أثار اتهام الملياردير الروسي فلاديمير افتوشنكوف رئيس مجلس ادارة الشركة القابضة «إيه.إف.كيه.سيستيما» بتبييض الاموال المخاوف من محاكمة ثانية شبيهة بمحاكمة «يوكوس» بحسب محللين نددوا بحملة جديدة ضد اقطاب نافذين في مجال الاعمال.
وفاجأت لجنة التحقيق الروسية الجميع في وقت متاخر مساء أمس الأول عندما اعلنت ان افتوشنكوف، الرجل الخامس عشر في مرتبة الاثرياء فيروسيا والذي قدرت مجلة (فوربس) ثروته بتسعة مليارات دولار، اتهم بتبييض اموال وفرضت عليه الإقامة الجبرية.
واعلنت لجنة التحقيق ان المحققين «لديهم ما يكفي من الإسباب للاعتقاد ان افتوشنكوف متورط في قضية تبييض اموال»، وهي اتهامات سارعت الشركة القابضة الى وصفها بانها «من دون أساس».
وفي صلب التحقيق الجنائي الذي يستهدف افتوشنكوف (65 عاما) عمليات اختلاس حصلت بحسب المحققين اثناء عملية تخصيص مجموعة «بشنفت» النفطية، احدى الشركات الأكثر أهمية لدى «إيه.إف.كيه.سيستيما»، في مطلع سنوات الالفين.
واعتبر الكسندر شوخين، رئيس الاتحاد الروسي للصناعيين والمتعهدين، بحسب ما نقلت عنه صحيفة (فيدوموستي) الاقتصادية، ان «كل ذلك يشبه يوكوس ثانية».
وشاطره الرأي أنور أميروف المحلل لحساب شركة استشارية متخصصة في شؤون السياسات الأوروبية العامة قائلا «من الواضح ان شخصا ما يريد استرداد بشنفت من فلاديمير افتوشنكوف، وهذا الشخص قريب من الكرملين».
وأضاف ان «المشهد هو نفسه الذي حصل مع يوكوس» التي كانت اكبر شركة نفطية روسية قبل تفكيكها على اثر توقيف رئيسها ميخائيل خودوركوفسكي في 2003 بتهمة «اختلاس وتبييض أموال».
وأمضى خودوركوفسكي، الرجل الذي كان الاكثر ثراء في روسيا، عشرة اعوام في الحبس في ختام محاكمتين ندد بهما ووصفهما بانهما مسيستان، قبل الافراج عنه في 2013.
وفي مقابلة نشرتها أمس الأربعاء صحيفة (فيدوموستي) وجه ميخائيل خودوركوفسكي الاتهام الى ايغور سيتشين رئيس مجلس ادارة ومدير عام المجموعة الروسية الاولى في مجال النفط «روسنفت» التي استوعبت «يوكوس» بانه وراء الملاحقات بحق افتوشنكوف.
ويؤكد قطب الاعمال السابق ان كل القضية ضد فلاديمير افتوشنكوف تستند الى «جشع» سيتشين، المقرب من الكرملين، الذي يأمل، برأي خودوركوفسكي، في امتلاك مجموعة «بشنفت» النفطية التي تملك الشركة القابضة «إيه.إف.كيه. سيستيما» 89 في المئة منها.
وعلق المحلل ستانيسلاف بلكوفسكي من معهد الإستراتيجية الوطنية على الموضوع بالقول ان «سيتشين يريد شراء بشنفت من إيه.إف.كيه.سيستيما بسعر ما (…)، لكن افتوشنكوف رفض التعاون»، مضيفا ان الملياردير قد يتم الافراج عنه اذا وافق على «تسوية» مع «روسنفت».
من جهته اكد الخبير الاقتصادي سيرغي الكساشنكو من المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو ان «الشركات النفطية في روسيا مؤسسات اعمال ذات مردود كبير ما يدعو الى اثارة اهتمام مقربين من الحكومة». واعتبر على مدونته ان افتوشنكوف «سيحذو ربما حذو خودوركوفسكي (…)، وبشنفت ستتبع خطوات يوكوس».
من جهته وصف ميخائيل ليونتييف، المتحدث باسم «روسنفت»، هذه الاتهامات بانها «هذيان».
وانخفض سعر اسهم «إيه.إف.كيه.سيستيما» في بورصة موسكو اكثر من 20 في المئة أمس، بينما تدهورت اسهمها في بورصة لندن بنسبة 35.70 في المئة في معاملات قبل الظهر.
واعتبرت وكالات الأنباء الروسية ان الخسائر الإجمالية للشركة القابضة ليوم أمس وحده قد تصل الى 5.5 مليار دولار.
من جهتها اعربت صحيفة (كومرسانت) الإقتصادية عن خشيتها من ان تؤدي «قضية يوكوس2» الى اغراق المناخ المالي في روسيا اكثر.
وقال اميروف ان روسيا التي تواجه عقوبات قاسية من جانب الغربيين الذين يتهمونها بالتورط في النزاع الاُوكراني «تحظى اساسا بصورة سيئة للغاية في نظر المستثمرين، واتهام افتوشنكوف سيبعدهم اكثر».
وبعد توجيه الاتهام له فرض على فلاديمير افتوشنكوف، الذي بات قيد الاقامة الجبرية في منزله الريفي في جوكوفكا قرب موسكو، ارتداء السوار الإلكتروني ولم يعد له الحق في الاتصال إلا بأفراد عائلته ومحاميه والمحققين.
ويرى ميخائيل خودوركوفسكي ان الامر الوحيد الذي يميز هذه القضية عن قضية «يوكوس» هو الدافع. فمحاكمة «يوكوس» كانت نتيجة «نزاع سياسي» بين قطب اعمال مستقل جدا والسلطة، بحسب هذا المنتقد للكرملين، بينما تكمن هنا «مصلحة تجارية واضحة جدا».
واعلن الخبير الاقتصادي الروسي سيرغي غورييف، الاُستاذ في كلية العلوم السياسية في باريس ان «الاقامة الجبرية لرجل اعمال بهذا المستوى غير مسبوقة».
واضاف غورييف ان «السلطات الروسية بذلت الكثير من الجهود لتوضح ان هذا الامر لا يمكن ان يهدد الا الذين يتصرفون مثل خودوركوفسكي (…). لكن المستثمرين لم يعودوا يفهمون الآن على الإطلاق قواعد اللعبة».