بقلم: جدو ولد خطرى
في عصر تتهاوى فيه النظريات و النظم الاقتصادية المألوفة والأيديولوجيات السياسية أمام تردي الأوضاع الاقتصادية الدولية و انتشار
الكوارث الطبيعية و الجوائح المستعصية تقدم نظرية التآزر نفسها كنموذج اقتصادي و اجتماعي يجمع بين النجاعة الحاصلة في الثورة الرقمية والمعاملات الإنسانية التي تفرضها العدالة الاجتماعية.
ولا يدور في خلدي أن أقدم نظرية التآزر كبديل للرأسمالية أو الاشتراكية ولكنها بكل بساطة أسلوب مبتكر و مناسب لإيصال الدعم السريع والمتنوع إلى الشرائح الهشة و المعوزة بما فيها الطبقة العاملة العاطلة وتقوية مستوى التدخلات،و الكفالات لفائدة هذه الطبقات في بلد يعرف بمحدودية الغطاء الصحي والتأمين الاجتماعي والصحي.
و وفقا للالتزامات التي أخذها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في برنامج حملته الانتخابية، تجسدت هذه النظرية سياسيًا في هيكلة حزب الاتحاد من اجل الجمهورية من خلال أمانة تنفيذية مكلفة بالتآزر ،و على غرار هيكلة الحزب الحاكم، أنشئت المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء "تآزر" لتنفيذ هذه النظرية على أرض الواقع، وإذا علمنا ان الغلاف المرصود لتمويل الخطة الخمسية لمندوبية "التآزر "يفوق مئتي مليار أوقية سوف ندرك الأهمية التي يوليها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لدعم الطبقات المحرومة من خلال هذه الرؤية ،و تطبيق هذا البرنامج حتى يخرج شعبنا من هذا الوضع المتأزم إلى وضع جديد سماته المميزة التقارب و التصالح مع الذات و نبذ الشقاق و التطرف .
و عندما أطلع الرأي العام الوطني على التسيير الكارثي للمؤسسات العمومية و النهب و عن الفساد الذي و للأسف طال البحر والجو ولم تسلم منه اليابسة بمناجمها و شواطئها و لا الممتلكات العقارية العمومية من مدارس و شركات إيراد وتصدير وصيانة للطرق جاءت كارثة كوفيد 19 لتوقف عجلة الاقتصاد الوطني و الدولي و تشل كافة النشاطات الاقتصادية و التعليمية بإجراءات احترازية لمنع تفشي الجائحة و هذا ما كلف الدولة أعباء ثقيلة لم تكن في الحسبان و فاقم عجز الميزانية علمًا بان المديونية الخارجية للدولة في الفترة السابقة فاقت حجم الناتج الداخلي الخام .
و رغم هذه التركة الكارثية و رغم تفشي الوباء بطريقة غير مسبوقة و رغم محدودية الوسائل و المنشآت الصحية لمواجهة تضاعف الإصابات فان قيادة الدولة ستظل صامدة إيمانًا منها بان الكوارث الطبيعية و الأوبئة مهما كان حجمها يمكن التغلب عليها بفضل تعبئة ما تبقى بعد الفساد من موارد وطنية و التبرعات الشخصية للمواطنين و ثمرة التعاون الدولي الثنائي و المتعدد الأطراف .
إن هذا الشعب المؤمن سيجعل الله له بعد عسر يسرا
هذه نظرتنا لمواجهة الوضعية الكارثية الراهنة و يجدر بنا ان نلقي نظرة خاطفة مستقبلية على ما بعد جائحة كورونا و النهج الذي سنتبعه باستغلال ما في تخوم الأرض و ما بقي في المياه الإقليمية و تحتها من مناجم و ثروة سمكية و غاز و بترول لصالح المواطن الموريتاني بعد ان انهكته عصور الفساد و خيبت آماله الوعود الكاذبة و اصبح كل سنة يزداد فقرًا
يجب ان تسن على المستويات التشريعية و التنفيذية و القضائية ترتيبات قانونية صارمة تضمن شفافية تسيير المال العام و محاسبة المفسدين .
إذا لم نتمكن من التصدي لهذه الظواهر و طرق المحاسبة الشفافة للمفسدين ستحاكمنا الأجيال القادمة في هذه الحياة الدنيا و يوم القيامة لنتذكر قول الله عز و جل
: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
صدق الله العظيم