" أَيُّ كَلْبٍ يُمْكِنُ أَنْ يُوقِظَ حَيّاً فِي سَاعَةٍ، الْمُصْلِحُ يَحْتَاجُ إِلَى خَمْسِينَ عَاماً.."
(مقولة مأثورة)
ـ 1 ـ
إلى رفاقي في حركة 25 فبراير:
إلى كل الطامحين للتغيير نحو الأحسن في هذا البلد العزيز:
أيها الآملون في زمن عزت فيه الآمال الصادقة المتطلعة إلى غد أكثر إشراقا، غدٍ مليء بالوعود الحية، مستقبلٍ حي.
لا تتوقفوا أبدا عن الأمل..
لا تتوقفوا أبدا عن النبض.
فالوقت يبدو أكثر ملائمة للاستمرار في الأمل أكثر من ذي قبل..
الآن تبدو حظوظنا في تحقيق مطامحنا المشروعة لشعبنا ووطننا أكبر بكثير مما يتصوره ضيقو الأفق: فالمجتمع يقتنع اليوم أكثر بما طرحنا من مطالب ونادينا به من مثل العدل والمساواة..
وفي الناحية الأخرى يبدو النظام الذي قارعناه أكثر عزلة، وأقل تأييدا في الأوساط الشعبية ـ منطلقنا ومرجعنا ـ خصوصا بعد تهاوي شعاراته البراقة أمام سوء صنيعه، ولا مبالاته بمعاناة الجماهير التي اتضح لها جليا زيف شعارات محاربة الفساد والمفسدين، وخدعة شعار الانحياز لهموم الفقراء الذي تبدى بعد فترة وجيزة عدم اكتراث النظام بحمله، وترجمته عمليا إلى خطوات تنفع الفقراء وتخفف من وطأة الحياة عليهم.
وهكذا فإن النظام الذي جابهناه دوما لاقتناعنا بعدم جديته في خدمة الوطن والمواطن يبدو أضعف بكثير هذه اللحظة، ودفاعاته أكثر وَهَناً، فهو لا يفعل شيئا سوى الهروب إلى الأمام: يبرر عجزه عن العمل في داخل البلد بالنجاحات الدبلوماسية الصورية (رئاسة الاتحاد الإفريقي التي تبدو رئاسة شرفية بروتوكولية أكثر منها عملية)، ويبرر فشلة في القضاء على الأزمات الخدمية الاجتماعية باستعراض منجزات وهمية (في مقابل الفشل في توفير الكهرباء يتبجح النظام ـ في أضحوكة مريرة ـ بتصدير الكهرباء للخارج!!).
ـ 2 ـ
إن ممارسة الأمل، هو فنكم النبيل يا رسل التغيير، ولا تعني هذه الممارسة بأي حال من الأحوال التخيل أو الركون للأحلام ، فالأمل كما مارستموه دائما كان عبر العمل الجاد، والنضال الصادق، والتضحية العظيمة، فحيث وجد مطحونون في الحقول ينهكهم ظلم الإقطاع التقليدي فهناك بذرة لممارسة الأمل..
وحيثما وجدت سواعد منهكة،وجباه تتعرق في مصانع أو شركات يحاول مستغل أن يقتات عليها فهناك بذرة لممارسة الأمل..
وأينما وجد شباب ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وتطلع بكل جد إلى مستقبل أفضل فهناك بذرة لممارسة الأمل..
في المدارس، والمستشفيات، وطوابير التشغيل، في الحقول والمزارع، في الكزرات وآدوابه، مع المظلومين ـ وما أكثرهم ـ أينما كانوا توجد فرص لزرع الأمل، وترديد أناشيد الخلاص من الظلم والقهر والفساد والرداءة.
إن الحاجة ملحة لمضاعفة جهود النضال للإجهاز على نظام الرداءة الذي يفرض نفسه هنا.
ـ 3 ـ
لقد كانت ممارسة الأمل دائما بأسلوب راق وحكيم: بالسلم والصبر، ولكن في نفس الوقت بعدم التنازل عن الحق ورفض الظلم.
منطق رسل التغيير دائما ما كان هكذا، من النبي نوح عليه السلام وحتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الأول مكث 950 سنة يبشر بمثله: التوحيد والعدل، ولم يستفزه "النظام" إلى أن يترك موقعه المسالم رغم الأذية والسخرية، ولم يفارقه صبره وعزمه طيلة تلك الفترة، وفي النهاية انتصر نوح عليه السلام.
والأخير محمد صلى الله عليه وسلم لبث أكثر من عقد، يتحمل مرارة الهزأ بدعوته، ولم يفارق مثله السامية: التوحيد والعدل، ولم يستسلم للعنف حتى عندما قدر عليه.
لماذا؟
لأن رسل التغيير معنيون بالمستقبل أكثر من أي شيء آخر، ومهتمون أكثر بالتأسيس لغد لا جراح فيه ولا انتقام.. كذلك ينبغي أن يكون شأننا: سلم وصبر حتى تحقيق الانتصار، وهو لا محالة قادم وقريب، أقرب مما نعتقد جميعا.
ـ 4 ـ
إن فجرا ينتظر هذه البلاد، نحن من سيوقده، أقصد نحن دعاة التغيير السلمي نحو دولة الكرامة، دولة الديمقراطية والعدل والرفاه.
وكما تعلمون فإنه قبل الفجر كثيرا ما نعاني من الظلمة، فلا تبتئسوا، فالفجر قادم.
سيد ولد محمد الامين
27 سبتمبر 2014