لقد أصبح هذا التعبير مثارَ جَدَل كبير لدى السياسيين الموريتانيين والمهتمين بالشأن العام، وفسره بعضهم بأنه يعني تسليم مقاليد الأمور للشباب من فئة عُمرية معينة، ومنح الشيوخ فرصة الخلود إلى الراحة. ورأيي في الموضوع، أنّ القضية ليست قضية شيوخ وشباب، بل قضية تغيير في العقليات والتوجهات وإلإيديولوجيات، والبرامج...لا بد للشيوخ والشباب أن يتعايشوا، ويعملوا جنبا إلى جنب لتستقيم الأمور وتسير السفينة على هدى: الشباب بحاجة إلى تجربة الشيوخ، والشيوخ بحاجة إلى طاقة الشباب. المطلوب: تعاقب الأجيال على العمل السياسيّ، بطريقة تدريجية وسلسة، بحيث لا يحدث انبتات قسري، وليس الهدف من هذا التعبير: صراع الأجيال على السلطة والعمل السياسيّ، وإنما: حوار الأجيال، وتفاهم الأجيال، وتعاون الأجيال. الشباب هم إخوة الشيوخ وأبناؤهم وأحفادهم، ويقتضي المنطق السليم أن يُحِبوا لهم ما يحبون لأنفسهم. ثم إنّ الوطن يسع الجميع، وتقتضي سنة الحياة أن الإنسان يمرض، ويشيخ، ويضعف، ويعجز، ويموت، ليترك الدور لخلفه. أقول هذا الكلام لأن موضوع إشراك الشباب في العمل السياسيّ-كما أسلفت- مطروح بحدة في الوقت الراهن، وهو أمر محمود ومطلوب، لكن ذلك لا يعني رمي الشيوخ-بعد أن أفنوا شبابهم وزهرة حياتهم في خدمة وطنهم- والاستغناء عن علمهم وحنكتهم، وتسليم كل شيء لشباب لم يعرك بعدُ الأيام ولم تعركه. وإنما المطلوب: وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب. ولا يعني ذلك-بحال من الأحوال-التقليل من قدرات الشباب، ولكن يجب وضع الأمور في نصابها. وهذا هو رأيي على كل حال. والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.