في عيد ميلاده الثمانين، وبينما شعور الديكتاتور يلازمه أكثر من أي وقت مضى، تأبى «السلطة» المحيطة بعادل إمام، والتي دعمها ساعة العسر، خاصة في تسعينيات القرن الماضي، حينما كان الإرهاب يضرب بقوة في العديد من محافظات الصعيد، حرصت إلا أن توفر له «خاتمة» تليق بها قبل أن تليق به.
وبينما صحته تتداعى بحكم السن، وربما من فرط ما يتعرض له من هجوم من قبل محبيه، قبل خصومه، الذين هتفوا يإخلاص شديد له «كفاية»، بسبب عمله الذي يعرض في الوقت الراهن، والذي وصفه كاتب بارز بأنه «جريمة»، وفيما يقاتل الفنان الذي احتكر لقب «الزعيم» على مدار عقود، كي يحافظ على تاريخه، جنباً إلى جنب مع ماله، الذي يتكاثر بشكل مطرد إذ يحصل على «40 مليون جنيه في المسلسل»، إذا به يؤتى من حيث لا يحتسب، حيث يتعرض أحدث أعماله الدرامية، وربما آخرها في حياته حال إعلانه الاعتزال لهجوم واسع، شارك فيه حتى أولئك الذين لا علاقة لهم بالفن من قريب أو بعيد.
في جملة مكثفة حروفها كتبت بالرصاص أجهز الكاتب محمد علي إبراهيم، رئيس تحرير جريدة «الجمهورية» الأسبق وأقرب الكتاب لقلب الرئيس الراحل حسني مبارك، على زعيم دولة الكوميديا «فنان كان كبيرا»، واتهم الكاتب البارز الفنان بالحصول على دعم من «ذباب الكتروني»، واصفاً من يدافعون عن مسلسله الأخير بأنهم: «خدامين الزعيم» وأنهم «كتائب إلكترونية».
أما الكاتب محمود درويش، فعبر عن صدمته: الحقيقة أن «فالنتينو» لا يصلح حتى مسلسلا من حلقتين. وليعذرني مؤلف المسلسل أيمن بهجت قمر، فالسيناريو مهلهل والمخرج تائه وغير مركز في تسلسل الأحداث المملة، التي فشل المؤلف في تضفيرها معا.
وتساءل هل يعقل أن يكون المؤلف هو ذاته صاحب أفلام جيدة ومباشرة.
وتابع قائلاً يبدو أن الكل راهن على أن المشاهد سيستمر أمام الشاشة، فقط من أجل عادل إمام، الذي غاب عن التواجد في المسلسل وترك الحلقات للجوقة التي تقدم غثاء، دون حتى ضحكة واحدة تشفع لهم. وا خسارتاه.
أما الهجوم الأبرز فجاء على لسان المايسترو عزت علام، الذي تجاوز في نقده كثيرا من النقاد، قائلاً: «عادل إمام فنان كبير وصل الى مصاف النجوم، بعد أن صعد سلم الفن من أدنى درجة وعاصر نجوما كبارا، ممثلين ومخرجين، وكل عالم السينما، وكون خبرات كبيرة، وبعد توفيق الله له في مدرسة المشاغبين، قفز قفزة كبيرة وأصبح نجما لا يشق له غبار، وقدم كثيرا من الأعمال الكوميدية، التى أضحكتنا. ومنذ عشر سنوات وبعد سقوطه في بالوعة يوسف معاطي، وهو يقدم لنا في رمضان تمثيليات تافهة سازجة، لا طعم ولا رائحة لها، ولا هي كوميدية ولا تراجيدي، شيء ممل عبيط، ولا أعلم كيف أن ممثلا مثله، مع كل الخبرات، مجرد أن ينظر الى القصة أو السيناريو يعرف شكل العمل ومدى تفاعل الناس معه، وإذا لم ينجح فلا يقدمه! ولكني لا أفهم ما السر في تقديمه هذا الهراء ثقيل الدم، وحتى أداءه الفني، كله غرور، كأنه يقول لنا أنا عادل إمام الذي أشبعكم ضحكا فأي شيء أقدمه لازم تقبلوا وتضحكوا فيه لرصيدي معكم».
ممل يا «فالنتينو»!
وتابع عزت هجومه على زعيم الكوميديا: «ممزوج بالغرور التعيس، ماذا يريد عادل إمام، هل يريد شهرة؟ لا أعتقد، أموال؟ لا أعتقد، هل هو جنون الشهرة للفنان بعد أن يصل أرذل العمر؟ ليقول لنا عادل إمام موجود دائما! لا يا عادل هذا وجود اللا وجود، والذي يخصم من رصيدك الفني لدى الجمهور، يا عم «فلانتينو» أؤكد لك أننا لا نستطيع مشاهدة أكثر من دقيقتين ونغير القناة! يا خسارة على الفنان عندما يفقد صوابه، ويفقد حب ناس. تعب كثيرا ليحصل عليه»!
واختتم كلامه، قائلاً: «أرجوك يا عادل اعتزل الفن واترك لنا ذكرى طيبة نتذكرك بها واعلم أن الشهرة لها ميقات واسأل الريحاني وفؤاد المهندس وغيرهم كثر».
دعم عاطفي
نال عادل إمام على مدار الأيام الماضية مزيدا من الدعم العاطفي، خاصة مع تزايد وتيرة الهجوم عليه، بسبب تردي مستوى مسلسله، الذي يعرض منذ مطلع شعر رمضان، وفي سابقة فريدة طرحت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أغنية بعنوان «عادل إمام الأول»، إهداءً له، في ذكرى ميلاده الـ80، وهي من غناء محمد كيلاني، وتأليف أيمن بهجت قمر، وفكرة يسري الفخراني، وتوزيع محمود العسيلي، وهاني ربيع. تقول الأغنية في مطلعها: «ودسوقي أفندي هو سرحان عبد البصير، وبهجت الأباصيري، ده كان موضوع كبير، والواد سيد بنفسه مين كان بيستجري ينافسه، سبانخ جمعة الشوال، بهنسي بهلول مرجان، والطاير والمنسي والأكشن والرومانسي، مشبوه متسول جن تشوفه الضحكة ترن، عادل إمام الأول والأول والأخير كل سنة وأنت يا زعيم بصحة وخير».
وحرص كثير من الفنانين على الاشادة بالمسلسل في محاولة الغرض منها شراء ود جهة الانتاج، التي باتت تهيمن على معظم ما يقدم من أعمال، وحيا رامي إمام والده الزعيم بعيد ميلاده الثمانين، وذلك عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «انستغرام». فقال رامي: «17 مايو/آيار 1940. تاريخ ميلاد أبويا. عادل إمام. أبو رامي وسارة ومحمد. وجد عادل وعز الدين وأمينة وهالة وكاميليا ورقية وخديجة (بالترتيب العمري)».
وتابع: «النهارده يتم 80 سنة. منها 60 سنة كفاح وتعب وعناد وإصرار. طول عمرنا فخورين بيك. وحنفضل طول عمرنا شايلين مسؤولية اسمك. ربنا يحفظك يا أبويا ويديلك الصحة وطولة العمر وتشوف أحفاد أحفادك».
بلغ مجموع ما قدمه عادل إمام من أعمال سينمائية 120 فيلماُ بداية مشواره كانت في العام 1964 من خلال فيلم «أنا وهو وهي»، والغلابة والبسطاء همه همه، لهذا عبر عنهم في كثير من أفلامه، التي كانت مرآة تعكس صورة المجتمع في كل عيوبه. ولهذا أصبح ــ وكما قال رفيق دربه الكاتب وحيد حامد «الفنان الأكثر ارتباطا بوجدان الناس»، و«أجمل اختراع للقضاء على الأحزان»، كما وصفه عبد الحليم حافظ، و«الفنان الذي يجد كل مصري شيئا من نفسه فيه»، كما كتب عنه أحمد بهاء الدين.
عبثاً حاولت العائلة والأصدقاء وشخصيات نافذة في المقام الأول دعم الزعيم من خلال حملات صحافية لم تخل منها صحيفة، وسعى كثير من الكتاب لدعمه والترويج لمسلسه باعتباره الأفضل بين الأعمال المعروضه، غير أن مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت ذات تأثير واسع ولها الغلبة والتأثير خطفت زمام المبادرة من عادل إمام والذين من حوله، الأمر الذي دفع أنصار الزعيم للجوء للاستعانة بالكتائب الالكترونية من أجل وقف الهحوم الذي يتعرض له وترميم صورته، بفعل الانتقادات الواسعة، التي واجهته، لكن مختلف المحاولات ذهبت أدراج الرياح الى الحد الذي دفع الكثيرين للشعور بالأسى لحال الفنان الكبير، الذي بات يتماهى مع المسبدين الذين لا يريدون مغادرة المشهد السياسي، مهما كانت النتائج، ويشارك الزعيم في السباق الرمضاني الحالي، في مسلسل «فلانتينو»، والذي تدور أحداثه حول شخصية نور عبدالحميد الشهير بفلانتينو، ويمتلك مجموعة من المدراس أطلق عليها مدارس فلانتينو، وتمر بأزمات مالية طاحنة تسفر عن مشاكل مع أولياء الأمور، ويكتشف عندما يطالب بقرض من البنك أن هناك شخصا على نفس اسمه يسحب ملايينا من حسابه البنكي.
الاعتزال
الــعمل يشـارك في بطولته كل من الفنانة دلال عبد العزيز، وداليا البحيري، وسمــير صبري، وعمرو وهبة، وهدى المفتي، وطارق الإبياري، ووفاء صاــدق، ورانيا محمود ياسين، وحمدي الميرغني، وهو من تأليف السيناريست أيمن بهـــجت قمر، وإخــراج رامي إمـــام. ولا يختلف إثنان على الدور المؤثر الذي لــعبه عادل إمام عبر مشروعه الفني المتكامل، والذي دفع به ليكون أحد أبرز أيقونات الفن في المنطقة العربية، ومن هنا يبرر عشاقه رغبتهم في حــضه على الاعتزال، حتى لا يشعل النار في تاريخه، الذي تنوعت روافده من أعمال كوميدية واجتــماعية وسياسية، كما حارب الإرهاب في أفـلامه.