إختلطت الأوراق، وانقطع حبل الصلة بالماضي، في التعاطي مع ما يدور بنا، وما نستعمله من مفردات يومية .. فلم يعد بإمكانك اليوم أن تخاطب أحد أصدقاءك المخلصين،
دون أن تسبق اسمه بلقبه الاداري أو الأكاديمي ..
او بلقب يطلقه هو علي نفسه، و هو أحب الأسماء اليه، باعتبار ان من جرّده منه قد تحدّاه و أساء عليه الأدب ..
و الذي لا يفهمه اللاهثون وراء الألقاب، هو أن تعاطيها المفرط، يضفي مسحة رسمية ثقيلة علي التخاطب في ما بين الناس، و يدخل حتما في عالم المجاملات و أخواتها ..
لا ينكر احد أن من بين تلك الأوسمة اللفظية ما لا يمكن التشكيك في مصداقيته، نظرا لكونه مؤسّسا علي نتائج امتحان ملموس، مثل الدكتور أو المهندس ..
و منها ما هو ناتج عن خوض انتخابات واضحة المعالم، مثل العمدة والنائب والشيخ .. إلخ ..
إن المحظوظين من اصحاب هذه الخانات، يحملون ألقابا لهم الحق في التلذّذ بسماعها من أفواه الآخرين ..
إلا أن الافراط في استعمالها قد يعتبر نوعا من الصبيانية، وعدم الثقة في النفس ..
أما أصحاب الألقاب التقديرية .. مثل العالم والعلامة والأديب الكبير .. "وهل يوجد أديب صغير ؟!
والشاعر المتألق ..
فانهم أولي من غيرهم بالتشبّث بالتواضع و التريّث في حمل الألقاب، أسوة بالسلف الصالح، ودرءا للشبهات.
وقد كان المرحوم محمد سالم ولد عدود، يتضايق من لقب العلامة ..
وكان يلحّ علي مخاطبيه في الإذاعة والتلفزة، باستبدال هذا اللقب بلقب لمرابط..
و كذلك كان المرحوم بدّاه ولد البصيري ..
و قبلهما احمد العاقل، ومحمذن فال ولد متالي ..
كما صحّ أن تلامذة سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم، كانوا يلقّبونه ب "سيد" فقط ..
ولم يكن سدّوم ولد انجرتو، ولا اعلى ولد مانو، ولا غيرهما من طراز ولد مكيّن، وولد محمد آسكر، و أبناء هدّار، وولد آدبّه .. يلقّبون بالأدباء الكبار ..
كان الناس يعرفون قدرهم، و يولونهم من الاحترام ما هم أهل له ..
ولا داعي لتلميع صوّرهم بالدعاية المغرضة ..
محمد ولد أحمد الميدّاح