قالت وكالة الطاقة الدولية أمس الخميس ان الطلب العالمي على النفط يتباطأ «بوتيرة ملحوظة» بفعل تعثر اقتصادات أوروبا والصين، بينما تشهد الإمدادات زيادة مطردة ولاسيما من أمريكا الشمالية.
وقالت الوكالة، التي تقدم المشورة للدول الغربية في تقريرها الشهري «التباطؤ الحاصل لنمو الطلب في الفترة الأخيرة جدير بالملاحظة»، وخفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2014 و2015.
وأضافت «الصراعات الملتهبة في العراق وليبيا مستمرة بلا هوادة وتأثيرها على توازنات سوق النفط العالمية والأسعار مازال محدودا، وسط نمو ضعيف للطلب على النفط ومعروض وفير.»
وقالت وكالة الطاقة الدولية ان نمو الطلب في الربع الثاني من 2014 وحده تراجع إلى أدنى مستوى في نحو عامين ونصف. وبالنسبة لعام 2014 بأكمله خفضت الوكالة توقعها لنمو الطلب على النفط 150 ألف برميل يوميا، إلى 900 ألف برميل يوميا، وخفضت تقديرها لعام 2015 بمقدار 100 ألف برميل يوميا، إلى 1.2 مليون برميل يوميا.
وقالت الوكالة «تكافح اقتصادات منطقة اليورو الركود بالفعل، وتقترب على نحو خطير من انكماش الأسعار. مبعث الخطر أن يطلق تراجع الأسعار الأوروبية دوامة انكماش تؤدي إلى مزيد من التراجع في النشاط الاقتصادي مع قيام المتعاملين بتأجيل قرارات الاستثمار أو الشراء.»
ورجحت أن تشهد الصين – ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة – نمو الطلب على الخام أكثر من اثنين في المئة.
ونزلت أسعار النفط عن 100 دولار للبرميل هذا الشهر للمرة الاُولى في أكثر من عام تحت ضغط تباطؤ الطلب ووفرة المعروض.
وتتوقع وكالة الطاقة نمو المعروض من خارج «ُوبك» 1.6 مليون برميل يوميا في 2014، و1.3 مليون برميل يوميا في 2015، بفضل طفرة النفط الصخري في أمريكا الشمالية.
ويعني هذا تراجع الحاجة إلى نفط «اُوبك».
وقالت الوكالة إنها خفضت تقديراتها للطلب على خام «اُوبك» ومخزوناتها لعام 2015 بمقدار 300 ألف برميل يوميا، إلى 29.6 مليون برميل يوميا، في حين أن إنتاج اُغسطس/آب بلغ 30.31 مليون برميل يوميا.
وخفضت أوبك نفسها تقديراتها للطلب على خامها في العامين الحالي والقادم مشيرة إلى فائض بأكثر من مليون برميل يوميا في 2015 إذا استمرت مستويات الإنتاج الحالية.
وبعد أن انخفضت أسعار النفط تحولت السوق إلى وضع تكون فيه الأسعار الفورية أضعف من أسعار التسليم الآجل. ويشجع ذلك شركات النفط والمتعاملين على تخزين الخام على أمل إعادة بيعه بسعر أعلى في المستقبل.
وقالت وكالة الطاقة الدولية ان التخزين إيجابي لأمن الطاقة، بما يوفره من شبكة أمان جيدة لمواجهة أي تعثر في الامدادات.
لكن المخاوف الجيوسياسية تظل مبعث قلق.
وأبلغ الرئيس باراك أوباما الأمريكيين أمس الأول أنه قرر السماح بشن ضربات جوية في سوريا وزيادة الهجمات في العراق في تصعيد واسع النطاق للحملة على تنظيم الدولة الإسلامية.
والعراق ثاني أكبر منتج ومصدر للنفط في «اُوبك» ويخشى المستثمرون من التأثير المحتمل على الإمدادات، لكن صناعة النفط العراقية لم تتأثر على نحو يذكر حتى الآن بالاضطرابات في شمال البلاد.
وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية صدرت أمس الأول زيادة في مخزونات بعض المنتجات النفطية في الولايات المتحدة، وهو ما يسلط الضوء على الفائض العالمي من الخام.
وقد تؤجج ليبيا المخاوف من وفرة المعروض بعد أن قال رئيس الوزراء الليبي، عبد الله الثني، ان من المتوقع أن يزيد إنتاج البلاد من النفط إلى مليون برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول.
من جهة ثانية قالت وكالة الطاقة ان طفرة النفط الصخري في أمريكا الشمالية بدأت في الضغط على النفط السعودي وسحب البساط من تحت أقدامه في السوق الأمريكية مثلما فعلت مع خام غرب أفريقيا.
وتوقعت الوكالة أيضا تدفق صادرات البنزين الأمريكية إلى السوق العالمية.
وقالت الوكالة «في السنوات الأخيرة أدى ارتفاع إنتاج النفط المحكم الخفيف إلى انحسار واردات الولايات المتحدة من خام غرب أفريقيا التي تتجه الآن إلى آسيا». وأضافت «يبدو أن الصادرات السعودية تظهر عليها بداية تحول مماثل».
وقدرت الوكالة حجم الصادرات السعودية بأقل من سبعة ملايين برميل يوميا على الأرجح خلال الأشهر الأربعة الماضية لتسجل أدنى مستوى لها منذ سبتمبر/أيلول 2011.
وقالت الوكالة «قادت الصادرات إلى الولايات المتحدة حركة الهبوط وسط ارتفاع الطلب المحلي السعودي على استهلاك الخام والكميات التي تكررها المصافي».
وأشارت إلى أن السعودية تحدد سعر النفط خارج الأسواق الأمريكية بالإبقاء على أسعار البيع الرسمية مرتفعة بينما تعدلها بالخفض للأسواق الآسيوية.
ولم تتسبب طفرة معروض أمريكا الشمالية في خفض واردات الخام إلى الولايات المتحدة فحسب، بل حولتها أيضا إلى دولة مصدرة للمنتجات النفطية على العكس تماما من العقود السابقة التي كانت فيها أكبر مستورد في العالم.
وقالت وكالة الطاقة «في السنوات المقبلة… ستصل صادرات نواتج التقطير الخفيفة الأمريكية إلى الأسواق النائية بشكل متزايد».
وقدرت الوكالة أن تحقق كندا والولايات المتحدة فائضا في النافتا والبنزين يصل إلى حوالي 1.3 مليون برميل يوميا بحلول عام 2019.
وأضافت أن التوسعة المقررة لمصافي فاليرو وماراثون لمعالجة المزيد من النفط المحكم الخفيف المستخرج من الحقول الأمريكية ستزيد من تخمة المعروض.