يتضح يوما بعد آخر أن ما تعيشه البلاد من فساد وسوء تسيير سببه الأول تخاذل النخبة الحاكمة وانشغالها في الصراعات البينية وبناء اللوبيات على حساب الوطن.
إن متابعة ما يدور من نقاش على وسائط التواصل الاجتماعي يوضح أن النظام تحول من نظام حاكم لموريتانيا يسعى لتدبيرها و بناء مؤسساتها، إلى نظام أقطاب موزعين بين قطب إدارة الديوان و آخر للداخلية و الدفاع ، والنتيجة انشغال الكل عن تطبيق برنامج الرئيس و الدفاع عنه.
بل أصبح كل قطب يقرب ويعين من يدافع عنه حصرا بغض النظر عن معارضته للرئيس أو حتى التحامل عليه وعلى أهل بيته.
صوتيات كثيرة تم تداولها على نطاق واسع يهاجم أصحابها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني و يصفونه بأوصاف قاسية، ومع ذلك تجد أصحابها من أهل الحظوة عند أحد تلك الأقطاب يغدقون عليهم الأموال والتسهيلات، دون أن يكون هجومهم على الرئيس سببا في إبعادهم، لا بل أصبح ذلك الهجوم وسيلة للبحث عنهم لتجنيدهم في أحد اللوبيات واستخدامهم في التلميع والهجوم على الخصوم.
أحد هؤلاء كان بالأمس يصف الرئيس بالعجز و عدم القدرة على الحكم ويطالب بالثورة عليه. لكن معادلة الحكم على ما يبدو جعلته يكتشف أن تلميع أحد الأطراف والهجوم على الطرف المناوئ ربما يكون أجدى نفعا وأقرب السلامة.
الأمر الذي يؤكد أن بطانة الرئيس لا تهتم به كرئيس للبلاد ولا ببرنامجه، بل كل ما تريده منه هو تمكينها من قرار الدولة وخيراتها ليتقاسموها دولة بينهم و مليشياتهم، دون أي اهتمام بحماية النظام وبناء دولة القانون والمؤسسات.
هذا هو تفكيرهم و مسعاهم الذي على أساسه تقربوا من الرئيس؛
وهذا هو ما كبل الدولة وجعلها تدور في حلقة مفرغة، لا تستطيع قطع خطوة في طريق الإصلاح والنمو.
لنقول في الختام لرئيس الجمهورية؛ ما قال الشاعر المتنبي لسيف الدولة الحمداني:
وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ
فَعَلَى أيّ جَانِبَيْكَ تَمِيلُ
موسى ولد إسلمو