(1)
لقد قررت في صبيحة هذا اليوم، وبعد ليلة ممطرة أن أتخذ قرارا شجاعا وجريئا..
حقا إنه لقرار جريء وشجاع..
أتدرون ما هو هذا القرار الشجاع والجريء؟
لقد قررت بمحض إرادتي، ودون إكراه من أي جهة خارجية، أن أذهب إلى قلب العاصمة مع العلم بأن لا أملك زورقا، ولم أتدرب من قبل على السباحة.
أثناء اتخاذ هذا القرار الشجاع والجريء تمنيتُ لو أن الحكومة بدورها اتخذت مثلي قرارات شجاعة وجريئة ما دامت عاجزة عن إنشاء شبكة للصرف الصحي.
أتدرون ما هي القرارات الشجاعة والجريئة التي تمنيتُ لو أن الحكومة اتخذتها في مثل هذه الأيام؟
تمنيت لو أن الحكومة قررت أن تؤسس ـ وعلى وجه الاستعجال ـ معهدا لتدريب المواطنين القاطنين في العاصمة على السباحة وعلى عبور البرك والمستنقعات.
وتمنيتُ أيضا لو أن الحكومة استوردت عشرات الزوارق من جمهورية إيران الإسلامية، وأنها أسست بتلك الزوارق "الشركة العامة للنقل البحري بين أحياء العاصمة".
وتمنيت لو أن الحكومة أعلنت عن مرسوم في مجلس الوزراء القادم يقضي بإنشاء "وزارة للصيد في المياه العكرة"….
ولم تتوقف أمنياتي المشاكسة عند هذا الحد، بل إني تمنيت لو أن الرئيس اتخذ قرارا شجاعا وجريئا يقضي بتحويل مقر وزارة المياه والصرف الصحي إلى إحدى البرك بمقاطعة السبخة، وإلى تحويل سكن الوزير إلى حي سوكوجيم، في حين يتم تحويل أبنائه إلى أقدم مدرسة بالعاصمة، أي إلى المدرسة رقم 1 بلكصر وذلك لكي يواصلوا دراستهم هناك في فصول تحيط بها البرك والمستنقعات على مدار السنة.
ولو أن الرئيس اتخذ مثل هذا القرار، وألزم وزير الصرف الصحي بالعيش لمدة أسبوع بين مكتبه في السبخة وسكنه في سوكوجيم، لأبتدع هذا الوزير حلا ثوريا لمواجهة البرك والمستنقعات الآسنة.
تلكم كانت فقرة من مقال تحت عنوان "أمنيات مشاكسة!!" تم نشره قبل سبع سنوات في مثل هذا الشهر من العام 2013.
(2)
مع كل موسم خريف يتجدد الحديث عن غياب صرف صحي في العاصمة نواكشوط، وربما تكون العاصمة نواكشوط هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها صرف صحي..فإلى متى ستستمر هذه الكارثة؟ ألم يحن الوقت للتفكير في حل جذري ونهائي لمشكلة الصرف الصحي في العاصمة نواكشوط؟
لا أدري إلى أين وصل هذا الملف، ولا أدري لماذا تأخر رغم تكرر الحديث خلال السنوات الماضية عن البدء في تشييد صرف صحي في العاصمة نواكشوط وبكلفة كبيرة جدا. كل ما أستطيع قوله هنا هو أن ملف الصرف الصحي في العاصمة نواكشوط لم يعد قابلا للتأجيل، ولم يعد من المقبول أن يتم التعامل معه بحلول ترقيعية أو مؤقتة.
(3)
من الملفات التي تحتاج كذلك إلى حلول نهائية مشكلة العطش التي تتجدد مع صيف كل عام، والتي يصعب أن تسلم منها أي قرية أو أي مدينة على أراضي الجهورية الإسلامية الموريتانية. لقد آن الأوان لأن تبحث الحكومة عن حلول جدية ومستديمة لمشكل العطش في موريتانيا.
(4)
من المشاكل التي تتجدد مع صيف كل عام، يمكن أن نذكر مشكل العلف الحيواني التي تؤرق المنمين كل عام . فإلى متى سيستمر تجدد هذه الكارثة كل عام؟ ألم يحن الوقت لأن تفكر الحكومة في تشييد مصانع قادرة على توفير ما تحتاجه بلادنا من علف حيواني؟
(5)
من المشاكل التي تتجدد سنويا، والتي تظهر مع كل موسم خريف، يمكننا أن نذكر المشاكل الناتجة عن الفيضانات والسيول، والتي تتسبب مع كل موسم خريف جيد في الكثير من الخسائر المادية وربما البشرية. ألم يحن الوقت للتفكير في إنشاء هيئة أو مؤسسة وطنية للطوارئ والوقاية من الكوارث، تعمل على جبهتين: أولهما تتعلق بالوقاية من الكوارث، وذلك من خلال إعداد خريطة بالأماكن الهشة والمهددة والبحث عن وسائل لحمايتها من قبل تهاطل الأمطار. أما الثانية فتتعلق بمجال التدخل السريع عند حصول الكارثة، وهذا يتطلب أن تنسق هذه الهيئة جهود كل القطاعات المعنية بالموضوع : وزارة الداخلية؛ الجيش؛ وزارة الصحة؛ الحماية المدنية؛ المجتمع المدني ...إلخ
وبكلمة واحدة:إن هناك ملفات معقدة تحتاج إلى حلول جادة ومستديمة، ولم تعد تنفع معها الحلول الترقيعية أو المؤقتة.
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل