قرر المؤتمر الاستثنائي الأخير لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا UEMOA) )، والمنظمة الاقتصادية لغرب أفريقيا (ECOWAS) فرض عقوبات قاسية جدا على دولة مالي، تمثلت في تجميد أصولها المالية في البنك المركزي لدول غرب أفريقيا، وإغلاق الحدود معها، وسحب السفراء...إلخ
هذه العقوبات جاءت ـ في ظاهرها ـ كردة فعل على إعلان قادة الانقلاب في مالي عن تمديد الفترة الانتقالية من 6 أشهر إلى 5 سنوات، وتعاقدهم من قبل ذلك مع قوات "فاغنر الروسية".
لا خلاف على أن هذه العقوبات تعتبر عقوبات قاسية جدا وغير مسبوقة في المنطقة، ومما يزيد من قسوتها أنها موجهة ضد دولة تعاني منذ مدة طويلة من مشاكل اقتصادية وأمنية متفاقمة، وأنها بالإضافة إلى ذلك، جاءت بعد جائحة كورونا التي أثرت سلبا على كل دول العالم.
الراجح أن هذه العقوبات ستزيد من سوء الأوضاع في مالي، ولن تؤدي إلى انتقال ديمقراطي، ومهما يكن من أمر، فإننا في موريتانيا لسنا أعضاء لا في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، ولا في المنظمة الاقتصادية لغرب أفريقيا، ولذا فإننا حكومة وشعبا غير ملزمين بالمشاركة في حصار مالي الذي أعلنت عنه تلك الدول.
في اعتقادي الشخصي، فإن الموقف الرسمي والشعبي لبلادنا مما يجري في مالي يجب أن يتحدد وفق المعطيات الأربع التالية:
1 ـ مصالح موريتانيا أولا، ثم مصالح مالي ثانيا، وذلك بوصفها دولة شقيقة وجارة، وتشكل حدودنا معها واحدة من أطول الحدود التي تربط بين دولتين إفريقيتين. هذه المصالح المشتركة تقتضي أن تظل الحدود مفتوحة بين البلدين، وأن تعمل بلادنا على استغلال هذه الأزمة في زيادة حجم تبادلها التجاري مع مالي من خلال ميناء نواكشوط المستقل، وميناء انجاكو الذي لم يشغل بعد. ثم إن بلادنا بحاجة شديدة في هذا العام إلى المراعي والأعلاف نظرا لضعف تهاطل الأمطار، ولذا فإن إغلاق الحدود مع مالي ستتضرر منه بلادنا أيضا.
2 ـ أننا حكومة وشعبا لسنا معنيين بالتدخل في الشأن المالي، ويتأكد الأمر في ظل عدم خروج مظاهرات شعبية في مالي تندد بقرارات الحكومة الانتقالية أو تطالب بفرض حصار عليها، فلو أن شيئا من ذلك قد حصل لكان بالإمكان التفكير في المشاركة في العقوبات المفروضة على مالي استجابة لنداء شعبها، أما وأنه لم يحدث شيئا من ذلك، فلا مبرر في هذه الحالة لمشاركة بلادنا في تلك العقوبات ؛
3 ـ الأخذ بعين الاعتبار موقف جاليتنا في مالي، والتي كانت قد أعلنت في بيان عن تضامنها الكامل مع مالي، والوقوف في هذا الظرف العصيب معها، وأنها تضع كل إمكانياتها المادية والمعنوية تحت تصرف الأشقاء في مالي. وقد دعت الجالية
الشعب الموريتاني وقواه الحية في بيانها إلى الوقوف مع الشعب المالي ومساندته في هذا الظرف العصيب.
4 ـ محاولة التنسيق مع الشقيقة الجزائر من أجل لعب دور وسيط بين الحكومة المالية والدول التي قررت فرض حصار عليها، ويمكن لتنسيق من هذا النوع أن يعمل على وقف الحصار، وإعادة النظر من خلال التفاوض مع الحكومة المالية في مدة الفترة الانتقالية، وربما في حجم وشكل الوجود العسكري الروسي في مالي.
في اعتقادي الشخصي أن هذه المعطيات الأربع يجب أن تكون هي محددات الموقف الرسمي و الشعبي لبلادنا من الحصار المفروض على دولة مالي الشقيقة.
حفظ الله موريتانيا..
حفظ الله مالي ..
محمد الأمين ولد الفاضل