عبد الرحمن حمودى
نطالع منذ أيام تدوينات ومناشير بعضها مجهول المصدر، تستهدف وزير الداخلية، محمد سالم ولد مرزوك.
لا يتورع أصحاب هذه الحملة المسعورة عن وصم الرجل بالفساد، مستندين في ما يقولون على حدثين سابقين؛ أولهما التلاعب بأموال الإمارات المخصصة لبناء مستشفى الشيخ زايد وتحويله من منشأة عملاقة، كتلك المقامة في المملكة المغربية إلى بناية "صغيرة محشورة بين أحياء شعبية"، وثانيهما توقيفه من قبل العدالة السنغالية بتهمة مالية لها علاقة بمنظمة استثمار نهر السنغال!
ومن الغريب أن يتهم محمد سالم ولد مرزوك في قضية تتعلق ببناء مستشفى الشيخ زايد الذي أبرمت صفقته وانتهى تشييده بالكامل قبل تعيين الرجل وزيرا للصحة بثمانية أشهر!
أتمنى أن لا يكون هذا الكذب والبهتان متعمدين في شهر رمضان!
وفي ملف العدالة السنغالية، فنحن أمام احتمالين لا ثالث لهما:
١- إما أننا نثق في عدالة السنغال التي أوقفت محمد سالم ولد مرزوك بتهمة وجيهة، ونثق أيضا وبنفس الدرجة في عدالة السنغال التي برأته انطلاقا من التحريات وبناء على التدقيق الذي أجرته في حسابات المنظمة وفي الحساب الشخصي للرجل.
٢- وإذا لم تكن لنا ثقة في عدالة السنغال- وهو أمر جائز- فتوقيف الرجل في هذه الحالة، لا يعدو أن يكون مكيدة مدبرة، حيكت خيوطها في نواكشوط أو في داكار أو بالتنسيق بين العاصمتين!
وعندها يمكنكم أن تتصوروا أن من فتل القيد يسهل عليه حل العقدة!
والحقيقة أن محمد سالم ولد مرزوك من بين أشخاص قلائل منحهم الله كفاءة مشهودة في مجال الإدارة وقدرة فذة على التنظيم و موهبة نادرة في التعامل مع الأزمات وإبداع الحلول.
لهذه الأسباب يقدره كثير من الناس ويحبونه ويشيدون بتجربته في الداخل وفي الخارج؛ ولذات الأسباب أيضا يكرهه البعض ويتحاملون عليه بالكذب والبهتان دون ورع.
فكفاءة الرجل مكنت من تحويل منظمة استثمار نهر السنغال إلى أداة تنمية، يتجسد فيها التعاون المثمر بين دول الجوار.
وإدراكه لأهمية الانسجام بين بلدان المصب والعبور من جهة، ودولة المنبع من جهة أخرى، ساعد في إعادة دولة غينيا إلى المنظمة.
ويتمثل ذكاؤه الثاقب في إبداع "ميثاق" المياه الذي يحدد قواعد تسيير الماء وتوزيع حصصه بين مختلف المجلات (ماء الشرب- الزراعة...)
أما إبداعه، فيتجلى في الآليات والخطط التي أقنع بها الشركاء على تعبئة التمويلات الضرورية لبناء الجيل الثاني من السدود وإقامة المنشآت الطاقية الجديدة.
كل هذه العوامل جعلت من تجربة منظمة استثمار نهر السنغال، تحت قيادة محمد سالم ولد مرزوك، نموذجا يحتذى به في تسيير مياه الأحواض المائية المشتركة، التي تؤجج الخلافات بشأنها العديد من النزاعات في العالم؛ وما مشاكل توزيع مياه النيل ببعيدة منا.
فما لهؤلاء القوم يمعنون في التحامل، أثناء شهر رمضان، على رجل وطني معطاء، شرف بلادنا وحاز على ثقة العديد من النخب في موريتانيا وفي إفريقيا!
كيف يحاولون النيل من رجل أنجز كل الإصلاحات السابقة، التي جعلت زعماء دول منظمة استمار نهر السنغال يمنحونه مأمورية زائدة!
لكنها مشيئة الله في خلقه، حيث قسم بني آدم منذ نشأة الخلق إلى أصناف ومايز بينهم في السجايا، فمنهم المسالمون الباحثون عن الحق ومنهم المجبولون على سوء الظن بالناس والبحث عن مثالب الآخرين وأخطائهم، إن وجدت، وإن لم توجد، فعليهم اختلاقها وافتعالها. وإنني لأدعو لهؤلاء بالشفاء من كافة الأمراض وخاصة أمراض القلوب.
رمضانكم كريم.
عبد الرحمن ولد حمودي.
نواكشوط، يوم 06/05/2020