميق وتكريس الأزمة السياسية خيار وطني ام خيار لنخب المعارضة فقط .
إن عجز المعارضة عن التوافق في حوار وطني تلام عليه المعارضة أكثر من النظام وبنظرة بسيطة للمشهد السياسي وإفرازاته والتي شاركت فيها المعارضة من المأمورية السابقة إلى اليوم وكانت حاضرة فيها بشكل قوي سواء من خلال مشاركتها الأولى في الانتخابات والتي اوصلت النظام الحالي للحكم او من خلال معارضتها الراديكالية له والتي منحته شرعية الرفض وشرعية الرفض في الديمقراطيات شرعية مضافة تفتقدها بعض الانظمة السياسية التي تغيب من ساحة مشهدها السياسي الوجوه المعارضة فكانت المعارضة في مشهدنا السياسي حاضرة برفض النظام ما أعطاه زخما وهامشا من الحريات اعلن تحركه فيه على أساس ديمقراطي، ومشاركة بعض فصائلها في النيابيات المنظمة مؤخرا والتي على أساسها تم تشريع برلمان غير احادي فيه النظام وفيه المعارضة.
إن كل هذه التفاصيل وكل هذه الإفرازات تفكك خطاب المقاطعة وتفقده القدرة على أن يكون خيارا وموقفا وطنيا وجماهيريا بقدر ما هو موقف نخب انفصلت كما كل النخب العربية عن الجماهير وظلت تعبر فقط عن ازماتها ومواقفها الخاصة ، إن الموقف الوطني والموقف الجماهيري لا يتغير بكل هذه السرعة ولايتبدل بهذه البساطة إذ هو نتاج واقع اجتماعي عميق وليس نتاج نقاشات نخب ومقايسات سياسية .
المشاركة والمقاطعة الجماهيرية
إن تصدر النخب للمشهد السياسي وانتظامها في مؤسسات وأطر تنظيمية غايته التعبير عن الجماهير والدفاع عن مصالحها والقدرة على النهوض بالخطاب الجماهيري والموقف العام من المشهد السياسي، ويفترض في النخب السياسية لحظة القرارات السياسية التعبير عن المصالح العامة وتمثيل المجتمع. لكن عجز النخب أي نخب يعيدنا بالضرورة لما قبل فرز هذه النخب ويعيدنا للفعل الجماهيري المباشر ، وإن كانت هذه هي الحالة الغالبة في التاريخ عند الأحداث الكبرى إلا أن تصدر النخب والطلائع للجماهير فرضه وعي النخب وقدرتها على الحشد والتعبئة قبل ان تتغير دفة الاحداث مؤخرا بفعل الحراك العربي الاخير وتعود للجماهير القدرة على المبادرة والقدرة على تجاوز الخطوط التي رسمتها النخب للفعل والسوك السياسي .
هذا الكلام يقود إلى القول بان الجماهير تتنازل عن حقها في التعبير والتحدث باسمها للنخب السياسية والحزبية لكن حين تفقد الأمل في كل شيئ تسترجع هذا الحق وتتمسك به ويكون هو خيارها الأخير في رسم وإعادة تحديد المسار وتصحيح الاخطاء المتراكمة بفعل النخب السياسية .. الأحداث التاريخية من هذا النوع كثيرة ومعبرة فعلى سبيل المثال الاحداث الطلابية التي اندلعت في فرنسا عام 1968 كانت بداية لحركة وعي سياسي جديد واسعة النطاق على مستوى العالم كله وأدت إلى تغيرات سياسية واجتماعية واسعة النطاق ليس في فرنسا وحدها وإنما أيضا في أجزاء مختلفة من العالم ، ولم تكن هذه الحركة والهبة الجماهيرية منظمة من طرف حزب سياسي او تيار سياسي معروف ولكنها انطلقت تلقائيا من الجماهير التي فقدت الأمل في أحزابها ونخبها السياسية .
استحضار هذا الكلام مهم في لحظتنا الوطنية والتي تشهد تصعيدا في الحشد لدى النخب السياسية موالية ومعارضة لخيارين انتخابين دون كبير عناء في تبرير وشرح أبعاد ومعطيات كل خيار من الخيارات المتاحة وبسطها في ظل الوضع الوطني المأزوم والوضع الإقليمي الأكثر تأزما ما ينعكس سلبا على حالتنا الداخلية ، وهنا يكون الخيار بتجاوز هذه النخب ، ورفع الكلام من دونها للجماهير بشكل مباشر لتعي حرج اللحظة التي يعيش كيانها السياسي ، والدفع صوب تجاوز هذه الازمة .
إن خيار المقاطعة الانتخابية خيار لا ينبغي أن تفرضه النخب والاحزاب السياسية على جماهيرها بقدر ما يجب ان تفرضه مقومات هذا الخيار ومبرراته المؤسسة له بما هو نوع من الاحتجاج السياسي، يمارسه الناخب عندما يرى أن احتمالات تزوير الانتخاباتقوية، أو أن النظام المشرف على العملية الانتخابية مرفوض وفاقد لشرعية القبول والتمثيل، إن هذه المبررات لا يكفي فقط أن تقولها بعض الاطراف السياسية إن لم تجد على الأرض ما يعززها ويدعم حقيقتها ، وإن تقدمت بها للجماهير وطالبت بها ، يجب ان تكون على كامل القدرة على تحمل ماقد ينتج عنها من تعميق للأزمة السياسية واستمرار في هدر الجهود والطاقات الوطنية في الخلاف والصراع السياسي بدل توجيهها للتنمية والبناء الوطنيين .
إن مثل هذا الخيارات الكبرى لا تكون في الغالب من حق النخب الحزبية والسياسية فقط ، لما تتطلبه من قدرة على إختراق الجماهير وقدرة على التعبير عنها وعن مصالحها ، ولما قد يترتب عليها من نتائج ومن انعكاسات على الواقع السياسي والواقع الاجتماعي ، وفي حالتنا الوطنية تكون الدعوة للمقاطعة خيار غير موفق في اللحظة الراهنة لدقتها ولحرجها داخليا وخارجيا ، و لما قد يترتب على هذه الدعوة من تعقيد للازمة السياسية واستمرار لحالة الانغلاق السياسي ما يعني فتح البلاد أمام خيارات أخرى قد لا يكون من المصلحة الوطنية الوصول إليها.
هنا وبهذا الموقف تكون النخب السياسية المعارضة قد سحبت البساط من تحت نفسها ولو مؤقتا وينبغي للجماهير استعادة زمام المبادرة والتصرف وفق اللحظة الوطنية والتي تقتضي التعاطي مع الموقف السياسي في شموليته الوطنية وليس في جزئية الخلاف السياسي التي تتعمق بفعل المقاطعة وتعطيل الحياة الدستورية وحصر الخيارات السياسية في الصراع والصراع فقط .
إن هذا الكلام في مجمله لا يعني رفض النخب السياسية أو التقليل من دور الأحزاب الوطنية أو تجاهلها لكن يسعى لتبسيط بعض الامور والمشاركة في النقاش الدائر حول المشاركة والمقاطعة في إطار وطني يسعى لتجاوز الارتهان للازمة السياسية التي تعيشها البلاد بفعل تداعيات الخلاف والصراع السياسي.
إن المشاركة في بداية مشروع سياسي والإقرار بكل نتائجه وإفرازاته والقبول بالمؤسسات التي تمخضت عنه و الاشتغال تحت سقفها لمأمورية كاملة ، ثم المشاركة لاحقا في جانب معين من عملية انتخابية والاعتراف بكل نتائج استحقاقاتها وإفرازاتها ومقاطعة جانب آخر من هذا المشهد السياسي يطرح أكثر من تساؤل حول مشكل في دور ووظيفة هذه النخب والأحزاب وأهدافها !!؟.
وهل تتحرك بدافع وطني عام يسعى لترتيب ووضع أسس خطاب سياسي إصلاحي ينطلق من خطوط عريضة تستحضر كل المشاكل الوطنية وتسعى من أجل المساهمة في تجاوزها ، أم أنها تتصرف انطلاقا من مصالح خاصة تسعى لتحقيها بغض النظر عن ما قد يترتب عن ذلك من نتائج قريبة المدى وبعيدة المدى.!