خلال منتصف ثمانينات القرن الماضي وقف الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في النعمة ليصب جام غضبه على القبيلة و القبلية. فخاطب الجماهير حينها بدعوته الشهيرة ( يسقط نظام لقبيلات).
لكن تلك الجملة سرعان ما ذابت في معمعان الحراك السياسي والاجتماعي حينها ، والذي كان بداية التحول الديمقراطي.
خلال تلك الأحداث السياسية والاجتماعية المتسارعة جعلت الرئيس السابق يكتشف أنه زج بنفسه في حر خاسرة، خاصة ضد مجتمع ما زال تقليديا إيمانه بالدولة شبه محدود، هذا إضافة إلى حاجة ولد الطايع لدعم اجتماعي بعد عدة هزات تعرض لها نظامه، كان أقواها المحاولة الفاشلة لانقلاب مجموعة من ضباط الزنوج و ما تلاها من أحداث 89 ، إضافة إلى تحديات التحول الديموقراطي الذي كانت البلاد تقف أنذاك على أعتابه.
كل هذه العوامل وغيرها أدت بولد الطائع إلى الارتماء في أحضان القبيلة والتمكين لها للاحتماء بها وتحصين عرشه من الأخطار الداخلية المحدقة به.
ذلك التصالح أو الرضوخ من طرف نظام ولد الطائع لنظام (لقبيلات) جعل البلاد تأخذ منعرجا جديدا في العلاقة بين الدولة والقبيلة كانت فيه الأخيرة المتنفذ القوي والمشغل الكبير والمؤمن الصحي، في حين غابت فيه الدولة كليا ككيان قانوني، وأصبحت مرافقها مجرد مناصب لترضية أبناء شيوخ القبائل وأتباعهم.
اليوم و بعد أربعة عقود من ذلك النداء الطائعي الشهير من بإسقاط نظام "لقبيلات" يقف الرئيس الحالي لموريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني ليدعو من المدينة التراثية وادان المواطنين جميعاً إلى الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد.
لإن كانت دعوة الرئيس ولد غزواني أقل حدية من نداء ولد الطائع إلى أن الهدف هدف واحد وهو محاربة القبيلة.
لكن هل فعلا سيتبع نداء الرئيس ولد الغزواني تحركا على أرض الواقع يحد من هيمنة القبيلة و تغولها في المشهد السياسي والإداري للبلاد؟ أم أن اللوبيات القبلية وغيرها ممن يستفيد من هذا الوضع ستقف أمام تطبيقه؟
ومهما تكن النتائج فإن الحاجة للتغيير، تدفع لاتخاذ إجراءات قوية، تجعله يختلف عن نداء سلفه الأسبق ولد الطائع. وأن لا تكون مجرد تلطيف لجو يشهد شحنا كبيرا وتصاعدا للخطاب الشرائحي.
موسى إسلم