من أين أتى فيروس كورونا، وكيف ينتشر، وكيف تحمي نفسك منه، وما الاحتياطات التي يجب اتخاذها، وما أعراضه، وكم من الوقت سيستغرق تطوير لقاح له؟
في مقال طويل مشترك بين سبعة صحفيين، حاولت صحيفة لوموند الإجابة عن أسئلة طرحها القراء عليها بشأن وباء كورونا المنتشر حاليا في الصين، والذي بدأ يصل إلى مناطق أخرى من العالم.
وقالت الصحيفة إن الفيروس -الذي يبلغ قطره حوالي 80 نانومترا، أي أقل من شعرة الإنسان بحوالي ألف مرة- تم عزله وعرف تسلسل جينومه بسرعة، وأتيح ذلك للمجتمع الدولي اعتبارا من 10 يناير/كانون الثاني، ولكنّ هناك شكوكا فيما يتعلق بمعدل التكاثر الأساسي الذي يعني متوسط العدوى بالنسبة للشخص، وتقدر منظمة الصحة العالمية حاليا أن معدل عدوى هذا الفيروس تتراوح بين 1.4 و2.5، وهي أقل من السارس (بين 2 و4)، حسب “الجزيرة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن احتمال تنقل الفيروس عبر البضائع ضعيف، لأنه لا يحيا على السطوح الصلبة أكثر من ساعات.
ومع العلم بأن الإنفلونزا الموسمية تقتل كل موسم ما بين 291 ألفا و646 ألف شخص، بحسب دراسة قام بها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأميركا، فإن معدل الوفيات بها منخفض ولا يتجاوز 0.006%، في حين يقتل فيروس كورونا الجديد قريبا من 3% من المصابين به، وهو ما يفوق الإنفلونزا مئات المرات ويجعله مثير خوف كبير في العالم.
وتقول الصحيفة إن أصل الفيروس لم يعرف بشكل واضح حتى الآن، إلا أن من المؤكد أنه انتقل حديثا من حيوان إلى آخر، مع العلم أن الخفافيش تعتبر “خزانا” لهذا النوع من الفيروسات، وبالتالي قد يكون انتقل منها إلى حيوان ووسيط قبل أن يتحور ليصبح قابلا للانتقال إلى البشر وبينهم.
أما فترة الحضانة بين العدوى وظهور الأعراض الأولى، فهي بين يومين و14 يوما يكون الفيروس فيها معديا، ولذلك من الممكن انتقاله قبل معرفة الشخص المصاب، علما بأن الأعراض الرئيسية لهذا المرض تتشابه مع أعراض الإنفلونزا، وهي الحمى والتعب والمشاكل التنفسية.
وقالت الصحيفة إن تسمية عائلة فيروسات كورونا الكبيرة اشتقت مما يشبه التاج الموجود على سطحها، فهي “محاطة بكبسولة بروتينية على شكل تاج، ومن هنا جاءت تسمية الفيروسات التاجية”.
وأشارت لوموند إلى أن تغير المناخ يمكن أن يلعب دورا في ظهور الفيروسات وانتشارها، وبالتالي فإن ارتفاع درجات الحرارة أو الأمطار يسرع انتشار الفيروسات التي تنتقل بشكل رئيسي عن طريق الحشرات أو العثة، بل يمكن إطلاق فيروسات غير معروفة يعود بعضها إلى عدة آلاف من السنين خلال ذوبان جليد الهيمالايا أو التربة الصقيعية السيبيرية.
الاحتياطات التي يجب اتخاذها
وقالت الصحيفة إن الوقاية من فيروس كورونا 2019 لا تختلف عن الوقاية من جميع الفيروسات الشائعة الأخرى، كغسل اليدين عدة مرات في اليوم بمحلول كحولي أو بالصابون، وتجنب ملامسة المرضى، وتجنب لمس العينين والأنف والفم دون غسل اليدين، وتغطية الفم عند السعال بمنديل يمكن التخلص منه.
ونبهت إلى أن الفيروس ينتشر عند الاتصال المباشر بين شخصين في مسافة أقل من متر واحد، من خلال الجهاز التنفسي عند العطاس أو بالمصافحة، كما يمكن أن ينتقل عن طريق لمس أسطح مصابة لكنه لا يحيا عليها إلا بضع ساعات فقط.
وقالت إنه لا داعي لشراء أقنعة لأنها تمنع المريض فقط من نشر العدوى ولا تحمي منها، كما أنها ضرورية لطاقم التمريض لأنه على اتصال بالمرضى.
ودعت الصحيفة من لديه أعراض المرض بعد رحلة إلى الصين أو اتصال بشخص عائد من الصين، ألا يذهب إلى الطوارئ أو إلى الطبيب، بل يبقى في المنزل “ويبلغ عن الأعراض والإقامة الأخيرة في الصين”.
وقالت الصحيفة إن السفر إلى خارج مقاطعة هوبي الصينية -مسقط رأس كورونا- لا يشكل خطرا، حتى لو كانت بعض الحالات الفيروسية قد أثرت بشكل متقطع على بلدان أخرى غير الصين.
ما طريقة رعاية المريض؟
لا يوجد علاج معروف فعال ضد هذا الفيروس الجديد بحسب الصحيفة، وبالتالي فإن العناية المقدمة للمرضى تتمثل في علاج الأعراض قدر الإمكان. ومع ذلك، تشير دراسة نشرت في مجلة “ذا لانتسيت” قبل أسبوع إلى بدء تجربة سريرية لاختبار مزيج من علاجين مضادين للفيروسات.
وقدرت منظمة الصحة العالمية أن الحصول على لقاح للإنفلونزا يستغرق ما بين خمسة أشهر وستة من تحديد سلالة الفيروس، ولكن بالنسبة لفيروسات كورونا فإن الأمر يبدو أكثر صعوبة، مع أن هناك برامج بحثية قد تم تمويلها، يعمل بعضها على لقاح لفيروس كورونا الذي أصاب الشرق الأوسط عام 2015.كما أن العديد من الأدوية المضادة للفيروسات يجري الآن تقييمها، حيث تقوم السلطات الصينية باختبار فعالية الدواء المشار إليه في علاج فيروس نقص المناعة البشرية، كما قامت شركة أخرى متخصصة في علاج فيروس نقص المناعة البشرية بإنتاج جزيء تم اختباره بالفعل على فيروس إيبولا دون نجاح.