لم تكن زيارة وزير الداخلية يوم أمس الأحد مختلفة عن زيارات المسؤولين السابقين للولاية رغم الزخم الإعلامي و السياق الأمني والسياسي الذي عُللت به الزيارة.
كان اليوم حارا شمسه فوق الرؤوس، ومع ذلك اصطف المئات من أبناء الولاية في انتظار الوزير ولد مرزوك.
وصل الوزير في حدود الثانية عشر زوالا فبدأ بتحية المستقبلين، ثم دخل مباشرة في اجتماع أمني مغلق مع الجهات الأمنية والإدارية بالولاية.
كان من المنتظر أن يكون بعد الاجتماع الأمني اجتماعين واحد خاص بالمنتخبين وآخر مع الفاعلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني.
لكن الحضور رفض الفصل بين المواطن والمنتخب في اللقاء، حيث أصر الحاضرون على أن يكون اللقاء جامعا بين الوزير من جهة والمنتخبين والفاعلين المحليين من جهة أخرى.
بعض المنتخبين اعتصموا تحت شجرة رفضا لجلوسهم مع المواطنين في لقائهم مع الوزير. وهو ما برره أحد المواطنين بخوفهم من أن تتحول الجلسة إلى نقد لأداء المنتخبين أمام الوزير.
تركزت مداخلة وزير الداخلية على إبراز قوة الدولة وعدم قبولها بأي شكل من الأشكال بالمساس بمؤسسات ومرافق الدولة، في إشارة لأحداث اركيز. ثم تطرق لما تم إنجازه خلال السنتين الماضيتين والذي وصفه الوزير بالجهد الكبير الذي يفوق، ماحدث طيلة الأحكام السابقة، رغم جائحة كورونا وما خلفته من آثار على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
كانت مداخلات المنتخبين في كثير منها تنصب حول تثمين منجزات النظام مع ذكر لبعض المشاكل التي تعاني منها دوائرهم الانتخابية.
أحد النواب طالب زملائه بترك الكلام أمام الوزير للمواطنين وعدم مزاحمتهم لأن الوزير يريد سماع مشاكل المواطن فقط دون وسيط. الدعوة لم تعجب بعض المنتخبين خاصة منهم من تعودوا مزاحمة المواطن في كل شيء.
في ممرات الولاية لا حديث للمواطن البسيط غير الشكوى من التهميش و مزاحمة الساسة للمواطن البسيط في كل شاردة وواردة بالولاية، حسب إحدى النسوة التي كانت تتحدث أمام بعض الجمهور بمرارة عن ما تعانيه ساكنة ألاك من غبن وتهميش.
غير بعيد منها تعاتب أخرى أحد مسؤولي مندوبية المزارعين بلبراكنه، بسبب ما وصفته بالإقصاء المشين وغير المبرر لمقاطعة ألاك من مناديب اتحادية المزارعين، حيث كان نصيبها مندوبا واحدا عكس باقي مقاطعات الولاية التي تراوح تمثيلهم بين ثماني إلى عشر مناديب للمقاطعة الواحدة.
أحد الحضور قال أن الزيارة كانت في الظاهر تحت إشراف وتنظيم الوالي وطاقمه الإداري، لكن في الخفاء هناك منتخبين هم من يوجه الإدارة لإخراج اللقاءات حسب مقاسهم الخاص، يختارون من يتكلم، ويحددون من يجب أن يقصى. ولعل إلغاء الإجتماع الثالث الذي كان مجدولا في زيارة الوزير مع الفاعلين خير دليل حسب الرجل.
أطر كثيرون وفاعلون في المجتمع المدني اشتكوا انحياز الإدارة و محاباتها للبعض على حساب البعض الآخر.
تلك المحاباة تسببت في مقاطعة الكثير من الوجهاء والفاعلين السياسيين لاجتماع الوزير المفتوح.
الوزير جاء لإظهار قوة الدولة، و وقوفها بحياد اتجاه جميع الشركاء والفاعلين السياسيين. غير أن الادارة المحلية والمنتخبون، أختارت أن تنحرف الزيارة عن مسارها، من خلال تجسيد المظهر السلبي لاستخدام قوة الدولة ونفوذها في خدمة التخندقات السياسية من طرف المسؤولين وأصحاب النفوذ. فكان كلام الوزير في واد والزيارة في واد آخر.
موسى إسلم