الأناضول:عرفت أسعار المواد الغذائية الأساسية في موريتانيا خلال الأشهر الأخيرة ارتفاعا كبيرا، فاقمته تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
الارتفاع الحاصل للأسعار رافقه تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، فيما تحاول السلطات التخفيف من حدة الغلاء على الأسر الأكثر فقرا، من خلال مشاريع حكومية.
ودأبت الحكومة على فتح محلات تجارية خلال شهر رمضان لبيع المواد الأساسية بأسعار مخفضة للفقراء، تعرف بـ»دكاكين رمضان».
ويعيش نحو 31 في المئة من سكان موريتانيا، البالغ عددهم 4 ملايين نسمة تحت خط الفقر، وفق بيانات رسمية، فيما تعرف البلاد هذه السنة موجة جفاف هي الأشد من سبعينيات القرن الماضي.
نقص الأمطار
وتسبب نقص الأمطار هذا العام بتضرر المزارع التي كانت تمثل مشاريع مدرّة للدخل لمئات الأسر التي تعتمد على زراعة السدود، وألحق أضرارا بالثروة الحيوانية في البلاد المقدرة بأكثر من 22 مليون رأس.
وخلال العام الجاري، افتتحت السلطات الموريتانية 22 نقطة لبيع المواد الأساسية بأسعار مدعومة، بينها 12 نقطة في العاصمة نواكشوط ونقطتان في العاصمة الاقتصادية نواذيبو، والبقية موزعة بمعدل نقطة بيع واحدة في كل ولاية.
مئات المواطنين في الأحياء الشعبية الأكثر فقرا في نواكشوط، وكبريات المدن داخل البلاد، يصبرون على الجلوس لساعات طويلة تحت أشعة الشمس وفي درجات حرارة مرتفعة من أجل الحصول على كميات من الأرز والبطاطس والبصل والزيت والسكر واللبن المجفف والمعجنات، بأسعار مخفضة.
وتستفيد مئات الأسر يوميا من هذه الدكاكين التي توفر سلة غذائية بسعر مدعوم، تضم 25 كلغ من السكر ونفس الوزن من البصل والبطاطس و25 كلغ من الأرز و3 كلغ من اللبن المجفف و5 لترات من الزيت وكلغ من التمور، مقابل مبلغ 50 دولارا.
الأمن الغذائي
المستشار الإعلامي لمفوضية الأمن الغذائي (حكومية) عبد الله ولد اخليفة قال: إن «العملية تهدف إلى التخفيف عن المواطنين الأقل دخلا في مواجهة موجة الغلاء العالمية».
كما تهدف الحملة، حسبه»للتخفيف عنهم خلال الشهر الكريم، من خلال توفير المواد الغذائية الأساسية الأكثر استهلاكا في الوجبة الرمضانية بأسعار مدعومة».
وأوضح أن «نسبة تخفيض أسعار هذه المواد يتجاوز 50 بالمائة بالمقارنة مع الأسعار في السوق المحلي، بل يناهز التخفيض أحيانا نسبة 70 في المائة، في بعض المواد كما هو الحاصل بالنسبة لزيت الطبخ». وأضاف أن هذه الدكاكين تم تزويدها بـ5256 طنا من المواد الغذائية الأكثر استهلاكا.
وأكد ولد اخليفة أن العملية تخضع لرقابة صارمة من طرف مفوضية الأمن الغذائي التي هي ذراع الدولة في تنفيذ هذا النوع من التدخلات الاجتماعية الهادفة لمساعدة المواطنين.
وأوضح، أن نقاط البيع «تساهم بشكل كبير في تعزيز القوة الشرائية للمواطنين الأكثر فقرا خلال شهر رمضان، وتعزز مناعتهم في مواجهة أزمة الغلاء العالمية التي سببتها تداعيات جائحة كورونا وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية».
ونوه المسؤول ألى أن «أزمة ارتفاع الأسعار العالمية التي سببتها الحرب لها ظلالها المحلية بالتأكيد، لكن الحكومة تعمل جاهدة على تقليص تأثيرها خاصة على الأوساط الفقيرة».
ونفذت المفوضية مؤخرا مجموعة مشاريع لصالح الأفراد ذوي الدخل المحدود، منها عملية توزيع مجاني للمواد الغذائية خلال العام المنصرم، استفادت منها أكثر من 210 آلاف أسرة، في نحو 8 آلاف مدينة وقرية بعموم البلاد، وفق قوله. وتابع، ولد اخليفة أن الحكومة وضمن خطتها لدعم الفقراء تنفذ مشروعا يطلق عليه «برنامج التموين» والذي يتم من خلاله تزويد 1752 دكانا في مناطق مختلفة بالبلاد، يتم عبرها بيع المواد الاستهلاكية بأسعار مدعومة طيلة العام.
ومنذ بداية شهر رمضان المبارك، بدأت السلطات أيضا توزيع كميات كبيرة من الأسماك والمنتجات الغذائية على الأسر الفقيرة، في العديد من مناطق البلاد.
كما بدأت جمعيات خيرية حملات لتوزيع مواد غذائية مجانا في الأحياء الفقيرة داخل كبريات المدن بما فيها العاصمة نواكشوط.
ولم يعد في مقدور كثيرين في البلاد توفير أبسط حاجياتهم، من المواد الغذائية من المحلات التجارية في الأسواق؛ بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية لهم وانتشار البطالة. وفي ظل الظروف التي تمر بها موريتانيا، والأزمة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، رجال الأعمال في بلده إلى أن يعوا جيدا حساسية الظرفية ومسؤوليتهم في تموين بلدهم بالمواد الأساسية.
وقال في لقاء مع رجال الأعمال 7 أبريل/ نيسان الجاري: «على جميع التجار ورجال الأعمال أن يفهموا أن هامش الربح في وضعية عادية ليس كما هو في وضعية غير عادية».
وأضاف الغزواني»يجب الاستمرار في تزويد البلد بكل ما يحتاجه من مواد وبأقل هامش ربح».