إنّ المتتبِّعَ لِما يَجري في هذا الكوكب الأرضيّ الذي نعيش على أدِيمِه، لا بُدَّ أن يخرجَ بانطباعَيْن سَيِّئيْنِ (وهو أمر مؤسف):
الانطباع الأول: غِياب السلام.
لا يُوجَد على البسيطة-في أيامنا هذه-مَكان آمِن تَمَامًا. قَتْل وتدْمِير وتَفْجِير، قَنابِلُ بشرية قابلة للانفجار في كل وقت وحين، تسير على الأقدام بأحزمتها المتفجرة، أو تستقل سيارات مفخَّخَة، أو تزرع متفجرات في صورة قنابل موقوتة. الإجرام بأنواعه المختلفة منتشر في كل مكان. لَوْن دَمِ الإنسان، أصبح مَنظرا مألوفا لا تقشعر له الأبدان، وكأنّ إنسان اليوم قد فقد الرحمة والإحساس. اختلطَ الحابِل بالنابِل، لا أحدَ يعرف مَنْ يَقتُل مَنْ، لا هدَفَ واضحَ المعالم لهذا العبث الجهنميّ بالبشر والحجر، لا حلَّ يلوح في الأفُق المنظور.
إنّه عالَم مَجْنُونٌ!
الانطباع الثاني: ضَياع الحقيقة.
وأنتَ تتابِع وسائل الإعلام، بمختلِف أنواعها، تتقاذفُك "أمواج" من الأخبار المُضلِّلة، يَرِد مُعظمُها تحت عنوان "خبر عاجل": وفاة فلان الفُلانيّ، إصابة فُلان أو عَلّان بأزمة قلبية أو بجلطة دماغية، نُقِل إثرها إلى المستشفى.
ويزداد هذا السيل الجارف من الأخبار المختلَقة- من ألفها إلى يائها- عندما تُبحِر في الإعلام الإلكترونيّ (الفيسبوك، بصفة خاصة).
وبعد فترة، تقصر أو تطول حسَب أهواء هؤلاء العابثين بعقول الناس المتلاعبين بمشاعرهم، تَتَبيَّن أنّ تلك الأخبار عبارة عن شائعات لا أساسَ لها من الصحة، وأنّ الحقيقة هي الضحية.
إنّه إعلام مُضَلِّلٌ!
وبَيْن العالَم المجنون والإعلام المضلِّل، فُقِد السّلامُ وضاعت الحقيقة!