الاعلان في نواكشوط عن أول مهرجان لموسيقى الرعاة

أحد, 2021-05-30 09:49

أعلن مساء اليوم السبت، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، أول مهرجان دولي معني بموسيقى الرعاة، يسعى للاحتفال بالعلاقة العضوية بين إنسان هذه الأرض وبيئته البدوية.

جاء الإعلان عن «مهرجان موسيقى الرعاة» ثلاثة أشهر فقط قبل موعد انطلاق أول نسخة منه، وسيقام في مدينة الطينان بولاية الحوض الغربي، شرقي موريتانيا، خلال الفترة من 20 وحتى 24 أغسطس 2021، في مزرعة «فريدي».

يقول القائمون على المهرجان إن التحضير له بدأ منذ أكثر من عام، ولكن وتيرة التحضير ستكون أكثر سرعة وكثافة خلال الأشهر المقبلة.

مدير المهرجان حميده ولد خرشف، قال خلال الحفل: «فكرنا في إطلاق مهرجان دولي لنستثمر في الثقافة والفن والإنسان، ومن أجل إشاعة الجمال ودعم السياحة المحلية والبيئة».

بل إن المهرجان الأول من نوعه، محليًا وإقليميًا، يرفع شعار «للأرض.. للإنسان»، ويسعى حسب مديره إلى «بعث المشترك الثقافي في منطقة (أفله)، وإبراز تقاطعه مع مختلف مناطق الوطن».

ولكن المهرجان الذي يشرف عليه فريق من المختصين في العمل الثقافي، يسعى لأن يتجاوز القوالب الجاهزة للمهرجانات النمطية، وذلك من خلال «تقديم مختلف مظاهر حياة الإنسان الموريتاني في وسطه الأصلي البادية».

الفكرة الجوهرية للمهرجان هي «إحياء التراث المادي والمعنوي الريفي، وكسر العزلة الحضارية والثقافية والاقتصادية عن منطقة (أفله)، وإنقاذ البيئة بشقيها الحيواني والنباتي»، على حد تعبير ولد خرشف.

تنظيم المهرجان في مدينة الطينطان، هو أحد عناصر قوته، إذ يحاول القائمون عليه استثمار كنوز مخفية في هذه المنطقة من الوطن، التي تبعد 750 كيلومترا إلى الشرق من العاصمة نواكشوط، وبحكم موقعها تلامس العديد من مناطق الوطن، وفي تماس يومي مع العمق الأفريقي.

الطينطان تحديدًا، والحوض الغربي على العموم، مهد لرافد من أهم الروافد الثقافية في موريتانيا وشبه المنطقة، وللموسيقى مكانة خاصة في هذا الرافد، وهي الحامل الحقيقي للثقافة والتراث والتاريخ والبيئة والجغرافيا.. إنها الإنسان.

يحاول مهرجان موسيقى الرعاة إحياء هذا التراث، وتقديمه للمتلقي الموريتاني وغير الموريتاني.

ذلك ما شرحه مدير المهرجان حين قال إن هدفهم هو «خلق بيئة سياحية حقيقية لأول مرة في المنطقة، باستغلال الموارد والإمكانات الضخمة الكامنة في الطبيعة والبشر، وتشجيع الهجرة العكسية من العاصمة نحو الريف، والتوزيع المتوازن لأدوات التنمية البشرية بين ولايات الوطن».

وأوضح المدير أن «المهرجان سيستمر لخمسة أيام بلياليها تتخللها فعاليات ثقافية وفنية ورياضية، بالإضافة إلى  جولات في المناطق السياحية والأثرية ومعارض منظمة على هامش المهرجان».

إنه نمط جديد من السياحة الثقافية «الدسمة»، وفق ما أعلن عضو لجنة التحضير للمهرجان سالم دندو الذي قدم عرضًا، قال فيه: «قمنا برحلة استطلاع في المنطقة، تحضيرا للمهرجان، تحدثنا إلى الناس وتجولنا في الأرض، فاكتشفنا أننا أمام كنز ثقافي وتاريخي وأثري لم يسبق أن سلطت عليه الأضواء».

وأضاف: «من خلال النسخة الأولى سنحاول أن نبرز شيئا من كل هذه الجوانب الثرية».

منحت رئاسة المهرجان الشرفية للوزير والسفير السابق الدًي ولد إبراهيم ولد اسويد أحمد، شخصية لها رمزية خاصة ومكانة مرموقة في مدينة الطينطان، وساهمت في الحياة الثقافية للمدينة منذ عدة عقود.

فيما حضر جفل الإعلان الرسمي للمهرجان جمعٌ من المسؤولين والمشتغلين بالعمل الثقافي والإعلامي، يتقدمهم وليد الناس ولد هنون، مدير العمل الثقافي في وزارة الثقافة، الذي توقف في خطابه عند تسمية المهرجان، وقال إنه يشكر لجنة تحضير المهرجان على اختيارها.

وقال ولد هنون إن التسمية «تحمل براءة وعفوية، إذ تعتمد موسيقى الرعاة في بلدنا -غالبا- على آلة النيفارة (الناي)»، مستحضرًا أبيات جبران خليل جبران: «أعطني الناي وغنِّ، فالغنا سر الوجود.. وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود».

وقال المسؤول بوزارة الثقافة في نهاية كلمته، مخاطبا القائمين على المهرجان: «أتعهد باسم وزارة الثقافة، وهذا غني عن القول، أن نواكبكم ماديا ومعنويا».

كانت خطب الحاضرين تلقى على وقع موسيقى تؤديه فرقة من «الرعاة»، قادمة من ولاية كيدي ماغا، بملابسها وأدواتها الإفريقية المميزة، مختزلة ثقافة الترحال التي حملتها قبائل الفلان لعدة قرون في هذه الأرض.

كانت أغاني الفرقة تلخص الأجواء التي تنتظر المشاركين في المهرجان بعد ثلاثة أشهر في الطينطان، فيما كان القائمون على المهرجان يعدون الحاضرين: «سنبرز أجمل مظاهر حياتنا البدوية؛ بفنونها وصناعاتها وآدابها وعلومها»، ولكن عضو لجنة التحضير سالم دندو تحدث عن «مفاجآت مخبأة».

فعاليات كثيرة أعلن عنها، من ضمنها تشييد قرى نموذجية ومعارض فنية للصناعة التقليدية والصور والأسلحة والآلات الزراعية، عروض فنية موسيقية وفلكلورية ومسرحية وسينمائية، بالإضافة إلى جولات سياحية في المنطقة، لاكتشاف معالمها الجبلية والأثرية، فيما يعرف عبر العالم برياضة «الهايكينغ» أو «المشي الجبلي»، ذلك ما أكده دندو في حديثه عن «طبيعة ساحرة وكنوز ستفاجئ المشاركين».