في أواخر العام 2017 حظيت بلقاء الفريق محمد ولد مكت بمنزله بتفرغ زينه.
كان اللقاء في فترة سياسية، بل ومفترق طرق دستوري زادت مشهده ضبابية حملة دستورية، قاطعتها المعارضة، ورأت أغلب النخب السياسية أنها أولى محطات تعديل مواد الدستور المحصنة والمحددة لعدد المأموريات.
دخلت على "الجنرال " وأنا المشبع بخطاب المعارضة، ونظرتها السلبية اتجاه كل من يرتدي اللباس العسكري.
كانت مفاجأتي كبيرة من حجم تواضع الرجل وحسن أخلاقه.
استقبلني ببشاشة كبيرة.
فاجأني الرجل بثقافته العالية و تنظيره السياسي، نعم اقول فاجأني لأنني كما أسلفت أنا خريج مدرسة المعارضة، والتي لا ترى في العسكري غير الجاهل المتغطرس والانقلابي الذي لا يرعى في الوطن قانونا ولا دستورا.
استمعت للرجل وهو يحدثني عن الوطن ومشاكله، وعن الساسة و واهتماماتهم المتباينة.
طمأنني أن الدستور مصان وأن المؤسسة العسكرية متمسكة بدورها في حماية البلاد و وحدتها وصون المكتسبات الدموقراطية، والعمل على تعزيزها.
فاجأني الفريق بخطابه السياسي المقنع والملم بجميع المشاكل والتحديات السياسية التي تواجهها البلاد في تلك الفترة، تطرق للخطوط العريضة للمرحلة السياسية المقبلة والتي كانت بعيدة كل البعد عن ما كانت تروج له المعارضة وبعض القوى عن عزم النظام تشريع مأمورية ثالثة.
تحدث معي عن التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد وعن دور الجيش وقوى الأمن في حماية البلاد وحوزتها الترابية من كل تهديد؛ وتأمين المواطن في ماله و نفسه.
اليوم وبعد ما يناهز أربع سنوات من ذلك اللقاء، أكدت الأحداث أن الرجل كان صادقا في طرحه و أن نظرته للمستقبل السياسي للنظام كانت عن بصيرة و منطلقة من إيمان و قناعة المؤسسة العسكرية بضرورة حفظ الدستور من عبث النخبة السياسية المتمصلحة، والتي لا ترى في الدولة غير بقرة حلوب أو مطية يركبها كل سياسي لضمان وحماية مصالحه الذاتية.
لكنني لم أتفاجأ اليوم وأنا أرى سهام أزلام المفسدين وأصحاب السوابق تصوب نحوه، مطلية بكل سموم الحقد و الكيد. رغم أن ذلك غير مستغرب من جماعة عملت خلال العشرية على الإطاحة بالرجل بكل الوسائل ليخلو لهم وجه الدولة وخزائنها.
نعم لم أتفاجأ من ذلك الهجوم ، خاصة أن الرجل ظل واقفا لهم هو ورفقاؤه بالمرصاد، ذائدا عن حوزة البلاد وأمنها، و حافظا للدستور من عبث عزيز وزمرته.
إن الدور المحوري للفريق في إفشال مخطط عزيز وزمرته لتعديل الدستور لفتح المأموريات كاد أن يطيح به ، لولا تدخل الرئيس الحالي. لكن ذلك الدور وثقة الرئيس محمد ولد الغزواني هو ما جعله اليوم يتلقى كل هذا السيل الجارف من الشتم والاتهام بالباطل، و حبك الشائعات الكاذبة تارة حول أدائه في قيادة المؤسسة العسكرية وتارة أخرى حول صحته و خصوصياته الشخصية.
لكن كما ارتدت سهام أصحاب مخطط المأمورية الثالثة إلى نحورهم؛ سترتد سهام أزلامهم وسينقلب سحرهم عليهم نارا تأكلهم بغيظهم وسوء صنيعهم.
موسى سيدي حمود