بقلم: سيد أحمد ولد ابنيجاره
لم تمنع المخاوف التي صاحبت ظهور فيروس كورونا في الصين و الإعلان عنه نهاية يناير الماضي، المعلقين في وسائل الإعلام العربية و الدولية من طرح العديد من الإستنتاجات و الإحتمالات التي قد تكون جزءا غير معروف من قصة هذا الفيروس الذي حيّر العالم و شكل رعبا للناس بسبب غموض تاريخه و سرعة انتشاره خارج الصين، في وقت كان فيه الجميع يتحدث عن البحث عن لقاح مضاد و احتواء تفشي الفيروس داخل الصين و بالتحديد في محافظة "ووهان" ، أين ظهرالوباء أول مرة، و شد انتباه دول العالم لمؤازرة الصين في معركتها للتخلص من هذا الفيروس الغامض.
و من المفارقات العجيبة، أننا لم نكد نتخطى صدمة "كورونا" الأولى في الصين، حتى تحول الإعلام بمختلف وسائطه إلى متابعة انتشار الفيروس على مدار الساعة و أصبح تدفق الأخبار و المعلومات مصدر قلق فاق خوف الناس من الفيروس نفسه؛ و ساهم الخبراء و المحللون في تسويق تفسيرات و سيناريوهات كان من السهل على الناس تصديقها، ليس لمصداقية تلك المعلومات و إنما لتوافقها أو وقوعها متزامنة في نظرهم مع حدث دولي آخر برز في خلفية ظهور "كورونا" دون أن يكون من الممكن استنتاج هل كان هذا مصادفة أم لا ؟!
و من بين الإستنتاجات التي تحدث عنها البعض بعد إعلان الحكومة الصينية،محافظة "ووهان" و عاصمتها "خوبي" منطقة موبوءة بفيروس "كورونا" ، ما تناقلته وسائل الإعلام من أن الموضوع يتعلق بفيروس خرج عن السيطرة بعد هروبه من مختبر صيني "سري" في المنطقة، ولكن الصين تكتمت على الحادثةفي بداية الأمر إلى أن تم كشفه من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، و هو ما أدىإلى أن تعلن الحكومة الصينية عنه متأخرة،لكن بعد أن حصد الفيروس الجديد أرواح الكثير من الضحايا.
و مع أن هذه الفرضيةتبدو منطقية ، إلا أنهالم تحل اللغز بل زادت من غموض الفيروس و الأسرار التي رافقت ظهوره،و جعلت المشككين في صحة الرواية نفسها يتساءلون عن أهداف العملاق الصيني الذي يُعد اليوم من بين أقوى و أسرع اقتصادات العالم نموا، من إنشاء برنامج سري في "ووهان" لتطوير الأسلحة البيولوجية؟!!
و رغم أن الصين بدأت تستفيق من "كورونا" و تلملم خسائرها التي تكبدتها جراء توقف الكثير من المصانع و الشركات في البلاد نتيجة الوضع الذي خلقه انتشار الفيروس خلال الشهور الماضية، إلا أنها مازالت في نظر العديد من المراقبين تمثل الحلقة الغائبة فيفهم أسباب انتشار كورونا في العالم؛ أو لنقل في عجز دول العالم عن إيقاف انتشار الفيروس فيها؛ فهل كان هناك تواطؤ دولي في نقل الفيروس؟ و لماذا لم تتخذ دول العالم منذ الوهلة الأولى لظهور وباء "كورونا" في الصين،قرارا موحدا بتقييد السفر من و إلى الصين لضمان عدم انتشار الفيروس في بقية دول العالم؟!
إن عقدة الخلاف حتى الآن في فهم طبيعة فيروس كورونا المستجد و مصدره و انتشاره و السباق الجاري لاكتشاف لقاح مضاد له، هي التي مازالت تحجب عنا الجانب الخفي في الجدل الدائر في وسائل الإعلام حوله و التي تبدو للمتابع متناقضة و مقنعة في نفس الوقت في تفسيرها لحقيقة الفيروس و الغموض الذي يلف تفشي المرض في البداية في دول مثل الصين و إيران قبل أن ينتشر إلى دول أخرى و يصبح رغما عنا مقلقا للجميع.
إن التعريف الطبي للفيروس بقدرما يحيطه من شكوك و اتهامات لشركات صناعة الأدوية، إلا أنه في أثره المباشر يبقى لصيقا بأهداف تجارية تتلخص في ترويج و تجارة الأدوية عموما، و هو ما يعطي انطباعا بأن الوازع الإنساني في هذا الجانب يبقى حاضرا على الأقل عند تعاطي بعض الأطراف التي يهمها الأمر مع ضحايا هذا الفيروس الغامض؛ في حين أن الإستنتاجات و السيناريوهات التي يتحدث عنها بعض الخبراء في مجال الحرب البيولوجية، حول الموضوع،تبدو على العكس صادمة و مرعبة لارتباطها على الأغلب بحرب سرية لا نعلم عنها يُستخدم فيها المسموح و غير المسموح لفَناء البشرية.
و يعتقد أصحاب هذه النظرية، أن فيروس كورونا المستجد (COVID-19)ما هو إلا الخيط الأول في انفجار قنبلة بيولوجية جرى إعدادها لاستهداف (العدو) لكنها خرجت عن السيطرة و اتسعت بؤرتها لتشمل العالم و تصيب ضحايا كثر آخرين، لا لشيء إلا لأنهم تواجدوا في الوقت و المكان الخطأ.
و يؤيد أصحاب هذه النظرية، أن يكون تفشي الوباء ناجم عن حرب بيولوجية أو يدخل في إطار مشروع سري لتطوير الأسلحة البيولوجية، و لا يستبعد هؤلاء أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية التي هددت الصين في السنتين الماضيتين و دخلت معها في حرب تجارية غير مسبوقة، أن تكون وراء إلقاء فيروس مطوّر في "ووهان" لضرب المارد الصيني في مقتل عن طريق تعطيل اقتصاده و شل هيمنته على العالم.
لكن هذا الإفتراض يبدو ضعيفا إذا نظرنا إلى ردة فعل الصين و روايتها لانتشار المرض التي تزعم فيه أنه انتقل إلى ضحاياه من أشخاص كانوا يترددون على سوق للسمك في "خوبي" و هو ما يزكي النظرية القائلة إن فيروس كورونا قد يكون صناعة صينية كما ذهبت إلى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي اتهمت الحكومة الصينية بتكتمها على هروب فيروس من مختبر صيني سري في "ووهان" و خروجه عن السيطرة و هو اتهام يحمل في خفاياه بعض المستور في هذه الحرب الخفية؛ التي يروم من خلالها الصينيون إلى تركيع الولايات المتحدة بهذا الفيروس عبر ضرب اقتصادها و إسقاط الرئيس ترامب، العدو الأول للصين، في الانتخابات الرئاسية القادمة، الذي كان من أشد الرؤساء الأمريكيين معارضة لزيادة الدعم الصحي للفقراء الأمريكيين وانتقد سلفه أوباما على التأمين الصحي الذي منحه لهم؛ و يزعم أصحاب هذا الرأي، أن الصين التي أخذت تستعيد عافيتها وأعدت العدة لجني المليارات من لحظة تحول كورونا إلى كساد عالمي، ستفاجأ العالم بأنها دولة متقدمة غير عادية و قوة اقتصادية لا تسقط بالضربة القاضية.
و يذهب آخرون إلى أن الأمر قد يكون له علاقة ببرنامج جرثومي سري في إيران أو حرب جرثومية شنتها الولايات المتحدة على إيران بعد مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في يناير الماضي.
و بحسب الإحتمال الأول فإن الصين قامت بتجربة لفائدة إيران أو قامت بها إيران نفسها لتطوير أسلحة جرثومية، لكن التجربة خرجت عن السيطرة في البلدين، مما جعل آثار التجربة و بؤرتها تتوسع لتشمل مناطق خارج إيران و الصين ،و أدى ذلك إلى ما أدى إليه من سرعة انتشار و ضحايا بسبب تكتم حكومتي البلدين لعدة شهور، أو أن التهديد الذي أطلقه الرئيس دونالد ترامب ضد إيران، بضرب ما قال إنه (52موقعا ثقافيا) إذا أقدمت إيران على الرد على القوات الأمريكية بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني.
و هو الإحتمال الثاني، الذي فسره البعض بأن ترامب كان يقصد استهداف مواقع دينية أو قيادات دينية، و هو ما يتوافق مع كون بؤرة انتشار الفيروس في إيران ، كانت مدينة قم المقدسة عند الشيعة، و معظم الإصابات الأولى شملت قيادات دينية و شخصيات كبيرة في النظام الإيراني.
و لا يخرج عن هذا الإحتمال إسقاط إيران للطائرة المدنية الأوكرانية في تلك الفترة والتي زعمت بعض المصادرالإيرانية المطلعة بأنها كانت تُقل مجموعة نوعية من الخبراء الأمريكيين الذين دخلوا إيران لنفس المهمة ، و أن النظام الإيراني عندما علم بأمرهم قرر تصفيتهم جميعا بالطريقة التي تم بها إسقاط الطائرة الأوكرانية بعد استهدافها بصاروخ و الإنكار الذي صاحب الضربة أولا، قبل أن تعترف إيران بعد عدة أيام بأنها هي المسؤولة عن إسقاط الطائرة.